على امتداد أربع ساعات كاملة روى أبطال معركة جزيرة شدوان قصتهم، مع الهجوم الغادر الذى شنه العدو الإسرائيلى، واستمر 36 ساعة انتهت نهار 24 يناير 1970 بطرد العدو وفشله فى احتلال الجزيرة.. تحدث أبطال المعركة من رجال الصاعقة والقوات البحرية فى مؤتمر صحفى، نشرته «الأهرام» 1 فبراير، مثل هذا اليوم، 1970، وكانت أرواح شهداء هذه الملحمة البطولية ترفرف بحضورها أثناء سرد ما حدث، والذى وقع أثناء حرب الاستنزاف المجيدة.
كان الملازم أول محمد شريف كامل اللقمانى، قائد القوة التى كانت موجودة بالجزيرة أول المتحدثين، وشرح تفاصيل الموقف منذ بداية الغارات الجوية للعدو وقصفها المتواصل، وقال إن خسائر العدو فى تقديره لا تقل أبدا عن خمسين قتيلا وجريحا، وأنه شاهد جثتين للعدو جرفهما التيار بعيدا عن الساحل، كما شاهد بعد انتهاء القتال الكثير من المعدات الطبية كأنابيب الجلوكوز فى الجزيرة، ما يدل على نسبة كبيرة من الجرحى، وأكد أن العدو نقل قتلاه وجرحاه بطائرات الهليكوبتر.
وتحدث النقيب ناجى مصطفى صالح، قائد سرب لنشات الطوربيد عن بطولة القوة البحرية فى المعركة، وتوقف أمام بطولة المقدم الشهيد بحرى حسنى حماد، الذى كان يعطى تعليماته وتوجيهاته للاشتباك مع قوات العدو والهرب من الهجوم الجوى على اللنشات المضادة للطائرات، حتى دخلت طائرة ميراج مرمى مدفعية مقدمة الزوارق فأصيبت وسقطت من السماء مشتعلة، وأصيب المقدم حسنى وبعض الأفراد.
وقال إنه فى الساعة الثانية عشرة وعشرين دقيقة، وبعد نصف ساعة من الاشتباكات، وهذا وقت طويل جدا بالنسبة لقطعة بحرية صغيرة تشتبك مع طائرات العدو المهاجمة باستمرار، وجد قائد السرب أن اللنش سيغرق، فأعطى أمره للرجال بإلقاء أنفسهم فى الماء مع مجموعات، وارتدى المقدم حسنى طوق نجاته لأنه ليس من قوة الزورق، وألقى بجانبه طوق نجاة آخر ليستند إليه، وحاول إغراق نفسه ثلاث مرات طوال مرحلة السباحة إلى الشاطئ أمام إحساسه بأنه عبء على الرجال، ويعوق وصولهم.. يضيف النقيب ناجى، أنه بعد 9 ساعات وصل الرجال إلى شاطئ الجزيرة، وحينها استشهد المقدم حسنى.
وتحدث المقاتل محمد جوهر، المدفعجى فى لنش القيادة، الذى استطاع بنيران مدفعه أن يحول بين طائرات العدو والاقتراب من مرمى نيرانه بتحكمه فى المدفع، ودقته فى التصويب.. كان يعلم أن أى طائرة تريد أن تصيب اللنش كل ما تحتاجه هو عشر ثوانى فقط، وهذه الثوانى العشر يجب ألا يسمح هو بها هو لأى طائرة.. أما الجندى نجيب بشاى أقلاديوس، فتحدث عن أنه هو ومجموعته واجهوا أول محاولة هبوط طائرة هليكوبتر للعدو أمام موقعه، وخرج منها قوات للعدو نادى قائدها بأنه لا مفر من استسلامنا، فقرر هو وزملاؤه الاستجابة للنداء كخديعة، وربطوا منديلا أبيض فى بندقية ولوحوا بها أمام العدو فتقدم جنوده، وعندما أصبحوا على مسافة قصيرة، فتح جوهر وزملاؤه نيرانا كثيفة عليهم فأوقعت بهم خسائر جسيمة.
أما الرقيب مؤهلات حسين صابر، فقال إنه هو ورجاله استطاعوا منع العدو من التقدم، وعندما احتاج موقعه إلى ذخيرة لم يتردد الأبطال فى دخول منطقة القصف وعادوا بصناديق الذخيرة، واستشهد الجندى السيد أحمد السيد بعد أن أحضر بعضها، وحكى الرقيب محمد محمد عبدالعال عن استشهاد زميله العريف عبدالعزيز عبدالهادى، الذى نجح أيضا فى إحضار صناديق الذخيرة بين النيران، وكان أول شهيد فوق أرض الجزيرة، والشهيد الجندى حسن فيصل الذى كان سلاحه مخصصا للضرب على الأفراد، ولكنه أمام اقتراب طائرات الهليكوبتر ودخولها مرمى نيران سلاحه لم يمنع نفسه من التصويب والاشتباك معها حتى اكتشفته إحدى الطائرات، واقتربت منه وأردته شهيدا، والعريف مرزوق عبدالعزيز عبدالعال الذى كان يعمل على مدفع هاون، وكان ينقل باستمرار مدفعه من مكان إلى مكان حتى لا يكتشف العدو مكانه، حتى نال الشهادة.
كان الجندى سليمان عبدالمجيد سليمان، آخر المتحدثين، وقال إنه توجه مع مجموعته على لنشين للجزيرة لاستطلاع الموقف، وحاولت طائرات العدو مهاجمتهما ولم تنجح، وعلى مسافة 250 مترا نزل مع رجاله فى قارب صغير، وجدف حتى وصل إلى الشاطئ، وعندما وجد حراسة للعدو فى المنطقة، وضع خوذة على طوبتين أمام جندى الحراسة، والتف من خلفه ليصل إلى رجال الجزيرة ليعرف منهم حقيقة الموقف، ثم عاد إلى اللنش ليبلغ بأن العدو يحتل الجزيرة، وعندما ظهر اللنش أمام طائرات العدو هاجمته، فأصيب البعض، ومال اللنش ثم غرق، ووصلوا هم إلى الشاطئ بعد رفع جهاز اللاسلكى من اللنش وأسلحة الأفراد، وشكلوا مجموعة من ثلاثة أفراد استمرت فى عمل كمائن للعدو والإغارة على مواقعه حتى وصلت قوات الدعم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة