عادل السنهورى

الرفاهية والصحة النفسية للمدرس والطالب

السبت، 12 فبراير 2022 08:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

داخل الجناح الفنلندي بإكسبو دبي 2020 دار نقاش مهم بين الحضور – وغالبيتهم من دول الشرق الأوسط وآسيا- وخبراء تعليم من فنلندا.

السؤال الذي سيطر على الجميع في الندوة هو، كيف تحقق هذه الدولة الأوروبية الصغيرة التي تقبع في شمال أوروبا وعدد سكانها لا يتجاوز 6 ملايين نسمة هذا المعدل الكبير من التقدم في التعليم لديها.. فهذه الدولة لا تزال من بين أفضل الدول على مستوى العالم في النظام التعليمي.

الجالسون على المنصة من خبراء التربية والتعليم في فنلندا أكدوا على أن الرفاهية والصحة النفسية في التعليم تعتبر محط تركيز واضح في فنلندا، والنهج التعليمي الذي تتبناه الدولة لا يقتصر على التركيز على رفاهية الطالب، بل يتعداه ليشمل المعلم أيضاً.

مدير برنامج ما يسمى بـ “تعليم فنلندا" يوضح أن بلاده نجحت بالجمع بين تحقيق الأداء العالي والشعور بالرضا والسعادة. وليس ذلك فقط بسبب الأساليب التربوية المتنوعة التي يتبناها المعلمون في حياتهم المهنية بشكل يومي، ولكن أيضا بسبب التركيز على رفاهيتهم الجسدية والعقلية من خلال المبادرات المختلفة وبيئات التعلم المادية. هذه الحلول نجحت بإعطاء المدارس الفنلندية مرونة في مواجهة جائحة كورونا، وتتميز بإمكانية تطبيقها على المدارس في البلدان أخرى.

هذه البرامج أو الحلول مثل برنامج مكافحة التنمر يساهم البرنامج في زيادة الوعي واتخاذ تدابير ملموسة لمعالجة حالات معينة من التنمر، بحيث تكون المدرسة مكانا آمنا ومريحا للجميع وليست مكانا مخيفا أو مرهقا للطالب، مما يعزز وجود بيئة تعلم إيجابية وطلبة أكثر سعادة ورفاهية.

فكورونا شكلت تحديا كبيرا للمدارس، إلا أن هناك أيضا دروسا تم تعلمها، أحد هذه الدروس هو إدراك أهمية الرفاه الاجتماعي والعاطفي كأحد أسس التعلم، وهو الأمر الذي حرصت فنلندا على تبنيه قبل فترة طويلة من تفشي الوباء.

رغم هذه التحديات لكن هناك اتفاقا على ضرورة الاستمرارية في هيكلة القطاع التعليمي وجعل تطوير الكفاءة جزء أساسي من النهج المتبع بما يلبي متطلبات سوق العمل، مثل أهمية إدخال الخدمات الرقمية لضمان استمرارية التعليم وتوفير البيئة العلمية الداعمة للإبداع والابتكار والريادة.

فنلندا تعتبر خير مثال على بلد لم يتبع الكثير من المبادئ العالمية لإصلاح التعليم، فلا توجد اختبارات قياسية موحدة أو عمليات تفتيش على المدارس، لكن نظام التعليم يعتمد على المساءلة "الذكية". ويعني هذا أنه في حين توجد معايير وطنية لجودة التعليم والتدريس في شكل مناهج أساسية وقوانين وقواعد وطنية، فإن النظام التعليمي لا يصنف المدارس على أساس نتائج الاختبارات. ومع ذلك، فالتقييم الذاتي للمدارس ومقدمي الخدمة التعليمية موجود ويطبق بانتظام.

فسياسة التعليم في فنلندا تعطي أهمية أكبر للجودة وأهمية أقل للرقابة والمنافسة.  فالمدارس والمدرسون والسلطات المحلية محل ثقة، وهناك توافق سياسي في الآراء بشأن أهداف التعليم المتفق عليها عموما.

رفاهية الطالب والتخفيف عنه تقع في صلب الاهتمام. ومعظم الطلاب في فنلندا يذهبون إلى مدرستهم الحكومية القريبة من محل إقامتهم، وهي مدرسة شاملة يتعلم فيها كل فئات المجتمع معا. ويتبع نظام المدارس الشاملة الفنلندي استراتيجية بلدان شمال أوروبا من أجل تحقيق المساواة في تعليم عالي الجودة يقوم على نظام مدرسي تموله الحكومة. ويتم ذلك دون انتقاء أو تقسيم الطلاب إلى مجموعات خلال مرحلة التعليم الأساسي التي تستمر حتى نهاية الصف التاسع.

 

ويحظى المعلمون بالتقدير في المجتمع الفنلندي ولا يقبل برنامج إعداد معلمي المرحلة الابتدائية إلا نحو 10% فقط من المتقدمين، وهو برنامج للحصول على درجة الماجستير مدته خمس سنوات ضمن نظام التعليم الجامعي منذ سبعينيات القرن الماضي.

ويتميز نظام التعليم الفنلندي بعدة خصائص منها تحقيق تكافؤ الفرص للجميع.  ومع ذلك، يبدو أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للطلبة يلعب أيضا دورا في فنلندا وفقا لأحدث نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب.

فقد زاد عدد الطلبة الذين ينتمون لأسر من طبقات اجتماعية واقتصادية منخفضة بسبب البطالة على نحو خاص. وبالإضافة إلى ذلك، يمارس عدد أقل من الطلاب هواية القراءة خلال أوقات فراغهم وهو ما يرتبط بانخفاض أداء الطلاب الذي لوحظ في أحدث نتائج برنامج التقييم الدولي للطلاب. ويشكل ازدياد عدم المساواة في التعليم مصدر قلق كبير لخبراء التعليم وصناع القرار في فنلندا.

نموذج ما يسمى بـ"المدرسة الشاملة" هو ما تفتخر به فنلندا منذ تأسيسها قبل 105 سنوات. ومع ذلك، يتم تحليل ومناقشة النموذج لدعم رفاه الطلاب وإعدادهم للمستقبل في عالمنا الذي يتسم بالعولمة ودائم التغير.

وفي 2017 تم طرح رؤية جديدة للمدارس الشاملة في البلاد، وشملت المبادرات المطروحة في إطار هذه الرؤية: تعزيز التطوير المهني للمعلمين، وإدخال أنشطة جديدة في التجارب والابتكارات، وتوفير مدربين للمدرسين في كل مدرسة من أجل دعم الرقمنة والنهج التربوية الجديدة، وتعزيز تدويل التعليم، وضمان أن المدارس الفنلندية "تحرز تقدما" في تشجيع النشاط البدني للطلاب لضمان أن كل طالب يمارس التدريبات الرياضية ساعة واحدة على الأقل يوميا.

وفى الواقع هناك تكاتف من أجل توفير تعليم عالي الجودة من الجميع، وتشارك في ذلك مختلف الجهات الفاعلة مثل أعضاء البرلمان وسلطات التعليم على جميع المستويات ومديري المدارس والمدرسين وغيرهم من الموظفين العاملين في المدارس وأولياء الأمور والطلبة وأعضاء المجتمع المحلي.

الرؤية الشاملة وتضافر الجهود من الجميع أساس تقدم التعليم وأظن أن مصر تمضي في هذا الطريق حاليا رغم كثير من العوائق لكن المهم الاستمرار حتى نصل للنهاية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة