فى أوقات كثيرة تجبرك الظروف على تحمل المسئولية فى سن صغيرة، لأسباب عدة منها فقدان الأب أو الأم، أو المرض لأحد الوالدين أو ظروف المعيشة الصعبة التى قد تجعل الطفل يتحمل المسئولية ويحرم من متعة الطفولة أو أن يعيش سنه فى هذا الوقت، ولكن هناك من يكون على قدر المسئولية وهناك قد لا يتحمل ذلك وتكون النتيجة انضمامه لأطفال الشوارع أو أن يتجه للتسول وخلافه.
وفى هذا المقال أتحدث عن طفل الليمون الذى أعطى دروسا كبيرة لشباب يجلسون ليل نهار على المقاهى بحجة البطالة، وعدم إيجاد فرصة عمل، وكذلك أعطى دروسا لمن يقوم بالتسول وسؤال الناس، رغم تمتعه بصحة جيدة وهؤلاء كثر نجدهم عادة فى إشارات المرور ومواقف السيارات وفى مختلف الشوارع الرئيسة، هذا الطفل فقد أبويه وهو فى سن التاسعة من عمره ولديه أخ وأخت، الأخت تصغره بـ 4 سنوات وشقيقه الأصغر يصغره بـ 5 سنوات.
هذ الطفل رغم صغر سنه لم يستسلم للظروف، وأبى أن يتجه للتسول، بل قرر أن يعمل من أجل أن يصرف على أشقائه، فى وسط جحود كبير من أقاربه أعمامه وخالاته، الذين رفضوا حضور جنازة والديه، وهو الشعور الأصعب لأى طفل أو شاب فى هذا الوقت، أن تجد أقاربك يتخلون عنك فى أحلك الظروف، هذا الطفل والذى يدعى أحمد قرر تحدى الظروف والعمل من أجل الحياة، فقرر شراء ليمون بمبلغ 300 جنيه والوقوف فى أحد الشوارع الرئيسية والمتاجرة من أجل ربح بسيط لا يذكر ولكن بالنسبة له مبلغ كفيل بأن يعيش هو وأخوته مستورين بدون اللجوء للتسول.
عزة نفس طفل الليمون، تجعله يرفض أى مساعدة من أحد، فالكثير عرضوا عليه مبالغ مالية كمساعدة دون الشراء منه ولكنه رفض بشده، ويقول مقولته الشهيره" أنا ببيع ليمون حضرتك عايز تشترى الكيس بـ 15 جنيه، بس أنا مش بشحت ولا باخد مساعدة من حد"، هذا الكلام والرد جعل هذا الطفل نموذج فريد، ووجه رسائل عديدة لشباب ورجال يملئون الشوارع بحجة التسول والظروف الصعبة، ورغم الطقس السىء والبرد القارس يقف هذا الطفل فى الشارع بتيشيرت نصف كم لأن ليس لديه لبس شتوى، وكل ما يتحصل عليه فى نهاية اليوم هو مبلغ 55 جنيه فقط عقب قيامه ببيع كامل كمية الليمون التى لديه، هذا المبلغ يقوم بشراء أكل عباره عن " فول وجبنه ولانشنون" هذا كل الأكل الذى يتناوله هو وأشقاؤه، كما أن شهامته ورجولته تجعله يرفض نزول شقيقته الصغرى فى الشارع لأنه يخشى عليها، ويكتفى بنزوله هو وشقيقه الذى عمره لا يتخطى الـ 7 سنوات، هذا التصرف يبرهن رجولة وشهامة هذا الطفل وكيف يخشى على شقيقته كى لا تتعرض لأى أذى.
هذا الطفل "أحمد" يجعلك تنظر لنفسك بعين التقصير، فأمام هذا التحدى والإصرار والعزيمة يجعلك تفكر وتنظر للظروف التى تواجهها مهما كانت تجدها تافهة وصغيرة أمام ما يواجه هذا الطفل، الذى ترك محافظته وقام بتأجير شقة بمبلغ 400 جنيه ولا أحد يسأل عليه من أقاربه، يعيش هو وأشقائه ممن ما يتحصلون عليه من ربح من خلال تجارته الصغيرة، محاولات كثيرة بمساعدته ولكن الرفض هو إجابته الوحيدة، وجمله أنا مش بشحت" هى السائدة على لسانه، فتحيا لهذا الطفل الشهم، صاحب عزة النفس، هذا الطفل بتصرفاته جعلته نموذج فريد، ووجه رسائل لا تعد ولا تحصى لشباب يملؤون الكافيهات والمقاهى ليل نهار بحجة البطالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة