كان الفنان الموسيقار محمد فوزى، يرقد فى الدور التاسع فى المستشفى «التذكارى» بنيويورك، للعلاج من المرض النادر الذى أصابه، وكانت زوجته «كريمة» بجواره أثناء زيارة الكاتب الصحفى كمال الملاخ له بالمستشفى، والذى أجرى معه حوارا نشرته جريدة الأهرام فى عددها، 25 فبراير، مثل هذا اليوم، 1966.
كان «فوزى» مصابا بمرض نادر، حير الأطباء وقتها، وقيل إنه «سرطان العظام»، وفيما بعد قيل إنه «تليف فى الغشاء البريتونى الخلفى ناتج عن أورام سرطانية»، وتظهر الحيرة فى تشخيص مرضه من خبر نشرته جريدة الأخبار فى عددها، 21 فبراير 1965، بصفحتها العاشرة، يقول : «قرر الدكتور عبدالقادر حاتم، نائب رئيس الوزراء للثقافة، سفر المطرب الملحن محمد فوزى للعلاج على نفقة الدولة، بعد أن قرر أطباء الجمهورية العربية، أنه لن يمكن علاجه إلا فى الخارج، وكانوا جميعا اختلفوا فى تشخيص مرضه»، سافر «فوزى» إلى لندن، ثم عاد إلى القاهرة، وبعدها سافر إلى ألمانيا، وأخيرا كان سفره إلى نيويورك، وفى المستشفى «التذكارى» الذى كان يعالج فيه، زاره «الملاخ»، وأجرى حوارا معه يذكر فى مقدمته أن زوجته «كريمة» هى التى تلازمه فى أزمته الصحية منذ عامين، وأثناء الحوار حضر قنصلنا العام فى نيويورك، سعيد السيد، الذى شكره فوزى لاهتمامه به وزيارته يوميا له.
كان الحوار متنوعا، لم يتناول حكايات المرض وتطوراته، وفى مستهله قال فوزى للملاخ: «قبل أن نتكلم، أريد منك والله أن نشكر الرئيس والمسؤولين، نشكر الدولة، نشكر إخواننا اللى أشعرونى فى غربتى أننى فى بلدى، وبعدين نتكلم»، ثم تحدث مباشرة عن الموسيقار محمد عبدالوهاب، وفيما يبدو أنه كان يعلق على شىء ضايقه قيل فى حقه وقتئذ، يقول: «على فكرة أنا قرأت إن ناس كثير اتكلموا عن الموسيقار عبدالوهاب، واحد قال إن عبدالوهاب فنان موهوب، وإنما تنقصه الثقافة، وقال واحد تانى أنه لما بيسمع عبدالوهاب إنما يسمع الرصيد اللى له فى البنك، إحنا ما زلنا مش فاهمين إحنا بنعمل إيه، ناس بتخلط بين الغربى والعربى، أنا أستاذ فنان بلحن لأم كلثوم، يعنى لازم أكون بأعرف أعزف على البيانو، يكفى أن أكون دارس الموسيقى الشرقية، وعبدالوهاب دارس الموسيقى القديمة، مثل ألحان عبده الحامولى ومحمد عثمان»، ويحاول محمد فوزى أن يتذكر فتسعفه زوجته كريمة، فيستطرد: «وسيد درويش، وبالطبع زائد التواشيح، والحاجات دى كلها، كما أنه أستاذ فى النغمات وأستاذ فى كتابتها، ثم أنا متفق إن عند عبدالوهاب رصيد، بس عنده رصيد فى الفن، يعنى يخلى الناس تسمعه، عبدالوهاب معجزة فنية، عنده إحساس الفنان الصادق، وأخلاق الفنان العادية، عبدالوهاب هو عبدالوهاب، مهما قالوا فى الدهب، فالدهب دهب، ولا إيه؟».
يصف «الملاخ» حالة فوزى، وهو يحاول أن يستريح برأسه، مشيرا إلى أنه بذل مجهودا كبيرا وهو يحاول أن يشد الملاءة إلى صدره، وأسرعت زوجته إليه تسند رأسه وتغطيه، وكان بجواره باقة زهر أحمر جميل، فسأله الملاخ: ممن؟.. يجيب : «ربنا يستره بالخير من مستشارنا الثقافى فى واشنطن فتحى بهيج»، يضيف «الملاخ»: بين آنية الزهر ورأس محمد فوزى، ذراع أخرى من حديد يمكنك أن تمدها أوتكمشها، تحمل فى نهايتها المفرودة جهاز تليفزيون صغير الشاشة، وأحاول أن أغير حديث المرض بعد أن دخلت علينا ممرضة تنبهه بأنها ستعود لتعطيه حقنة، ورأى الطبيب المصرى دكتور عبدالرحيم عمران الذى كان يزوره لحظتها، أن يتفاهم مع الطبيب الأمريكى بشأنها، قلت لفوزى: بتتفرج على التليفزيون هنا؟
يجيب «فوزى»: مش ممكن تتفرج على حاجة فى التليفزيون هنا.. ده بين كل دقيقة ودقيقة.. دقيقة إعلان، وحاجة تانية غريبة جدا لاحظتها هنا فى التليفزيون، الناس بدأت تحب الحاجات الخرافية زى ..زى (ترد كريمة زوجته تحاول أن تسعف ذاكرته.. زى مسلسلة «الرجل الوحش»، و«مغامرات جيمس بوند»، الحاجات غير الطبيعية دي»، يسأله الملاخ: «يا ترى إيه البرنامج اللى بتحرص على رؤيته فى تليفزيون بلدنا، وبمعنى تانى، إيه البرنامج اللى شفته مرة وبتحرص على إنك تتبعه، والبرنامج اللى شفته مرة وبتحرص على ألا تراه تانى»، يجيب: «أحب المسرحيات الحية على الهواء، تبدو طبيعية، وعلى فكرة البرامج الموسيقية ما زالت عندنا تعرض على أسلوب حفلات التخت مفيهاش تجديد».
وعن البرنامج الذى لايحبه، يقول: لا حرام.. مش عاوز أقول عليه أحسن صاحبه يدعى عليا»، يكشف: «على فكرة أنا كنت سأقدم برنامج جديد فى التليفزيون، ولكن المرض هو اللى منعنى، كنت حاعمل برنامج كل شهر، وكان فيه رواية حلوة كويسة ألفها محمد كامل حسن، .ولكن مرضى جعله يكسل يكتب الحوار، موضوعها مثير وغنائى فى ذات الوقت، فيه رعب وفزع وغناء، يعنى حركة ومسرح ورقص، تدور فيها عدة جرائم، كانت مكونة من 13 حلقة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة