"لو جيت فى يوم أرسمك هارسم أمل بسّام أرسم حضارة، ومدن وأبراج حمام ويمام أنا كل يوم هارسمك تصويرة لونها جديد هرسم كفاحك عمل وأرسم صمودك إيد".. بهذه الكلمات عبرت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى عن سعادتها بمعرض ديارنا بالقاهرة عبر صفحتها الشخصية " الفيس بوك " بمقطوعة غنائية للفنان النوبى العالمى حمزة علاء الدين، وأبدأ حديثى عن هذه النسخة الفريدة لمعرض ديارنا بالحديث عن "النوبة" ضيف الشرف البديع والأصيل والراقى والجسور.
وإلى نص المقال:
من عبق النوبة العطر، ومن قلبها الدافئ الحنون، ومن أصالة معدنها الذهب، ومن كرم نيلها الجارى، ومن خير نخلها الباسق، ومن دفء شمسها الساطع، ومن جمال فنها المتفرد؛ تتحدث أيادى سيدات النوبة البارعات ورجالها الأصلاء فى 38 قرية نوبية، ويشارك بعضها فى معرض ديارنا... "مصر بتتكلم حرفى”!
على ضفاف نهر النيل الخالد ومن الجنوب من مدينة أسوان؛ تقع النوبة أو أرض الذهب الجميلة (النوبة من النوب وهو الذهب)، والجمال فى النوبة يقدم نفسه على المداخل والبيوت المزخرفة بألوان الشمس وبرائحة السعادة، الرسوم التى تزدان بها البيوت هى مستوحاة من الفن النوبى والفرعونى والقبطى والإسلامى، وهو ما يعكس ثقافات مصر الممزوجة فى بوتقة واحدة تغنى فى حب مصر. ويؤكد المؤرخون أن الزخارف النوبية ذات الطابع الشعبى تحمل دلالات رمزية وهى محملة بالقيم الاجتماعية والثقافة البيئية، حتى يصبح الشكل المرسوم قريبا من الحياة اليومية للمواطن النوبى، وكثير من الرسوم قد تبدو بسيطة للوهلة الأولى، إلا أنها تحمل عمق التاريخ وأصالته، وثراء المجتمع وعاداته.. مزيج من النخيل والأعلام.. الهلال والصليب والنجوم والمثلثات.. الزهور والفاكهة، المراكب والسمك وأصداف البحر، الحيوانات الأليفة والقوية... عالم يحوى وراءه كثير من الأسرار العميقة حتى وإن يبدو بسيطاً طيباً.
يمتد الجمال من المنازل لأهل النوبة الكرام، ذوى الحس الرهيف والفطرة الذكية.. فالمواطن النوبى يعشق الفن بطبعه، سواء كان رسماً أو نسجاً وعزفاً.. ويعد الفن النوبى من الفنون التى نجحت فى إثراء الثقافة الفنية المصرية بفن مميز دون أن يذوب فى الفنون الأخرى، كما استطاعت الدفوف ذات الهوية المصرية الأفريقية أن تدق مكاناً لنفسها وسط كثير من الآلات الحديثة. وجاء صوت النيل الرقراق والريتم الأفريقى الجريء ليغزلا لوحات أدبية تمثلت فى صوت الفنانين عبده ميرغنى وحسن جزولى وحمزة علاء الدين وأحمد منيب ومحمد منير، والفنانات يحبوجية وشالوية، وشعر الأديب محى الدين شريف، وجسارة الجندى أحمد إدريس. أما سيدات النوبة العزيزات، فنتعلم منهن الصلابة والرفق، وسبل الحفاظ على كيان الأسرة المصرية، هذا بالإضافة إلى دورهم المجتمعى القوى فى وحدة الصفوف وفى أصول التكافل الاجتماعى.
اخترنا لمعرض "ديارنا" فى دورته الثالثة هذا العام أن تكون النوبة ضيف شرف، لنبرز جماله ونعلمه للأجيال، ولنساهم فى أبواب رزق لأيادى شريفة تغزل بيدها الخوص، والكليم، والإكسسوار والمشغولات اليدوية، وأعمال الخرز والرسم، والمأكولات النوبية.. إبداعات للمرأة النوبية والرجل أيضاً يبدع فناً يدوياً، ويعملان معاً للحفاظ على تلك الثقافة وعلى زيادة العائد المادى للأسرة.
يُقام معرض ديارنا على مساحة أرض 3500 متر من أصل 5000 متر بالقاهرة ويستضيف 355 منتجاً وعارضاً من كافة أنحاء الجمهورية ليثروا يثرى المعرض بمنتجاتهم وهى نتاج تعبهم على فترات هم وأسر منتجة تعمل معهم تركوها فى ديارهم ولكن حملوا معهم منتجاتهم سعياً للرزق ومشاركة للجمال.
شاركوا معنا مجموعة من الجمعيات والمنتجين بمنتجات صديقة للبيئة ومجموعة أخرى من اولادنا من ذوى الاعاقة ومجموعة من اللاجئين على ارض مصر الحبيبة. نورتوا المعرض.
وعلى هامش المعرض؛ تقيم وزارة التضامن عدة فعاليات نوبية بديعة نعلن عنها لاحقا، سنرتدى الملابس النوبية وسنتحدث أيضا للغة النوبية الجميلة وهى لغة نيلية صحراوية، يتحدث بها أهالى النوبة، ويصل عدد الناطقين بها نحو مليون نسمة.
رسالة حب من القلب لجميع أهالى النوبة فى الجزر المختلفة : جزيرة أسوان وسهيل وهيسا وعواض والغابة وبجا وفيلة، وتحية لبيوتها التى تنبض بالحياة والروح، ولأهاليها وفنانيها الملهمين والمبدعين.
الاحتفاء بالنوبة وإبداعاتها يأتى ضمن اهتمام الدولة المصرية التى تجمع شمل جميع المصريين، وتسعى لبحث وحل أى مشكلات تراكمت خلال العقود الماضية، وفى جهود مكثفة وجدية لتعويض المضارين من بناء السد العالى وتعلية خزان أسوان، كما تعمل بعزم على سرعة الانتهاء من تنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية والعمرانية فى النوبة وبمشاركة أهلها الكرام الهمام.
تحية كبيرة وعظيمة لشركائنا الأعزاء الذين يؤمنون بالفن والتراث، والذين يدفعون أبواب الرزق فى الأسواق المصرية أيا كان نوعها أو مكانها، والذين نفخر بشراكتهم معنا ونقدر حسهم الوطنى والنبيل بالمسئولية المجتمعية.
معرض ديارنا فى نسخته الجديدة يقوم على الرقم 7 أيضا، وهو الرقم النوبى المميز لارتباطه بالعديد من العادات النوبية؛ حيث ينزل المولود لمياه النوبة فى اليوم السابع من الولادة، وتمر المرأة عقب الإنجاب 7 مرات على البخور، ويحتفل النوبيون فى 7\ 7سنويا من كل عام باليوم العالمى للنوبة احتفاء بالتراث والحضارة، ونحن أيضا اخترنا الرقم 7؛ ننهى المعرض فى 7 مارس، ونقيمه فى اليوم السابع من الأسبوع، ويستمر لأسبوعين.
وأسعد بإنهاء كلمتى بجملتين نوبيين: "فضلوس.. أدرجيج جور رابور"، ومعناها "أهلا وسهلاً.. نحن سعداء بوجودكم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة