يقال إن ذلك الشخص موهوب، على من يقدم عملا إبداعيا أو شيئا خارج الحدود والإمكانات التقليدية، والتى يتميز بها عن أقرانه، بسبب شىء ما لا يخضع للتفسيرات التقليدية أو الاحتكام لتعريفات محددة خارج عن الأطر والقوانين المعروفة فالموهبة تولد مع الشخص وتصاحبه وتلازمه منذ مجيئه للدنيا دون أن يكون له يد فى ذلك فهو أمر متعلق بمنحة إلهية أو مكافأة ربانية لشخص ما، قدرات خاصة أودعها الخالق فيمن يشاء تختلف عن أمثاله، لذلك فهو شىء غير مكتسب ولا تأتى بالممارسة أو تكرار فعل ما، الذى يكسب صاحبه المهارة والإتقان ولكنها تختلف عن الموهبة الفطرية.
لذلك هناك من يتجه للتفرقة بينها وبين الإبداع، حيث يرى أنصار هذا الفريق أن المبدع شخص طبيعى بقدرات عادية لا تختلف عن الأخرين لكنه استغل قدراته بطريقة مختلفة خارجة عن المألوف أو الطرق التقليدية، لإيجاد ناتج مختلف مستغلا إمكاناته، وعلى الرغم من ندرة الموهوبين والمبدعين على حد سواء فالبعض يعتبرهم عملة نادرة وكنز حقيقى لما لهم من قدرة غير طبيعية على إحداث تغيير إيجابى للمجتمع ويشكلون إحدى أدوات القوى الناعمة ذات التأثير الواسع حتى فى العلاقات الدولية ومكانة الدولة التى يتبعونها بين الدول.
ومن المعتاد أن تحظى الأمم بمثل هؤلاء المبدعين والموهوبين فى أحد المجالات الذين تميزوا بها وقدموا ناتجا انسانيا وإبداعيا راقيا، ولكن الأمر مختلف حينما يتعلق الأمر بـ"سمير صبرى" الذى يصعب تصنيفه وتقييمه سواء ووضعه فى خانة محددة سواء الموهوبين أو المبدعين فلو تخيلنا أن الإبداع والموهبة والابتكار والتميز أنهار يكفى المرء رشفة صغيرة من إحداها فإن "سمير صبرى" لم يكتف برشفة وإنما شرب منها جميعا حتى أرتوى أو غطس فيها بكامل جسده.
فالمتتبع لسيرة المبدع والموهوب سمير صبرى يجد تفوق غير عادى فى كل المجالات التى طرق بابها وعمل بها وكأن ذلك العمل قطعة صلصال يشكلها سمير كيفما شاء أو أحب فعندما عمل بالتمثيل اشترك مع عمالقة الفنانين ووقف أمامهم وقدم أداءً عبقريا بغض عن مساحة الدور وقدم أكثر من 200 عمل فنى متنوع، ما بين افلام سنيمائية ومسلسلات وأعمال إذاعية فضلا عن تنوعه ما بين الدراما والاستعراض والكوميديا.
كما شارك سمير صبرى كبار الفنانين وقدم أعمال فنية ناجحة ومنهم فريد شوقى، فؤاد المهندس رشدى أباظة كما شكل سمير صبرى ثنائيات ناجحة مع نجما وجميلات الفن وقتها ووفى المقدمة بالطبع السندريلا سعاد حسنى، ونيللى الذى تعاون معها فى 16 عملا فنيا، وسهير رمزى، ونجلاء فتحى كما أنتج العديد من الأفلام السينمائية التى قاربت على 22 عملا كان حريصا على تقديم الفنانين الذين تقدم بهم العمر.
ولم يكن نجاح سمير صبرى مقتصرا على الفن فقط حيث لازمه عندما عمل بالتقديم التليفزيونى وقدم العديد من البرامج الناجحة التى صارت أيقونة ومنهجا يتم الرجوع والاحتكام إليه قدم سمير صبرى خلال عمله التليفزونونى العديد من البرامج وفى القلب منهم النادى الدولى الذى استضاف فيه نخبة المجتمع الفنية والثقافية والسياسية موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، عبد الحليم حافظ، فريد الأطرش، ومن نجوم الاستعراض تحية كاريوكا، سامية جمال، داليدا، ومخرج الروائع حسن الإمام، ومن أهل الفكر والصحافة توفيق الحكيم، مصطفى أمين، موسى صبرى، يوسف السباعى، أنيس منصور وغيرهم من أعلام الثقافة والفن وكذلك الرياضة فى عشرات الحلقات التى رصد فيها سمير صبرى وقدم فيها صفحات مجهولة عنهم للجمهور.
كما كشف سمير صبرى عن جانب إبداعى كامن لدية وهو تقديم أولى البرامج التى صنفت أو يعتبرها البعض باكورة الصحافة الاستقصائية التليفزيونية فى برنامجه الشهير عن سعاد حسنى وتتبع قصلة وفاتها فلم يكتفى سمير صبرى بعرض التفسيرات التى قيلت قوتها وإنما سافر إلى لندن عاصمة الضباب والغموض وبحث وتقصى ورصد وفند بنفسه عشرات التفسيرات والقصص بعنوان "رحيل السندريلا" رافضا الرواية التى تشير إلى انتحارها.
ولأن سمير منهجا قائما بذاته وقماشة مختلفة أو مثل ألوان الطيف التى تتكامل فيها الألوان لتشكل لوحة ربانية بديعة، كذلك هو بموهبته وقدراته المتنوعة فقد سعى إلى تأسيس فرقة مسرحية قدمت العديد من الاستعراضات الفنية المبهرة.
سمير صبرى حالة فنية خاصة وموهبة من الصعب تكرارها اقترب من رموز الفكر والسياسة والفن خلال مشواره الحافل ملوك ورؤساء وفنانين ومثقفين ورياضيين حاورهم وحكى عنهم ولكنه كان مثالا للإنسان الملتزم المثقف الحريص على مشاعر ضيوفه فلا يقتحم مساحتهم الخاصة أو يسعى لكشف عوراتهم سعيا وراء نجاح رخيص مبتذل وفى وسط نجاحاته وتألقه كان هو الملاذ الآمن لزملائه من فارقتهم الأضواء وابتعدت عنهم الشهرة والمجد فكان هو مؤنسهم وصديقهم الوفى وهناك العشرات والمواقف الإنسانية التى فعلها سرا ويرفض الإفصاح عنها.
سمير صبرى الذى عاش سنوات فى ألم نبيل وصمت وكبراء كبير متعجبًا وهو يرى عشرات التكريمات من المهرجانات المختلفة دون أن يطرق احدهما بابه على الرغم م تكريكه من عشرات المهرجانات الأخرى ولكنها كانت جميعا خارج بلدة التى عشقها وكم كانت سعادته وفرحته بتكريمه من مهرجان القاهرة السينمائى وهو ما رواه بنفسه خلال حواره مع الزميلة والأستاذة زينب عبد اللاه عقب تكريمه مباشرة بقوله:" «كنت فرحان جدا بالتكريم، فخلال سنوات عملى الطويلة فى الإعلام والسينما والإذاعة والحفلات والمهرجانات التى غنيت فيها مع فرقتى الاستعراضية كنت أقول: نفسى اللى عملته طوال تاريخى حد يحس بيه، وكنت أحضر كل حفلات المهرجان منذ قدمت الحفل الأول عام 76، وأقول هل سيأتى اليوم الذى أصعد فيه هذا المسرح، وأخذ هذا التمثال، ويتم تكريمى فى المهرجان على مجمل أعمالى السينمائية، حتى أشعر أن السنوات التى قضيتها من عمرى فى الفن لم تذهب هباء' وكنت أشعر أن هذا اليوم لن يأتى لأن المعتاد تكريم الفنان بعد رحيله، حتى فوجئت بالتكريم فلم أتمالك دموعى وأنا أصعد المسرح".
هذا الفنان الكبير كان متخوفا أن يلاقى المصير الذى تحدث عنه يوسف السباعى فى مقدمته الشهيرة لروايته " أرض النفاق" والذى أهدى هذا العمل لنفسه بداعى أننا تعودنا ألا نذكر المبدعين ونكرمهم إلا بعد وفاتهم ورحيلهم عن الدنيا ولكننا نخبرك أننا نتذكرك دائما فأعمالك الفنية حاضرة، ومواقفك الإنسانية باقية ويكفى تربعك على قلوب محبيك من مختلف الأجيال حتى التى لم تشاهد فترة توهجك.. لك منا خالص الدعوات القلبية بالشفاء العاجل والمحبة الصادقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة