كيف انتقم أبو جعفر المنصور من عمه؟.. ما يقوله التراث الإسلامى

الأحد، 27 فبراير 2022 05:00 م
كيف انتقم أبو جعفر المنصور من عمه؟.. ما يقوله التراث الإسلامى البداية والنهاية
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الدولة العباسية قائمة على الصراع حتى بين الأخوة والأعمام ومن ذلك ما جرى من "عبد الله" عم أبو جعفر المنصور، فماذا عن الصراع، وكيف كانت النهاية وما الذى يقوله التراث الإسلامي في ذلك؟
 

يقول كتاب البداية والنهاية "ثم دخلت سنة سبع وأربعين ومائة":

فيها: أغار اشترخان الخوارزمى فى جيش من الأتراك على ناحية أرمينية فدخلوا تفليس وقتلوا خلقا كثيرا وأسروا كثيرا من المسلمين وأهل الذمة، وممن قتل يومئذ حرب بن عبد الله الراوندى الذى تنسب إليه الحربية ببغداد، وكان مقيما بالموصل فى ألفين لمقابلة الخوارج، فأرسله المنصور لمساعدة المسلمين ببلاد أرمينية، وكان فى جيش جبريل بن يحيى، فهزم جبريل وقتل حرب رحمه الله.

وفى هذه السنة كان مهلك عبد الله بن على عم المنصور

وهو الذى أخذ الشام من أيدى بنى أمية، وكان عليها واليا حتى مات السفاح، فلما مات دعا إلى نفسه فبعث إليه المنصور أبا مسلم الخراسانى فهزمه أبو مسلم وهرب عبد الله إلى عند أخيه سليمان بن على والى البصرة فاختفى عنده مدة ثم ظهر المنصور على أمره فاستدعى به وسجنه، فلما كان فى هذه السنة عزم المنصور على الحج، فطلب عمه عيسى بن موسى - وكان ولى العهد من بعد المنصور عن وصية السفاح - وسلم إليه عمه عبد الله بن علي، وقال له: إن هذا عدوى وعدوك، فاقتله فى غيبتى عنك ولا تتوانى.

وسار المنصور إلى الحج وجعل يكتب إليه من الطريق يستحثه فى ذلك، ويقول له: ماذا صنعت فيما أودعت إليك فيه؟ مرة بعد مرة.
 
وأما عيسى بن موسى فإنه لما تسلم عمه حار فى أمره وشاور بعض أهله فأشار بعضهم ممن له رأى أن المصلحة تقتضى أن لا تقتله وأبقه عندك وأظهر قتله فإنا نخشى أن يطالبك به جهرة فتقول: قتله، فيأمر بالقود فتدعى أنه أمرك بقتله بالسر بينك وبينه فتعجز عن إثبات ذلك فيقتلك به، وإنما يريد المنصور قتله وقتلك ليستريح منكما معا.
 
فتغير عيسى بن موسى عند ذلك وأخفى عمه وأظهر أنه قتله.
 
فلما رجع المنصور من الحج أمر أهله أن يدخلوا عليه ويشفعوا فى عمه عبد الله بن علي، وألحوا فى ذلك فأجابهم إلى ذلك، واستدعى عيسى بن موسى وقال له: إن هؤلاء شفعوا فى عبد الله بن على وقد أجبتهم إلى ذلك فسلمه إليهم.
 
فقال عيسى: وأين عبد الله؟ ذاك قتلته منذ أمرتني.
 
فقال المنصور: لم آمرك بذلك.
 
وجحد ذلك وأن يكون تقدم إليه منه أمره فى ذلك، فأحضر عيسى الكتب التى كتبها إليه المنصور مرة بعد مرة فى ذلك، فأنكر أن يكون أراد ذلك، وصمم على الإنكار، وصمم عيسى بن موسى أنه قد قتله، فأمر المنصور عند ذلك بقتل عيسى بن موسى قصاصا بعبد الله، فخرج به بنو هاشم ليقتلوه، فلما جاؤوا بالسيف قال: ردونى إلى الخليفة.
 
فردوه إليه فقال له: إن عمك حاضر ولم أقتله.
 
فقال: هلم به.
 
فأحضره فسقط فى يد الخليفة وأمر بسجنه بدار جدرانها مبنية على ملح، فلما كان من الليل أرسل على جدرانها الماء فسقط عليه البناء فهلك.
 
ثم إن المنصور خلع عيسى بن موسى عن ولاية العهد وقدم عليه ابنه المهدي، وكان يجلسه فوق عيسى بن موسى عن يمينه، ثم كان لا يلتفت إلى عيسى بن موسى ويهينه فى الأذن والمشورة والدخول عليه والخروج من عنده، ثم مازال يقصيه ويبعده ويتهدده ويتوعده حتى خلع نفسه بنفسه، وبايع لمحمد بن منصور، وأعطاه المنصور على ذلك نحوا من اثنى عشر ألف ألف درهم، وانصلح أمر عيسى بن موسى وبنيه عند المنصور، وأقبل عليه بعد ما كان قد أعرض عنه.
 
وكان قد جرت بينهما قبل ذلك مكاتبات فى ذلك كثيرة جدا، ومراودات فى تمهيد البيعة لابنه المهدى وخلع عيسى نفسه، وأن العامة لا يعدلون بالمهدى أحدا، وكذلك الأمراء والخواص.
 
ولم يزل به حتى أجاب إلى ذلك مكرها، فعوضه عن ذلك ما ذكرنا، وسارت بيعة المهدى فى الآفاق شرقا وغربا، وبعدا وقربا، وفرح المنصور بذلك فرحا شديدا، واستقرت الخلافة فى ذريته إلى زماننا هذا، فلم يكن الخليفة من بنى العباس إلا من سلالته: { ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } [الأنعام: 96] .
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة