أحد أكثر الكتاب الفرنسيين تأثيرًا فى عصر النهضة الفرنسى، كما كان رائد فن المقال الحديث فى أوروبا، هو الشاعر الفرنسى ميشيل دى مونتين، الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده، إذ ولد فى مثل هذا اليوم 28 فبراير من عام 1592م.
ميشيل دى مونتين كان يقلد اليونانيين والكلاسيكيين فى عادتهم في كتابة الحكم والأمثال فى ثوب مسجوع، كما كان متأثرًا بشكل كبير بكتابات الفيلسوف اليونانى أرسطو، مؤسس مدرسة ليسيوم ومدرسة الفلسفة المشائية والتقاليد الأرسطية، وواحد من عظماء المفكرين.
ولكن رغم تأثر ميشيل دى مونتين بكتابات أرسطو إلا أنه تفرد بأسلوبه المرسل، وظهرت شخصيته بوضوح، على كتاباته وأشعاره، كما اهتم بمشكلات عصره الفكرية والاجتماعية، ودرس الكثير من الأدب اليوناني واللاتيني القديم، وشاء أن يفكر مشاهير زمانه في النسج على منوال بعض أبطال اليونان وروما في حياتهم، كما كان من رجال حاشية الملك شارل التاسع ملك فرنسا الذى حكمها من 1560 حتى موته.
اشتهر ميشيل دى مونتين بمقالاته، والتى أصبح رائد هذا الفن من الكتابة، فيها بعد ذلك، حيث مرت كتاباته بمراحل تأثر فيها ببعض التيارات الأدبية إلى أن وصل مرحلة التطور التى أبدع فيها هذا الفن الجديد من الكتابة، وهو فن المقالة، فكان له فضل الريادة فيه، حيث كانت سنة 1580 هي سنة ميلاد المقالة على يده بعد ما يقارب عشر سنوات، حيث جمع ما كتب فى هذه السنوات (94) مقالة، ونشرها في جزئين تحت عنوان محاولات.
وكانت مقالاته يغلب عليها الطابع الشخصى، حيث كانت تحكى عن تجاربه الخاصة مدعَّمًا ببعض الأقوال المأثورة والحكم التى تأتى دون قصد، حيث أنه كان فيضا من التأملات العميقة والتجارب الشخصية الصادقة.
كما عبرت كتابات ميشيل دى مونتين الأولى عن خلاصة فترة العزلة التى فرضها على نفسه حيث يعيش حياه هادئة ويستطيع أن يقرأ لفترة طويلة، وبالطبع أنعكس ذلك على كتاباته، حيث تطبع على تلك الكتابات تأثيرة فى حياته بالعزلة وثقافتة التى اكتسابها خلال تلك الفترة، إلى جانب تأملاته واهتمامه بالأدب ومشاكل عصره الاجتماعية والفكرية، وكل ذلك ظهر عندما بدأ الكتابة فى 1571م، ليرحل عن عالمنا فى 13 سبتمبر 1592م.