أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: الاحتكار والانحياز.. التكنولوجيا ومواقع التواصل على الجبهة

الأحد، 13 مارس 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أيا كانت النتائج التى سوف تنتهى عندها الحرب بين روسيا وأوكرانيا والغرب، فإن كل التوقعات تشير إلى تغييرات وتحولات كبرى فى السياسة والاقتصاد، وقد ظهرت النتائج المباشرة فى صورة ارتفاعات فى أسواق الطاقة، وتحركات أوروبية لحصار الاقتصاد الروسى مع محاولات موسكو لكسر هذا الحصار، وبالتالى فإن التغيير ليس على الجبهة فقط لكن استعادة لحرب باردة انتهت وتركت نظاما وحيد القطب استمر ثلاثة عقود، شهدت تحولات جذرية وحروبا بقيت كلها خارج أوروبا، وبعيدة عن القارة واليوم تعود لتجدد المخاوف من تكرار حرب مدمرة تتسع بشكل لا يريده أى طرف.  
 
روسيا تتهم الولايات المتحدة وحلف الأطلنطى بتهديد أمنها القومى عن طريق أوكرانيا، وأن الغرب يحاول تغيير القواعد التى تم وضعها بعد الحرب العالمية الثانية، وترى موسكو أن الولايات المتحدة استغلت فترة القطبية الواحدة وتدخلت لإسقاط دول وتغيير أنظمتها بشكل لم يؤد إلى استقرار الأمن، بينما الولايات المتحدة والغرب يتهمان روسيا بمحاولة فرض قواعد أمنية جديدة. 
 
والواقع أن روسيا اليوم ليست هى روسيا التسعينيات ما بعد تفكك الاتحاد السوفيتى وانتهاء الكتلة الشرقية، وأيضًا الصين أصبحت قوة اقتصادية كبرى، وهو ما يتطلب إعادة بناء النفوذ والتوازن بشكل يتناسب مع واقع تفرضه التوازنات الاقتصادية.
 
الجديد أن الحرب تأتى فى ظل ثورة اتصال وتواصل ونشر وحروب معلوماتية ودعائية، ويحرص كل طرف على كسبها، وتدور على الهواء بل ويتم توظيف التكنولوجيا فى الحرب، الولايات المتحدة وأوروبا فرضتا عقوبات وحصارا اقتصاديا ضد روسيا، بل وتم توظيف نظام سويفت للتحويلات البنكية كأداة فى حصار يأتى فى وقت تتشابك فيه المصالح الغربية، حول الغاز والنفط، مع روسيا.
 
امتدت الحرب إلى أدوات التواصل وأصبحت شركات مثل جوجل وفيس بوك وتويتر طرفا فى الحرب، ومعها البنوك والمؤسسات المالية والاقتصادية الكبرى، جوجل وفيس بوك وتويتر أوقفت خدماتها وبعض التطبيقات فى روسيا، موسكو ردت بوقف مواقع التواصل، وأعلن فيس بوك السماح مؤقتا بالدعوة للعنف ضد الروس، واتهمت روسيا شركة «ميتا» المالكة لفيسبوك بمخالفة قواعد النشر، وطلب المدعى العام الروسى من المحكمة اعتبار شركة «ميتا» المالكة لفيسبوك متطرفة وحظر كل أنشطتها فى روسيا.
 
اتهام شركة ميتا بالانحياز من قبل روسيا أعاد التذكير بقرار فيس بوك إلغاء حساب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعد خسارته فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ومنع ترامب من الوصول إلى مؤيديه على شبكات التواصل، وهو ما دفعه إلى إعلان البحث عن منصات أخرى لتكون بديلا لفيسبوك والمنصات الاحتكارية كما وصفها ولا تزال القضية متداولة فى المحاكم الأمريكية بين ترامب وفيس بوك وباقى شركات التواصل.
 
الصين من جانبها استبقت وأطلقت محركات البحث ومواقع التواصل الخاصة بها، وهى اليوم تدفع نحو هذا الاتجاه لأنها ترى أن الغرب يوظف التكنولوجيا بشكل قسرى، الواضح أن الحرب الدعائية ودخول فيس بوك وأدوات التواصل إلى الحرب يثير من جديد المخاوف من أن يسيطر الاحتكار على مقدرات العالم فى ظل توظيف هذه الشركات لصالح جهات ضد أخرى أو أفراد، مثلما حدث فى الانتخابات الأمريكية وأخيرًا فى الحرب، خاصة مع وجود منافسة بين التكنولوجيا الصينية والأمريكية فى الجيل الخامس من الموبايل.
 
التحول ذاته يرتبط بإعادة بعث واستعمال المرتزقة فى الحرب بأوكرانيا، حيث أعلنت دول أوروبا الدعوة لتوظيف مقاتلين لإرسالهم إلى أوكرانيا وإرسال جنود وضباط متقاعدين أمريكان وأوروبيين، والإعلان عن طلب مرتزقة لمواجهة الروس، وردت روسيا بإعلان نقل مقاتلين إلى أوكرانيا للمشاركة فى الحرب، وهو تحول بالطبع ربما يكون له أثر فى إنتاج تنظيمات إرهابية مثلما حدث بعد نقل وتدريب مقاتلين فى أفغانستان أنتجوا القاعدة، ثم نقل مرتزقة بمعرفة الدول الأوروبية فظهر داعش، وهو ما يمكن أن يحدث لتنتج تنظيمات من المرتزقة مستعدين للقتال مع أى جانب أو لصالح من يدفع أكثر. 
 
وبالتالى فإن الحرب الدائرة، دفعت أطرافا كثيرة للبحث عن أنظمة اقتصادية أو تقنية تكون بعيدة عن تأثيرات الاحتكار أو يتم توظيفها فى الصراعات، خاصة بعد قيام أوروبا بمصادرة أموال أفراد فى أوروبا والخلط بين الرياضة والسياسة، وأخيرًا الدفع لإنتاج مرتزقة يمكن أن يمثل تهديدًا ما بعد الحرب. 
 
كل هذا يجعل التحولات تتجاوز السياسة والاقتصاد إلى التكنولوجيا والدعاية ومواقع التواصل التى أصبحت طرفا فى الحرب بشكل ظاهر.
 
p
p

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة