في إطار تحليله ما يسمى بفتاوى التريندات والموضوعات الدينية، قال المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إنه منذ بداية القرن الجديد، أخذت الحروب الميدانية والمواجهات المسلحة في الانحسار، وما لبث أن حلّت محلها الحروب الإلكترونية وحروب الجيلين الرابع والخامس، وصولًا إلى ما يسمى في الوقت الحالي بـ (التريندات) التي باتت تسوق الرأي العام سوقًا من خلال الفتاوى والموضوعات، وما تثيره من تعليقات وردود ثم ردود على الردود..إلخ.
وحلل مؤشر الفتوى أسباب نشر التريندات بشكل عام:
- إما أن تكون بهدف نشر محتوى معين بين الناس، سواء كان اجتماعيًّا أو سياسيًّا أو دينيًّا، بهدف إثارة الشائعات وتشويه الحقائق.
- أو تحويل موضوع تافه إلى قضية ساخنة شائكة في دولة معينة وتوقيت معين بهدف سحب المتابعين إلى منطقة قد تؤدي إلى التشكيك في المؤسسات أو الدول أو الشخصيات.
- أو نشر تريندات وهمية والتي تفتعلها صفحات وجهات مزيفة.
"مُدّعي النبوة" تريند سلبي.. و"مهرجان الجونة يمثل سماحة الإسلام" تريند وهمي
وأوضح مؤشر الفتوى أن التريندات السلبية ذات الهدف الاقتصادي جاءت بنسبة (35%) وكان أبرزها موضوع مُدَّعي النبوة اللبناني "نشأت مجد النور"، وأشار المؤشر إلى أن إثارة مثل تلك القضايا لا يخرج عن عملية استقطاب أو نصب إلكتروني مُتعمد هدفه يسير نحو اتجاهين:
الأول قد يكون اقتصاديًّا وماليًّا بحتًا، وهو استغلال رفض الناس لمثل تلك الأفعال، وبالتالي كسب "التريند" على صفحات التواصل الاجتماعي لتحقيق أرقام ومكاسب مالية.
الاتجاه الثاني، قد يكون سياسيًّا لإلهاء فئة كبيرة، لا سيما "الشعب اللبناني"، عن الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي يعانيها لبنان، لذا حذر المؤشر من الانسياق وراء البعض وصناعة "التريندات السلبية".
وعرض المؤشر العالمي للفتوى ما يسمى بـ "التريندات الوهمية" عبر السوشيال ميديا، والتي جاءت بنسبة (18%)، حيث بين أن مصدرها إما تزييف بعض الفتاوى والتقوّل والتحدث باسم جهة إفتائية رسمية، ومن ذلك تداول حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا مفاده أنّ دار الإفتاء المصرية قالت إنّ مهرجان الجونة يمثل سماحة الإسلام، ويتماشى مع تجديد الخطاب الديني، ونُشر الخبر في شكل تصميم خبري منسوب لاحدي الصحف.
وبالتحقيق من الخبر المتداول تبين أنّه مفبرك؛ حيث لم يصدر أيّ تصريح عن دار الإفتاء المصرية بهذا الخصوص، ولم تُعلّق على فعاليات مهرجان الجونة، كما لم تنشره الصحيفة على موقعها الرسمي أو عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك.
أما المصدر الثاني من مصادر التريندات الوهمية، فيتمثّل في اختيار المصدر الصحفي الناقل للفتوى عنوانًا مثيرًا أو غريبًا سعيًا للتريند، وذلك اجتزاء للفتوى المذكورة وخروجها من سياقها الصحيح لإثارة الرأي العام.
ومن أمثلة ما سبق صياغة المصدر الصحفي لعنوان الفتوى التالي: (مفتي الجمهورية: لا حرج شرعًا في التيمم للصلاة في البرد الشديد جدًّا)، وقد انتشر العنوان السابق بسرعة كبيرة على كافة وسائل التواصل الاجتماعي المصرية وغيرها، لدرجة أوصلته للتريند؛ وهو ما قوبل بالعديد من التساؤلات حول كيفية التيمم في ظل وجود وسائل كثيرة لتسخين المياه، وأنه إذا وجد الماء بطل التيمم..إلخ.
وبالنظر إلى ما قاله المفتي نصًّا وتأصيل الفتوى من الناحية الشرعية، وجد المؤشر أنها فتوى صحيحة ومؤصلة، وأن تمامها هو "لا حرج شرعًا في التيمم للصلاة في البرد الشديد جدًّا مع عدم وجود وسيلة لتسخين الماء خوفًا من المرض أو التهلكة إذا توضأ المسلم بالماء البارد"، وهو ما لم يتضمنه العنوان الصحفي الذي كان هدفه إثارة البلبلة والرأي العام فقط دون البحث والاستقصاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة