أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: ثمن الحرب وحسابات المصالح بين أوروبا وروسيا!

السبت، 26 مارس 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الوقت الذى تتواصل فيه المباحثات بين روسيا وأوكرانيا، وبعد جولات عدة بين وفود عقدت اجتماعات على الحدود بين بيلاروسيا وأوكرانيا، لم تسفر المحادثات حتى الآن عن تقدم يذكر، ولم تجر على مستوى رئاسى، وبالتالى فإن الأمور تسير نحو مزيد من التعقيد، وسط تغذية للتوتر، الرئيس الأوكرانى يطلب المزيد من الإجراءات ضد روسيا وترد موسكو بالمزيد من التصلب وردود الأفعال على العقوبات، وترى موسكو أن المحادثات لا تسير باتجاه الحل، بينما تتحرك الدول الأوروبية طبقًا لمصالحها المرتبطة بالطاقة، بينما تتصاعد أسعار الطاقة والغذاء فى العالم وتسير نحو المزيد من الارتفاع، بشكل انعكس فى أوروبا وتحول إلى أزمة مزدوجة، تضع مصالح الدول والشعوب أمام اختبار صعب.
 
الكرملين يرى أن المحادثات مع كييف ليست «جوهرية» بشكل كاف، بعد إعلان الرئيس فولوديمير زيلينسكى من ناحيته أن أى «تسوية» يجب أن تطرح فى استفتاء، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف: نريد أن نرى «محادثات» أكثر نشاطًا، وجوهرية بدرجة أكبر، موقف روسيا معروف، وموسكو سلمت مطالبها بشكل خطى قبل أيام عديدة، ونرغب فى جواب سريع وجوهرى بدرجة أكبر.
 
الأطراف الأوروبية تقدم مساعى لا تصل إلى محطات التهدئة، حيث تحدث المستشار الألمانى أولاف شولتس، هاتفيًا، إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حثه فيها على وقف إطلاق النار وتحسين الوضع الإنسانى فى أوكرانيا، ثم تحدث شولتس إلى الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، مستفسرًا منه عن تقييمه للوضع الحالى وعملية التفاوض، وفى باريس، قال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، إن فرنسا وأوروبا ستبذلان كل ما بوسعهما لوقف الحرب، لكنه يرى غياب اليقين فيما يتعلق بمستقبل الحرب، ويقول «نحن الفرنسيين والأوروبيين سنفعل كل ما بوسعنا لوقف الحرب دون دخولها».
 
مصالح أوروبا مع النفط والغاز تحدد التحركات، ولهذا رفض المستشار الألمانى أولاف شولتس، مرة أخرى، الدعوات إلى مقاطعة إمدادات الطاقة الروسية، واعتبر العقوبات التى فرضت على روسيا تضر حقًا باقتصادها، لكنه أشار إلى أن العقوبات يجب أن تكون «محتملة لمن يفرضونها»، خاصة أن دولًا أخرى فى أوروبا تعتمد على النفط والفحم والغاز من روسيا أكثر من ألمانيا، وتدفع دول أوروبية لروسيا مئات الملايين من الدولارات كل يوم مقابل الوقود، وهو ما يراه مسؤولون أوكرانيون تمويلا لحرب روسيا على بلدهم.
 
الرئيس الأوكرانى طالب زعماء الاتحاد الأوروبى فى بروكسل، بالمزيد من الإجراءات والمقاطعة، وطلب تزويدا بالسلاح، ورفضت المجر، طلبا من زيلينسكى لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، ودعم العقوبات على قطاع الطاقة الروسى. وقال رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان، إن طلبات زيلينسكى «تتعارض مع مصالح المجر، والعقوبات على قطاع الطاقة الروسى، تعنى أن الاقتصاد المجرى سيتباطأ ثم يتوقف فى غضون لحظات، مشيرًا إلى أن 85 بالمئة من الغاز المجرى وأكثر من 60 بالمئة من نفطها يأتى من روسيا، وأن منع صادرات الطاقة الروسية سيجبر المجريين على «دفع ثمن الحرب».
 
المجر ليست وحدها، فالعلاقات الاقتصادية المتشابكة تضاعف من تعقيدات المواقف، وتجعل احتمالات استمرار الحرب قائمة، خاصة أن قرارات روسيا ردًا على العقوبات تدعم هذه التعقيدات، وبعد قرار روسيا بتحصيل عوائد النفط والغاز بالروبل، قال رئيس لجنة البوندستاج للمناخ والطاقة كلاوس أرنست، إن بلاده فى حال دفعت إمدادات الغاز الروسى بالروبل، ستضطر لانتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبى المفروضة على البنك المركزى الروسى، وفى الوقت نفسه اعتبر البرلمانى الألمانى، أن تجميد الأصول الروسية فى الخارج يمكن اعتباره انتهاكا للاتفاقيات مع روسيا.
 
كل هذه التحركات والتشابكات، تجعل استمرار الصراع قائمًا وتداعياته مستمرة، بينما يخسر العالم وتربح فقط أطراف تجارة السلاح والحرب، بينما تظل حسابات المصالح هى الأخرى جزءًا من معادلات الحرب.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة