لا يمكن القول بأن الأمة العربية لا تحتفى بالتراث، في الحقيقية نحتفى بطريقة أو بأخرى، لكن يمكن لنا أن نتحدث كثيرًا فى كيفية هذا الاحتفاء، فمعظمنا ينظر إلى التراث بشقيه (المادى وغير المادي) على أنه فولكلور، مجرد فولكلور، وبعضنا يراه دالًا على الماضى وجسرا للمستقبل.
ومؤخرا، لبيت دعوة، عدة أيام، في مهرجان أيام الشارقة التراثية، الذى ينظمه معهد الشارقة للتراث، وانطلقت فعالياته تحت عنوان "التراث والمستقبل"، وهناك وجدت مشاركات حافلة لنحو 33 دولة، لكن ما لفت انتباهى بصورة كبيرة فى كل هذه الفعاليات وفى الندوات الثقافية، الرؤية لمستقبل التراث، فهناك يتم النظر إلى التراث ليس بوصفه ماضيا معروضا أما عيوننا للمشاهدة والتذكر، لكن بكونه جزءا أساسيا من حياتنا، كما أن هناك أفكارًا صالحة لتطويره.
وأنا دائمًا ما أنظر إلى التراث بوصفه "هوية" لتكويننا الماضى والحاضر والمستقبل، ومن هذا المنطلق أيضا كان تحرك معهد الشارقة للتراث فى تقديم كل ما يتعلق بالتراث، الذى يهتم بحماية التراث وتقديمه مرة أخرى بزاوية معاصرة، وقد اطلعت على عدد من إصدارات المعهد المهمة من ذلك سلسلة "عالم التراث" التى يديرها الكاتب إيهاب الملاح، كذلك مجلة مراود التى يديرها الدكتور منى بو نعامة، ومجلة الموروث التى يديرها الدكتور صالح هويدى، وغير ذلك من الأنشطة والفعاليات المتعددة.
لا أحب المقارنات، بل أحب الاستفادة من التجارب، ونحن فى مصر نستطيع أن نقدم الكثير فى عالم الاهتمام بالتراث، خاصة أن لدينا أساتذة وعلماء ودارسون ومتخصصون ومحبون وشغوفون وطلاب علم لا هم لهم سوى التراث والبحث عنه وفيه، ولدينا مؤسسات تهتم بكل ما يتعلق به، لكن مع ذلك نحتاج إلى العمل أكثر، نحتاح إلى رؤى متجددة، وأن تربط كل ذلك بمستقبلنا.