نظم المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، مؤتمر "مستقبل الصناعة المصرية فى ظل التحولات العالمية"، حيث استعرض تداعيات الأزمات العالمية الراهنة على أداء نشاط القطاع الصناعى واستعراض أهم التحديات الماثلة أمامه، مع محاولة التوصل إلى حلول واقعية لها، مما سيصب فى تطوير وتنمية القطاع الذى يمثل حجر زاوية لنمو الاقتصاد المصري.
وناقش المؤتمر انعكاسات الأحداث العالمية على مستقبل أنظمة الأعمال الصناعية وسياسات إشراك القطاع الخاص فى القطاع الصناعى المصرى، وآليات تعظيم دور الصناعات التحويلية فى التنمية المستدامة والنمو الاحتوائى، وخطط جذب الاستثمار الأجنبى، بجانب خطط جذب الاستثمار الأجنبى المباشر للصناعة المصرية ومناقشة خطط توطين الصناعات فى المحافظات وتحقيق التنمية المكانية.
العولمة سيطرت على النظام الدولي.. والأزمات العالمية "مسببة"
وفى هذا الصدد أكد عضو مجلس الشيوخ، الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس الهيئة الاستشارية بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن مصر تواجه تحديات دولية فى مجال الصناعة، والعولمة سيطرت على النظام العالمى خلال العقود الأخيرة بشكل أصبح معه العالم قرية صغيرة، ولكن هذه القرية الصغيرة عادت إلى خلافاتها الكبرى الآن، وهذه الخلافات فى قلب القارة الأوروبية التى قامت فيها الحربان العالميتان وليست فى دول أخرى مثل أفغانستان والعراق وجورجيا كما حدث من قبل، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية أمامها احتمالان، الاحتمال الأول هو اعتياد الأزمة مثلما حدث فى أزمات أخرى مثل الإرهاب وكورونا، والاحتمال الثانى هو الوصول إلى حل، وهناك بالفعل علامات على أن الأزمة يمكن أن يحدث لها انفراجة خلال الشهور المقبلة.
وتابع سعيد أن الأزمة العالمية الحالية مسببة لأزمة اقتصادية كبرى لأنه قائمة فى قلب النظام الرأسمالى العالمى، ولذلك تضيف تعقيدات كبيرة على سلاسل الإمداد فى العالم، وتؤثر على سعر الدولار صعودًا وهبوطًا بما يؤثر على العملات المحلية، وكل هذه إشكاليات يواجهها العالم بسبب الحرب والتهديدات المتبادلة بين أقطاب تمتلك أسلحة دمار شامل، وهو ما يهز حركة الاقتصاد والاستثمار، ويصل إلى مصر بأشكال مختلفة، مشددا على أهمية توطين الصناعة.
واوضح أن النموذج المصرى الأساسى فى التنمية مشابه للنموذج الآسيوى القائم على خلق اقتصاد سوق حقيقى، وأن تكون لديها طاقة تصديرية قوية، وقد أتمت مصر البنية الأساسية اللازمة لذلك، ولكن نحتاج إلى سوق تصديرى كبير فالسوق المصرى فى حد ذاته ليس سوقا كبيرا، وإذا كان السوق العالمى به منافسة وخيارات كثيرة، فالسوق الإقليمى يتيح لنا مساحة أكبر من الطاقة الاستهلاكية التى يمكن أن تستوعب نموا كبيرا فى الصناعة المصرية، وذلك على سبيل المثال ما حدث فى غاز شرق المتوسط بناء على التكامل الإقليمى الذى جعل مصر مركزًا إقليميًا للطاقة.
"حياة كريمة": نبحث الفرص الاستثمارية بكل منطقة
كما تحدثت يوستينا ثروت، رئيس قطاع الفئات المستهدفة بمؤسسة حياة كريمة، عن دور مبادرة حياة كريمة فى تنمية الصناعة، والنهوض بالإنسان المصري.
وقالت خلال مشاركتها بمؤتمر مستقبل الصناعة المصرية فى ظل التحولات العالمية، أن حياة كريمة، هدفها الرئيسى تنمية الإنسان والبيئة المحيطة به، لتقديم منتج قوى وعال الجودة مع الاتجاه للتنمية والتنمية المستدامة ومواجهة الفقر متعدد الأبعاد، بالتوافق مع أهداف التنمية المستدامة التى أطلقتها الأمم المتحدة، والتمكين الاقتصادى والتوعية والتثقيف للحفاظ على التنمية، موضحة أنه يوجد 36 ألف متطوع على الأرض ضمن مبادرة حياة كريمة.
وشددت على ضرورة توحيد الجهود، من خلال التحالف الوطنى من أصل 24 منظمة مجتمع مدنى للوصول لكافة القرى والنجوع بعدالة وجودة وكفاءة، مشيرة إلى أن حياة كريمة تهتم بالميزة التنافسية بكل منطقة، حيث يتم دراسة اوضاع الأسر، وبحث الفرص الاستثمارية والميزة التنافسية فى كل مركز على حدة، بكافة محافظات الجمهورية، مع دراسة أيضا مستوى الأفراد على الأرض، بما يخدم المواطن والصناعة، ويتم الاستعانة بالصناعات التراثية واليدوية كالسجاد اليدوى والفخار، وهذه الصناعات مستقبل مصر القادم، ونعمل على عودتها مرة أخرى، ويتم تدريب القائمين على المشروعات والصناعات المختلفة ضمن مبادرة حياة كريمة لتكون ذات جودة وكفاءة وقادرة على المنافسة عالميا.
القطاع الصناعى يلعب دورا رئيسيا فى المسارات التنموية
كما قال اللواء محمد إبراهيم نائب مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن مؤتمر "مستقبل الصناعة المصرية فى ظل التحولات العالمية.. نحو مزيدٍ من التوطين والتكامل" يستهدف أن نخرج برؤى يمكن أن تسهم فى الارتقاء بالصناعة الوطنية، ويأتى هذا المؤتمر ضمن استراتيجية المركز الذى دأب منذ يومه الأول على بلورة منصات حوارية بين كافة الأطراف المعنية لمناقشة العديد من القضايا التى تهم الدولة المصرية على المستويين الداخلى والخارجى، ومن هنا فقد حرص المركز على بحث واحدة من أهم قضايا الساعة فى المجال الاقتصادى وهى وضع الصناعة المصرية والتحديات التى تواجهها وكيف يمكن المساعدة فى إيجاد حلول مبتكرة وخلاقة للارتقاء بها تضاف بالتأكيد إلى الجهود المبذولة، وهو ما سوف يخدم فى النهاية عملية اتخاذ القرار على جميع المستويات.
وأضاف خلال كلمته فى المؤتمر، بطرح تساؤل هل تمثل التحولات العالمية الحالية فرصة للصناعة المصرية؟" هذا هو التساؤل المطروح حاليًّا على الساحة خاصة فى ظل تزايد المؤشرات على أن هذه التحولات سوف تؤدى إلى إعادة تشكيل خريطة الصناعة العالمية، وتعديل ميزان القوى على المستوى الدولى، وهو ما يمكن أن نعتبره نافذة يمكن من خلالها الحصول على مزيد من فرص توطين بعض الصناعات الأساسية داخل مجموعة من الدول النامية ومن بينها بل ومن أهمها مصر التى تتمتع بالعديد من المزايا النسبية والتنافسية فى بعض هذه الصناعات.
وأضاف، أن هذا التساؤل الذى طرحناه مرده طبيعة الدور شديد الأهمية الذى يلعبه القطاع الصناعى فى المسارات التنموية، ليس فقط بالنسبة للتنمية الاقتصادية ولكن أيضًا ما يتعلق بالتنمية بوصفها عملية تغيير اجتماعى واقتصادى وثقافى شامل، مشيرا إلى أن الصناعة تعتبر جزءًا لا يتجزأ من مسارات تحقيق التنمية بمفهومها الشامل، التى تتضمن رفع معدلات النمو والتشغيل والحد من البطالة وزيادة معدلات التصدير وإحلال الواردات، بالإضافة إلى دورها المحورى كناقل للتكنولوجيا بين الدول المختلفة، كما يمكن من خلالها أن تلعب دور "قنطرة أو مسار العبور" من الدولة النامية إلى الدولة المتقدمة.
رصد 131 بندا جمركيا يمكن تصنيعها محليًا
قال المهندس محمد عبد الكريم رئيس مركز تحديث الصناعة، إنه تم تشكيل لجنة من 18 وزارة برئاسة وزاره التجارة والصناعة لتنفيذ 100 إجراء مقترح لتحفيز الصناعة، منها تعزيز عمليات الرقابة على المنشآت الصناعية وقيام الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الالتزام بأحدث.
وتحدث رئيس مركز تحديث الصناعة، خلال كلمته بمؤتمر مستقبل الصناعة المصرية فى ظل التحولات الرقمية عن آليات تعزيز دور القطاع الخاص، والشراكة مع القطاع العام، وكذلك الجهود المبذولة لضم القطاع غير الرسمى للاقتصاد الرسمى، وأكد على أهمية ودور القطاع الخاص فى دفع عجلة الاقتصاد المصرى، مشيرا لوجود تحديات مختلفة وكثير من المعوقات ويتم العمل على حلها.
وشدد رئيس مركز تحديث الصناعة، على أهمية الصناعات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودورها كقاطرة للنمو ودعم الصناعات الكبيرة.
وذكر المهندس محمد عبد الكريم، أنه تم دراسة الكثير من المعوقات أمام الصناعة وابرزها الضريبة العقارية، وهناك استجابة كبيرة من قبل الدولة حيث ستتحمل الخزانة العامة للدولة الضريبة العقارية على المصانع لمدة 3 سنوات، وبالتالى يتم فتح طرق جديدة للمستثمرين والمصنعين الجدد، بما يدعم القطاع الخاص فى حركته تجاه تطوير الصناعة المصرية.
وأشار إلى أن مركز تحديث الصناعة، عكف خلال الفترة الماضية على تحليل عشرات الاف من أكواد الواردات، والبنود الجمركية، وتم الوصول ل 131 بند جمركى يمكن العمل عليها فى مصر، بقيمة تصل لـ 16 مليار دولار، بما يساهم فى زيادة القيمة المضافة للصناعة المحلية وتواجه مشكلات عجز الميزان التجارى، كما تحمل فرص كبيرة للنمو.
كما أوضح أنه تم إعداد قائمة بـ 83 فرصة استثمارية مؤكدة لمنتجات صناعية يمكن البدء فى تصنيعها محليًا بدلا من استيرادها من الخارج، ومركز تحديث الصناعة، قام بإجراء تحليل لهيكل الواردات، حيث تم تحديد 131 بندا جمركيا يمكن تصنيعه محليًا، الأمر الذى يسهم فى تقليل فاتورة الواردات.