عاش ومات وهو يبدع حتى أخر نفس فى حياته، وأعطى لكل عمل من أعماله جزء من عمره وروحه وكيانه فاستطاع أن يقنعنا بأنه الرئيس والبواب والوزير والتاجر والمصور والطالب والمدرس وتاجر المخدرات والضابط، وأنه طه حسين وعبدالناصر والسادات، وعاش ومات وهو يذوب فناً ووهجاً وإبداعاً.
هكذا عاش ومات النمر الأسود الفنان الكبير أحمد زكى الذى رحل عن عالمنا بجسده منذ 17 عاماً فى مثل هذا اليوم الموافق 27 مارس من عام 2005 ، ولكنه رحل بجسده فقط حيث تبقى اعماله خالدة شاهدة على إبداعه وإخلاصه لفنه حاضرة فى وجدان الملايين إلى الأبد.
وكان من أهم الأفلام التى جسدها النمر الأسود والتى تبرز قدرته الهائلة على التقمص وإصراره على أن يقدم مايقتنع به مهما كلفه فيلم " ناصر 56".
وتكشف كواليس صناعة هذا الفيلم مدى شغف وتعلق وإخلاص النمر الأسود لكل شخصية ودور قام به وقدرته على تخطى كل العقبات فى سبيل فنه.
وكشفت الفنانة سميرة عبدالعزيز فى حوار مع اليوم السابع كواليس صناعة فيلم ناصر 56 ومدى إصرار أحمد زكى على القيام بدور الزعيم عبدالناصر فى هذا الفيلم الذى كتبه زوجها حكاء الدراما المصرية الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن
وقالت الفنانة الكبيرة أن زوجها الكاتب الراحل محفوظ عبدالرحمن كان يختار الكتابة عن الشخصيات التى يحبها والتى يرى أنها قدمت شيئا عظيما لمصر.
وتابعت: "محفوظ كان كاتبا وطنيا ووضع مشروعا للتليفزيون لكتابة سيرة 10 شخصيات أثرت فى تاريخ مصر لتكون قدوة للشباب، وكان على استعداد أن يشارك معه مؤلفين آخرين".
وتابعت: "وقتها قابل ممدوح الليثى ووضع أسماء 10 شخصيات، منها عبدالناصر، وأم كلثوم، وطلعت حرب، وعبدالله النديم، وعبدالحليم، وبالصدفة كان أحمد زكى موجودا فى هذا اللقاء، ووضع إصبعه على اسم الزعيم جمال عبدالناصر، وقال: أنا هاعمل ده، فقال له محفوظ: "ماتنفعش يا أحمد، عبدالناصر جامد وانت قليل".
وتابعت: «أحمد زكى كان هيتجنن على الدور، واشترى بدلة منجدة وعمل سوالف بيضا وركب مناخير، وفى صباح أحد الأيام طرق باب منزلنا فى الثامنة صباحا، وأصبت بالذهول عندما رأيته أمامى وكأنى أرى عبدالناصر، وكان محفوظ نائما، فقال «صحيه»، وبالفعل قلت لمحفوظ: «قوم عبدالناصر بره»، وبمجرد أن رأى أحمد زكى قال له: «خلاص يا أحمد هاكتبهولك وهتعمله والله".
وكشفت سميرة عبدالعزيز أن الفنان أحمد زكى كان ينوى إجراء جراحة لتكبير أنفه مثل عبدالناصر، ولكن محفوظ عبدالرحمن أقنعه بأن يستوحى روح عبدالناصر، ونصحه بسماع خطبه وأعطاه كتابين حصل عليهما من هدى عبدالناصر، وقال له: "شوف روح عبدالناصر ومش مهم الشكل".
توضح سميرة عبدالعزيز أن فيلم "ناصر 56"، كان مقررا أن يكون سهرة تليفزيونية، فاعترض أحمد زكى، وقال: "لو اتعمل سهرة تليفزيونية هتتركن وماحدش هيشوفها، لازم يبقى فيلم سينمائى، ولو التليفزيون مش عاوز ينتجه أنا هانتجه»، ولكن ممدوح الليثى قرر أن ينتجه التليفزيون المصرى.
وأضافت: «حدثت عقبات سياسية وماكنوش عاوزين يعملوا فيلم عن عبدالناصر، لكن ممدوح الليثى كان شجاعا والفيلم اتعمل ولكنه ظل عاما كاملا دون أن يعرض، حتى تم عرضه فى افتتاح مهرجان التليفزيون، ووجد إعجابا شديدا من الجمهور المصرى والعربى وأحدث ضجة واسعة"
وبالرغم من أن عدد من الفنانين قدموا شخصية الرئيس عبدالناصر فى العديد من الأعمال، إلا أن النمر الأسود كان اكثرهم نجاحاً وقدرة على تجسيد شخصية الزعيم.