فى وادى من النخيل على بُعد أمتار من نهر النيل، تقع مخازن الحاج محمد أبو زرار، أحد أكبر وأقدم تجار التمور فى مصر، والذى وصل بإنتاجه إلى الأسواق العالمية، وذلك بسبب ذكائه فى استخدام الطرق العلمية الحديثة لإنتاج التمور الأسوانية الجافة، والتى تغزو الأسواق بالتزامن مع شهر رمضان المبارك ولا غنى عنها فى كل بيت صائم.
"اليوم السابع" انتقل إلى منطقة خور أبوسبيرة بمركز أسوان، للقاء الحاج محمد مصطفى عثمان والشهرة محمد أبو زرار من مزارعى النخيل ومنتجى التمور الجافة والنصف رطبة على مستوى محافظة أسوان.
وعن سبب تسمية العائلة باسم "أبو زرار"، قال الحاج محمد، إن هذا اللقب له قصة تعود إلى القرن الـ18 عندما كان جد جده يعمل فى إنشاء أرصفة ميناء الإسكندرية، وكان وقتها رئيساً للعمال، وكان يعتاد على ارتداء الجلباب الصوف الذى يساعد فى العمل وكان يُطلق عليه اسم "البنش"، وفى إحدى المرات حرص الجد الأكبر على وضع زرار من ذهب فى هذا الجلباب الذى صنعه فى محافظة الإسكندرية، وعاد به إلى أسوان وعندما رآه الناس كانت بمثابة شيئاً غريباً شاهدوه، وأطلقوا عليه لقب أبو زرار نسبة إلى هذا الزرار الذهبى.
وتابع أبو زرار، الحديث قائلاً: بدأت فى تجارة البلح خلال فترة السبعينات، عندما كنت صغيراً فى المرحلة الإعدادية وكنت وقتها أساعد والدى فى تجارة التمور وكانت الكميات بسيطة جداً تقدر بنحو 14 جوال خيش بلح، وكان المكسب بمثابة 14 جنيهاً بمقدار جنيه واحد فى كل جوال، وكانت هذه هى البداية، وكان لدينا أراضى زراعية لأشجار النخيل فى منطقة خور أبو سبيرة، وكنا نحرص على الاهتمام بزراعة النخيل وتزويدها بالأنواع الجافة والأصناف الجيدة التى لها مردود اقتصادى جيد.
وأشار تاجر التمور، إلى أنه فى البداية كانوا يبيعون المحصول داخل أسوان لأحد التجار، ولكن مع مرور الوقت وتزويد كميات الإنتاج، بدأت التوسعة فى تجارة البلح، من خلال السفر إلى أسواق القاهرة والعرض فى روض الفرج ثم العبور وغيرها من أسواق الجملة الكبيرة فى القاهرة الكبرى.
وأضاف، أنه فى بداية العمل بتجارة البلح، كانت عملية تصنيف البلح لا تتم بصورة يتطلبها السوق، وذلك لأن كل تجار البلح كانوا يقسمون البلح إلى 3 أكوام الأول لنوع السكوتى والثانى للبلح كبير الحجم والثالث للبلح الأسمر، وكانت هذه هى طريقة عرض تجار البلح ما بين 3 إلى 4 أكوام لتقسيم أنواع البلح.
وأوضح محمد أبوزرار، بأنه نظراً لطبيعة عمله فى بداية حياته كموظف أخصائى مكتبات بالتربية والتعليم، تعتبر العملية الفنية فى العمل هى "التصنيف" للكتب والمراجع حسب العلوم المختلفة، ومن هنا بدأ التفكير فى "تصنيف البلح" لأصناف مختلفة حسب اللون والحجم والشكل الخارجى للبلح، بحيث يكون هناك تناسق أكثر لعرض السلع ويحقق مردود اقتصادى أكبر، مضيفاً أنه من هنا بدأ فى العمل على تصنيف البلح وفرزه لأكثر من صنف حتى فى النوع الواحد، وهو ما ساعد على تلبية طلبات كل مستهلك وكل محل، لعرض منتجاته حسب متطلبات السوق فى المنطقة المتواجد فيها هذه المحلات، وبذلك يصبح البلح فى متناول الجميع ومصنف حسب الجودة والأسعار وهو ما حقق أرباح جيدة.
وأشار إلى استفادته القصوى من حضور المؤتمرات العلمية بالقاهرة وكذلك فى أسوان، والتى تتعلق بموضوع التمور أو النخيل وكيفية عمل قيمة مضافة من أشجار النخيل أو من ثمرة البلح، لافتاً إلى أنه كل ما حضر والتقى بالمتخصصين والأكاديميين فى الجامعات أو المصانع أو شركات التصدير يساعده ذلك على التعامل مع الثمرة وتحقيق قيمة مضافة عالية تتماشى مع مواصفات الجودة والمواصفات القياسية على المستوى العالمى لتحقيق المنافسة العالمية.
وعن طرق الحفاظ على محصول البلح، قال أبو زرار، إن بشائر الحصاد الأولية تبدأ فى منتصف شهر سبتمبر، وقبل ذلك يتم التجهيز والاستعداد داخل المخازن للموسم الجديد، ومنها تحضير "البرنيك" البلاستيك التى ينقل فيها البلح من أراضى النخيل إلى أماكن التجفيف لأنها تحافظ على البلح من الرطوبة وحدوث تشوهات للثمرة وتوضع بطريقة على بعض حتى لا يضغط البلح فوق بعضه البعض، ويتم أيضاً تجهيز المشمعات التى يفترش فيها على الأرض لمرحلة التجفيف حتى لا توضع الثمرة على الرمل أو الأرض مباشرة، ويتم أيضاً تجهيز معدات النقل بالسيارات أو أدوات الحصاد ويتم التعاقد مع العمال من المحافظات الأخرى القريبة.
واستكمل أبو زرار الحديث عن حصاد البلح، قائلاً: يبدأ الموسم بحصاد الثمار من أشجار النخيل ثم تنقل إلى أماكن التجفيف وذلك من خلال عرضه على أشعة الشمس طوال اليوم مباشرة بسمك لا يتعدى 7 سنتيمتر ويتبعه عملية تقليب كل ثلاثة أيام للمحصول حتى يتعرض المحصول بالكامل للشمس حتى لا يتعرض للتعفن ، ثم يبدأ بعد ذلك عملية الفرز ويقوم بها فى الغالب السيدات والبنات وتخرج من بين البلح الثمرة المصابة والتى تنقل فى أماكن بعيدة عن الثمرة السليمة ثم يتم استغلالها فى مخلفات كأعلاف للحيوانات.
ولفت إلى أنه بعد عملية التجفيف للثمار السليمة بصورة صحيحة لمدة 25 يوم يتم تعبئتها فى أجولة مصنوعة من الخيش ويتم ترقيمها وترتيبها حسب أصنافها وأنواعها ويتم وضعها فى مخزن ذات أرضية خرسانية حماية للمحصول من حشرة النمل الأبيض، ويصاحب ذلك عملية التعقيم باستخدام غاز الفوسفيد أو الجاكسوستين لتعقيم الثمار من دودة البلح فى جميع مراحلها والتى تتسبب فى تسوس البلح، ويترك البلح تحت أشعة الشمس بالنهار والهواء ليلاً وهو ما يساعد على عملية التجفيف أكثر حتى الوصول إلى مرحلة التسويق والتى تبدأ من شهر رجب قبل رمضان ويتم تصديره إلى البلدان المختلفة والعربية أيضاً حيث يفضله هناك الجاليات العربية والسودانية.
وعن أسعار البلح، أوضح أبو زرار أن البلح فى متناول الجميع، وتتراوح أسعاره من 8 إلى 15 و20 جنيهاً للكيلو حسب نوع البلح وطريقة الفرز للثمرة، وتجار التجزئة يضاعفون من السعر على المستهلك بعد حساب النقل وغيرها من التكاليف.
يشار إلى أن محافظة أسوان واحدة من أكبر محافظات الجمهورية فى إنتاج التمور، فهى تحتل المرتبة الثانية بعد الوادى الجديد بـ2 مليون نخلة تنتج ما يقرب من 102 ألف طن سنويًا، وذلك بسبب الطقس المشمس والجو الحار لهذه المحافظة الجنوبية أقصى صعيد مصر.
ويعد البلح فى مقدمة المحاصيل المنزرعة بأسوان بعد قصب السكر، وتحتل التمور الأسوانية مكانة مميزة فى قائمة الأصناف الجافة من البلح، وتسعى المحافظة جاهدة بالتنسيق مع وزارة الزراعة للاهتمام بهذا المحصول الهام وتنميته عن طريق تدعيم المعمل المركزى للنخيل، وبصدد تفعيل دراسة إنشاء مصنع للتمور فى أسوان مجهز بأحدث التقنيات الحديثة للمساهمة فى زيادة نسبة تصدير التمور مما يعود بالنفع والعائد الاقتصادى المباشر على المزارع الأسوانى، بجانب وضع التمور الأسوانية على خارطة التمور العالمية، علاوة على خلق أكثر من 6 آلاف فرصة عمل جديدة للشباب فى مجال زراعة التمور والصناعات المتعددة القائمة عليها.
أجولة البلح
أسواق البلح (1)
أسواق البلح (2)
أسواق البلح (3)
أسواق البلح (4)
البلح الاسوانى
التمور الأسوانية
الحاج محمد أبو زرار
النخيل الأسوانى
تعبئة البلح_1
صحفى اليوم السابع مع أبو زرار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة