خلال الاسبوع الجاري, ستقرر احدي المحاكم الفدرالية بولاية مساتشوستس الأمريكية, بعد عقد جلسة استماع, استمرار قضية رفعتها المكسيك ضد مصنعي الاسلحة النارية في البلاد من عدمه, وفقا لتقرير نشرته هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) اليوم الثلاثاء.
وقد اقدمت المكسيك علي رفع القضية, مطالبة بتعويض 10 مليار دولار, بعد محاولة اغتيال رئيس شرطة العاصمة "ميكسيكو سيتي" السابق عمر جارسيا حرفوش في يونيو2020, واختارت تلك الولاية تحديدا لانها تضم الكثير من مصانع الشركات الأمريكية التي تنتج الأسلحة النارية.
في صباح يوم جمعة منذ عامين وأثناء مرور حرفوش, الذي كان يبلغ 38 عاما في ذلك الوقت, بسيارته في حي "لاموس دي تشابليتيبك" الراقي, قامت شاحنة باعتراض طريقه وقام مسلحون يرتدون زي عمال بفتح النار عليه مما ادي لاصابته بثلاث رصاصات وقتل حارسيه الشخصيين وبائعة متجولة, وهو ما رصدته كاميرات المراقبة وكاميرات الهواتف النقالة لشهود العيان.
الأسلحة التي تم التحفظ عليها بعد محاولة الاغتيال تلك, كانت بنادق قناصة, مسدسات, واسلحة هجومية تستخدمها الجيوش, كلها مصنعة في الولايات المتحدة وتم تهريبها عبر الحدود. وبالتالي تلك الحادثة, الناتجة عن الحرب علي تجارة المخدرات, ومئات اخريات تم تضمينها في اوراق القضية التي رفعتها الحكومة المكسيكية ضد كل من Smith & Wessen, Beretta, Colt, وGlock and Ruger.
وتتهم المكسيك تلك الشركات "ان تدفق سيل الأسلحة النارية اليها هو النتيجة المتوقعة للتصرفات المتعمدة وممارسات ادارة الأعمال التي تتبعها تلك الشركات" والتي تدافع عن نفسها بأن القانون الأمريكي لا يحملها المسئولية القانونية عن العنف الذي يمكن أن يحدث نتيجة اساءة استخدام منتجاتها.
وأما عن كيفية حدوث التهريب, فيشتري تلك الأسلحة عصابات اجرامية متوطنة في المدن الحدودية الأمريكية وتقوم بادخالها الي الدولة المجاورة عن طريق أشخاص يعبرون الحدود اما سيرا علي الأقدام أو وهم يقودون سيارات أو شاحنات. وفي كثير من الأحيان يكون من يقوم بتلك المهمة, رجل أو امرأة كبار في السن, وفقا لضابط الشرطة السابق بمدينة تيوانا المكسيكية الحدودية ايد كالديرون في تصريحات لبي بي سي.
وبالرغم من أن السلطات نجحت في القبض علي 1,585 شخصا متورطين في عمليات تهريب سلاح في الفترة من 1 يناير 2019 الي يناير 2021, وفقا لقناة Milenio Television المكسيكية, الا أن معدلات تلك الجريمة لا زالت كبيرة. ومن الجدير بالذكر أن 90% ممن تم القبض عليهم واحتجازهم يحملون الجنسية الأمريكية.
ووفقا لمشروع Stop US Arms to Mexico الذي يسعي لوقف تهريب الاسلحة النارية الأمريكية الي المكسيك, والتي غالبا ما تقع في ايدي العصابات وتجار المخدرات, أن أثناء الفترة سالفة الذكر, تم احباط محاولات ادخال 11,613 قطعة سلاح بطريقة غير مشروعة الي الدولة اللاتينية عن طريق الحدود مع الولايات المتحدة. وفي شهر مارس الماضي فقط, اسفرت غارة علي أحد مخازن عصابات التهريب عن اكتشاف 150 مسدس و3 ملايين رصاصة.
ويوضح الضابط السابق كالديرون أن معظم الأسلحة المهربة مشابهة لأسلحة الجيش المكسيكي متسائلا كيف يمكن للشرطة أن تصمد امام العصابات التي تحمل مثل ذلك السلاح. كما انه ينفي عدم معرفة مصنعي السلاح الأمريكان بالجرائم التي تستخدم فيها تلك الأسلحة لأن بعضها يبدوا مصمما خصيصا لعملاء معينين فبعض بنادق AK-47s تكون مصنعة من الذهب بينما تحمل مسدسات نقوشا لقديس الموت Santa Muerte, وهو رمز مكسيكي شعبي للموت.
وينوه كالديرون أنه حتي وان توقف تدفق مثل تلك الأسلحة الي المكسيك, فان العنف لن يتوقف بسهولة, نظرا لأنه يوجد حاليا بالبلاد حوالي 15 مليون مسدسا شخصيا صغيرا غير الأنواع الأخري.
وفقا للحكومة المكسيكية, ان عدد من قتلوا في 2021 هو 33 الف شخص وأن السبب الرئيسي في موتهم هو تلك الأسلحة النارية المهربة من الولايات المتحدة التي تسمح للأفراد بامتلاك السلاح بدون ضوابط تحول دون وقوعه في الأيدي الخاطئة وبدون أن يكون ذلك السلاح مقتصرا علي بعض المسدسات الشخصية فقط, علي عكس القانون المكسيكي.
وتلك القضية اعادت احياء الجدال الدائر بين مؤيدي ومعارضي انتشار السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية حيث انضمت 12 ولاية أمريكية الي القضية لتساند المكسيك. وأبرز تلك الولايات نيو يورك وكاليفورنيا, بينما يري مؤيدي عدم فرض قيود علي امتلاك السلاح أن الدعوات المضادة تخالف المادة الثانية المعدلة من الدستور الأمريكي التي تقر بذلك الحق لكل مواطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة