تمر اليوم الذكرى الـ1381 على الفتح العربى لمصر، وذلك فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ثانى الخلفاء الراشدين، وبعد اقتراح من عمرو بن العاص، بعدما تمكن المسلمون من فتح الشام وبيت المقدس، وكان سقوط حصن بابليون "آخر معاقل الدولة البيزنطية" فى 16 أبريل من عام 641م، الموافق 22 هـ، إيذانا ببداية الدعوة الإسلامية فى مصر.
بحسب كتاب "الفاروق عمر" للمفكر والأديب الراحل محمد حسين هيكل، كانت مسيرة عمرو إلى مصر بإذن من عمر بن الخطاب، لكن عمر لم يأذن بهذا السير إلا بعد تردد طويل، فالمتواتر أن ابن العاص خاطب الخليفة فى غزو مصر حين فتحت بيت المقدس أبوابها.
ولعل عمرًا ذكر فى حديثه لابن العاص ما تعج به مصر من خيرات ينال الروم أكثرها ولا يبقى للمصريين منها إلا القليل الذى يقيم أودهم ليعملوا فى أرضها المعطاء، ولعله أعاد هذه الأحاديث غير مرة على الخليفة، وعززها بأن علاقات مصر بحكامها من الروم ليست خيرًا مما كانت علاقة العراق بحكامها من الفرس؛ وأن النزاع المذهبى قد أثار على ضفاف النيل حفائظ المصريين وأضعف من حماستهم لحكامهم، إن لم يدعهم للتمرد عليهم، وهذه كلها عوامل تكفل للعرب الظفر بأعدائهم فى الوادى الخصيب، فإذا أضيف إليها ما استقر فى نفوس الناس لذلك العهد من بأس المسلمين ومن أن الله معهم فلا غالب لهم، لم يبقَ موضع للتردد فى غزو مصر ونشر لواء الإسلام فيها، ثم كان للمسلمين من ثراء مصر ومن خيراتها الوفيرة ما يضاعف حظهم من نعيم الدنيا، بقدر ما يضاعف الاستشهاد حين الجهاد حظهم من نعيم الآخرة.
وقد كانت أسباب متلاحقة حملت عمر على هذا التردد، وأول هذه الأسباب أن سياسته فى الفتح كانت إلى آخر السنة السابعة عشرة من الهجرة سياسة عربية بحتة؛ فهو لم يكن يريد أن يتعدى العراق والشام بعد أن ضمهما إلى شبه الجزيرة، وكان يرى أن يضمهما إليها؛ لأن القبائل العربية التى نزحت إليها طوعت للخميين والغسانيين أن يقيموا ملكًا عربيًّا خضع لنفوذ كسرى ولنفوذ قيصر، ومن الحق أن يكون هذا الملك للعرب وحدهم، يستقلون به ويكونون أصحاب السلطان فيه، حتى يجتمع العرب فى وحدة تمتد من خليج عدن والمحيط الهندى إلى أقصى الشمال من بادية السماوة، ولذلك أبى على سعد بن أبى وَقَّاصٍ أن يتخطى سهول العراق إلى جبل فارس، وود لو أن بين السواد والجبل سدًّا من نار، فلا يخلص الفرس إليه ولا يخلص هو إليهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة