عاد اسم أسامة أنور عكاشة، ليحتل مكانه فى سجلات الحنين، بمسلسل «راجعين يا هوى» بطولة النجم خالد النبوى، الذى يقدم أحد أكثر أدواره لمعانًا، بأداء سهل ممتنع، ومعه طاقم من الممثلين المتميزين، حيث يعيد العمل اكتشاف وفاء عامر، ويؤكد تمكن أنوشكا، فى أدوار الأمهات المتنافسات، الواقع أن اسم أسامة أنور عكاشة فى حد ذاته سبب للفرح، والعمل نفسه سبق تقديمه فى مسلسل إذاعى فى حياة أسامة، لكن السيناريست محمد سليمان عبدالمالك نجح فى الاحتفاظ بروح نص أسامة، مع إضافة من شخصيته، فالحوار كان دائمًا من مناطق تألق أسامة.
بداية من اسم المسلسل «راجعين يا هوى» وصولًا إلى الفكرة والعلاقات المتشابكة داخل عائلة أبو الهنا، واسمها، كلها من علامات تميز أسامة أنور عكاشة، وبصماته، فى اختيار الأسماء لأعماله وشخصياته، وهى أسماء دائمًا تكون رنانة وقادرة على تمثيل شخصية العمل ومؤلفه.
وعلى مدى عقدين تقريبًا ارتبط مشاهدو التليفزيون باسم أسامة أنور عكاشة كمؤلف لأهم مسلسلات غيرت من صورة الدراما، ورسمت طريقا جديدا نجح فى جذب المشاهدين، وفى نفس الوقت تراكمت بصمات أسامة على عصر كامل من الواقعية الدرامية.
حتى بعد رحيل أسامة أنور عكاشة ترك وراءه أعمالًا ما تزال تحظى بنسب مشاهدة على منصات التواصل أكبر من أعمال حديثة. فأعمال مثل الحب وأشياء أخرى، الراية البيضا، وقال البحر، عصفور النار، رحلة أبو العلا البشرى، الشهد والدموع، ليالى الحلمية، الراية البيضا، أرابيسك، على أبواب المدينة، زيزينيا، المصراوى، كلها أعمال روائية خالدة، سوف تبقى بجوار الأعمال المكتوبة تحقيقًا لنبوءة الراحل الروائى العظيم نجيب محفوظ، الذى توقع أن تحتل الدراما التليفزيونية والسينمائية مكانها بجوار الأدب المكتوب.
والدراما التليفزيونية اختلفت تمامًا بعد أسامة أنور عكاشة عنها قبلها، مثلما اتخذت الرواية مع نجيب محفوظ اتجاها آخر مصريا وعربيا، كلاهما كان مهموما بالأفكار الإنسانية والطبقة الوسطى والمجتمع والمشاعر الإنسانية والصراعات والطموحات، عودة اسم أسامة فى حد ذاته ضمان لطبيعة العمل وتميزه، فالراحل يترك بصمات أقرب إلى الجينات على أعماله، حتى العلاقات العاطفية الممزقة وغير المكتملة، أو الصراع بين مثالية، وأطماع من خلال بليغ أبو الهنا الذى خسر أمواله واستدان وعجز عن السداد واضطر لنزول مصر للبحث عن طريقة لسداد ديون ضخمة، ويحاول استعادة حقه فى ميراث، هو نفسه محفوف بتنازلات وتعقيدات مواريث سابقة، وسط عائلتى شقيقيه أمين وفطين، حيث الكراهية والضغائن، ليبدأ رحلة أخرى فى مواجهة كل هذا التعقيد، ويستعيد قصة حبه القديمة مع فريدة، وقصة ثانية مع ماجى، بينما تنمو علاقة بين ابن شقيقه، وابنة الآخر، ليعطوا خيطا جديدا من البحث عن حل للعقد المتراكمة.
العمل يجمع بين الدراما والكوميديا على طريقة أسامة، وقد تم تقديمه للمرة الأولى إذاعيا بنكهة كوميدية، وهى بصمات واضحة فى العمل التليفزيونى، الذى احتفظ بروح أسامة وأعاد التذكير به، لدى جمهور أحبه وتبعه، ويشتاق دائمًا لأعماله العظيمة، والأسماء التى ارتبطت مع أسامة مثل إسماعيل عبدالحافظ ومحمد فاضل وأنعام محمد على، فضلًا عن عشرات وربما مئات النجوم الذين شاركوا فى أعماله، وتركوا بصماتهم، ومن ميزات وعلامات أسامة أنور عكاشة جماعية البطولة، وهو أمر يستمر فى «راجعين ياهوى»، حيث يقدم خالد النبوى دوره ببراعة وتمكن، وبجانبه علامات متميزة، نور، هنا شيحة، أنوشكا، وفاء عامر، أحمد بدير، سلمى أبو ضيف، إسلام إبراهيم، طارق عبدالعزيز، حتى فى دور ابن وابنة شقيقيه أمين وفطين.
نحن أمام عمل لا يعيد التذكير بأعمال أسامة أنور عكاشة، لكنه يتعامل باحترام مع اسم الراحل وأعماله، وهو أمر وفرصة سعيدة يستحق فريق العمل الشكر عليها، والشركة «المتحدة» التى دعمت مثل هذا الإنتاج، وحافظت على اسم الكاتب الكبير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة