انطلاقًا من دور الجهاز القومى للتنسيق الحضارى فى العمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المصرى، انطلقت فكرة مشروع "حكاية شارع"، الذى يهدف إلى التعريف بالشخصيات المهمة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع، وذلك من خلال وضع لافتات باسم وتاريخ الأعلام الذين أطلقت أسمائهم على الشوارع، والذين يشكلون قيمة تاريخية وقومية ومجتمعية لمختلف فئات الشعب المصرى، ولهذا نستعرض يوميًا شخصية من الشخصيات التى لهم شوارع تحمل أسمائهم، حسب ما جاء فى حكاية شارع للتنسيق الحضارى، واليوم نستعرض شخصية البطل الرياضى "فريد سميكة"، والذى له شارع يحمل اسمه بالقاهرة.
ولد فريد باسيلى سميكة فى 12 يونية 1907 بالإسكندرية، وتربى فى وسط راقي، فعاش فريد طفولة مخملية فألحقه فيها والده مدير الجمارك “باسيلى بك سميكة” بمدارس النخبة فأتقن الفرنسية والإنجليزية، وكان سميكة عاشقًا لفكرة الطيران ويحلم بأن يصبح طيارًا، ولم يستسلم حتى أصبح حاملاً لرخصة الطيران المحلية فى مصر، لكن القدر قاده ليصبح أحد أبرز نجوم الرياضة المصرية على مر تاريخها، فى مجال رياضة الغطس.
سميكة بطلًا أوليمبيًا وعالميًا
مثل فريد سميكة مصر فى أولمبياد أمستردام عام 1928، وكان عمره آنذاك 21 عامًا، وهناك كان المجد ينتظره بأن أصبح مع الثنائى السيد نصير وإبراهيم مصطفى أول من رفعا العلم المصرى والعربى والإفريقى فى المحفل الرياضى الأكبر، فكان لفريد سميكة السبق بإحراز ميداليتين فى دورة أولمبية واحدة معلنًا عن نفسه كأحد أفضل الغطاسين فى العالم، فقد حصل على الميدالية الفضية فى مسابقة السلم الثابت، والبرونزية فى مسابقة السلم المتحرك.
وفى هذا الأولمبياد وقع خطأ تاريخى حرم فريد سميكة من الميدالية الذهبية بعدما عزف السلام الوطنى للمملكة المصرية آنذاك ابتهاجا بفوزه بالميدالية الذهبية فى مسابقة السلم الثابت، لكن أقرت لجنة التحكيم بوجود خطأ فى احتساب الدرجات، وذهبت الميدالية الذهبية للغطاس الأمريكى "بيتى ديسجاردنس"، المنافس له.
وفى عام 1932 فاز سميكة ببطولة العالم فى الغطس، وفى أمريكا حيث استقر حاز بطولة أمريكا فى الغطس أكثر من مرة، كما حاز على بطولة العالم فى اليابان.
اعتزال سميكة
وقد اعتزل فريد فى عام 1932 فى أوج تألقه، وفى عام 1933 قام برحلة حول العالم مع زميله هارولد سميث أبهرا فيها كل من شاهد عروضهما فى الغطس المزدوج، ثم لاحقًا قاما برحلة مماثلة عبر الولايات المتحدة أقاما خلالها عروضًا كرنفالية لتحفيز الشباب على ممارسة تلك الرياضة.
وفى عام 1935 عمل مدربًا لمنتخب مصر الأوليمبى فى الغطس، والذى شارك فى دورة برلين 1936.
هجرة سميكة إلى أمريكا
كان شقيق فريد سميكة الأكبر يشغل منصبًا دبلوماسيًا مصريًا فى نيويورك خلال نهاية العشرينات وبداية الثلاثينيات، ولكن هذا لم يكن السر فى هجرته لأمريكا، وإنما السبب يرجع إلى العلاقة الوطيدة التى جمعت بين عائلتى سميكة وروزفلت، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فى الثلاثينيات، والذى كان قد زار مصر صغيرًا وعشقها بشدة.
فى عام 1929، طلب فريد سميكة الزواج من مابل فان دين آكر، ابنة أحد الأثرياء والذى كان تاجرًا للمجوهرات لنجوم هوليوود، ولكن القانون العنصرى آنذاك كان يمنع تزوج الأمريكية البيضاء من شخص قوقازى، قبل أن تصدر المحكمة المحلية فى كاليفورنيا حكمها بالسماح بهذه الزيجة، التى أثارت ضجة كبيرة فى الصحافة الأمريكية، وبعد أقل من عامين وقع الطلاق وتزوج فريد سميكة من أمريكية أخرى تدعى بيتى جين ويلسون وأنجب منها نجله الوحيد "صادق".
عمل سميكة بهوليوود
بعد أن اعتزل فريد سميكة الغطس والسباحة اتجه للعمل فى هوليوود، فقد شارك فى المشاهد الخطيرة فى أفلام "طرزان" مع "جونى فايسمولر" وفى فيلم "ما وراء البحار"، وشارك بقفزاته فى زوج من الأفلام الوثائقية الشهيرة من إنتاج "مترو جولدوين ماير" عن رياضة الغطس وهما "الغطس المزدوج 1939م" و "الرياضات المائية" عام 1941.
انضمام سميكة للجيش الأمريكى
فى عام 1942، حصل فريد سميكة على الجنسية الأمريكية وراوده الحلم القديم بالعودة للطيران، ولكن الوقت كان قد فات، فأصبح مساعد طيار ضمن الجيش الأمريكى بتوصيات وبرنامج خاص أعده روزفلت، الذى كان يثق فى سليل العائلة التى عرفها بمصر عن طريق مرقس باشا سميكة.
وبعد أن نال سميكة رتبة "ملازم ثان" فى الجيش الأمريكي، وبالتحديد عام 1943، كان أحد أفراد مهمة تصوير لمواقع اليابانيين فى آسيا قرب الجزر الإندونيسية، على متن طائرة من طراز «B-42»، ولكنها سقطت فى أيدى الجيش الياباني.
مقتل سميكة
وقع سميكة أسيرًا فى أيدى اليابانيين عام 1943، واقتيد لأحد المعسكرات، ثم نفذوا فيه حكم الإعدام بقطع رأسه بكل وحشية عام 1944، واعتبره الجيش الأمريكى من المفقودين فى العمليات.
فريد سميكة
لافتة حكاية شارع فريد سميكة