أحد الأيقونات المصرية فى عالم الآثار، فعبر مسيرته العلمية قدم العديد من الدراسات الرائدة فى ذلك المجال، لعل أبرزها "موسوعة مصر القديمة"، إلى جانب اكتشافاته الأثرية المذهلة، هو العالم الكبير سليم حسن، عميد الأثريين المصريين، ونستعرض سيرته عبر سلسلة أيقونات مضيئة فى رمضانك تفاعلى على "اليوم السابع".
سليم حسن ولد فى 12 أبريل من عام 1886م، فى قرية ميت ناجى بمركز ميت غمر محافظة الدقهلية، ورغم رحيل والده وهو فى عمر الطفولة إلا أن والدته أصرت على أنه يكمل تعليمه، وبعد أن أنهى مرحلة التعليم الابتدائية، حصل على شهادة البكالوريا فى عام 1909م، ليلتحق بعد ذلك بمدرسة المدرسين العليا، ويتخرج منها فى عام 1913م.
عمل سليم حسن لفترة كمدرس للتاريخ بالمدارس الأميرية، ثم عين بعد ذلك فى المتحف المصري فى عام 1921م، بعد ضغط من الحكومة المصرية نظرًا لأن تلك الوظائف كانت حكرًا على الأجانب فقط، وكان ذلك قبل إرساله فى بعثة دراسية حكومية إلى السوربون "1925 – 1927"، وحصل على دبلوم اللغات الشرقية، واللغة المصرية القديمة من الكلية الكاثوليكية، كما حصل على دبلوم الآثار من كلية اللوفر، وأتم بعثته بحصوله على دبلوم اللغة المصرية ودبلوم فى الديانة المصرية القديمة من جامعة السوربون، ثم حصل على درجة الدكتوراه فى علم الآثار من جامعة فيينا عام 1935.
ولكن بعد أن عاد من جامعة السوربون عاد مرة أخرى للعلم فى المتحف المصرى، لينتدب بعد ذلك لتدريس علم الآثار بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة حاليًا"، ثم عين أستاذًا مساعدًا فى عام 1928م، وأصبح أول أستاذ مصرى لعلم المصريات بالجامعة فى عام 1931م.
كما أن العالم الكبير سليم حسن كان أول مصرى يتولى منصب وكيل عام مصلحة الآثار المصرية فى عام 1926م، ويصبح آنذاك المسئول الأول عن كل آثار البلاد، ونجح وهو فى تلك المنصب أن يعيد إلى المتحف المصرى مجموعة من القطع الأثرية التى كان يمتلكها الملك فؤاد، ليحاول بعد ذلك الملك فاروق استعادتها مرة أخرى، ولكن سليم حسن رفض وتصدى للأمر بشدة عرضه لمضايقات شديدة أدت إلى تركه منصبه فى عام 1940م.
كان للعالم الكبير سليم حسن اكتشافات أثرية هامة، ففى عام 1927م، شارك عالم الآثار النمساوى "يونكر" عام 1927، فى أعمال الحفر والتنقيب فى منطقة آثار الهرم، وفى عام 1929م بدأ فى أعمال التنقيب الأثرية فى نفس المنطقة ولكن لحساب جامعة القاهرة لتكون المرة الأولى التى تقوم فيها هيئة علمية منظمة أعمال التنقيب بأيد مصرية، واستمر فى أعمال التنقيب حتى عام 1939م، اكتشف خلالها حوالي مائتي مقبرة منها على سبيل المثال "مقبرة الملكة (خنت كاوس)، و"مقابر أولاد الملك خفرع"، و"مقبرة "رع ور"، إلى جانب "مراكب الشمس الحجرية للملكين خوفو وخفرع" وغيرها الكثير والكثير.
وكان للعالم الكبير سليم حسن مجموعة مهمة من المؤلفات التى تعد مراجع هامة لجميع الأجيال المتعاقبة مثل "موسوعة مصر القديمة المكونة من ثمانية عشر جزءًا" والتى بدأ كتابتها فى عام 1940 وأتمها فى عام 1960، ومن مؤلفاته أيضًا "جغرافية مصر القديمة"، "الأدب المصرى القديم أو أدب الفراعنة"، "تاريخ الديانة المصرية"، إلى جانب مشاركته فى تأليف بعض الكتب بالعربية والإنجليزية والفرنسية.
ولمكانته العلمية الكبير استعانت به الحكومة المصرية فى عام 1954م كرئيس للبعثة التى ستحدد مدى تأثير بناء السد العالى على آثار النوبة، إلى جانب انتخابه فى عام 1960م عضوا بالإجماع فى أكاديمية نيويورك التى تضم أكثر من 1500 عالم من 75 دولة، ليرحل عن عالمنا بعد مسيرة طويلة فى علم الآثار المصرية فى 29 سبتمبر 1961م.