أحد عباقرة الفن، استطاع عبر مسيرته الفنية سواء فى السينما أو المسرح أن يحفر اسمه بحروف من الذهب، من خلال مجموعة كبيرة من الأفلام والعروض المسرحية، التى لاقت نجاحًا كبيرًا حينها ومازالت تنال إعجاب جمهور المشاهدين حتى الآن، هو الفنان الكبير على خليل سالم، الذى عرف فنيًا باسم على الكسار، والذى نستعرض سيرته عبر سلسلة أيقونات مضيئة فى رمضانك تفعالى على "اليوم السابع".
على الكسار
ولد الفنان على الكسار فى 13 يونيو من عام 1887م، فى حى السيدة زينب بحى البغالة فى قلب القاهرة، وألحقه والده بالكتاب، ولكنه تركه دون أن يتعلم شيئًا، ليصطحبه والده للعمل معه، ثم بعد ذلك يذهب مع شقيقه الأكبر ليعمل معه طباخًا، نظرًا لضيق حال أسرته.
وخلال عمله مع شقيقه تعلم صناعة الطبخ بشكل متميز، وخلال تلك الفترة اختلط بعدد كبير من النوبيين والذى استطاع أن يتقن كلامهم، وهذا ما ساعده أن يؤدى دور الرجل النوبى فى أعماله الفنية، بل ويظن الناس أنه من أصل نوبى، بعد ما عرف لغتهم وطباعهم الجميل.
بدأ الفنان على الكسار الذى أخذ اسم جده لامه بدلاً من "على خليل سالم"، فى عام 1907م، بعد أن ألتحق بفرقة "الأوبرت الشرقى" التى كانت تقدم وقتها رواية "حسن أبو على سرق المعزة"، وتم اختياره لدور خادم نوبى، والذى نجح فى تقديمه بشكل بارع.
لم يتوقف طموح الفنان على الكسار الذى نجح بشكل كبير فى عالم الفن بعد أن نال إعجاب الجمهور، لذا كون فرقة تحمل اسمه، وابتكر شخصية "البربرى المصرى" وهى "عثمان عبد الباسط" التى كانت سببًا فى أن يطلق عليها النقاد لقب "بربرى مصر الوحيد"، لينافس الفنان الكبير نجيب الريحانى فى شخصية "كشكش بك".
لاقت شخصية عثمان عبد الباسط رواجًا كبيرًا فى الشارع المصرى لما تحمله من معانى صادقة للشخصية المصرية التى تتسم بالطيبة والروح المرحة والبساطة والأخلاق الفاضلة، وقد جسد الشخصية الفنان على الكسار بشكل بارع للغاية، وخير دليل على ذلك أن الشخصية لا تزال خالدة فى ذاكرة تاريخ الفن العربى حتى الآن.
كتب لفرقة على الكسار التى كونها بمشاركة أمين صدقى النجاح الساحق، وهو ما شجع الموسيقار الكبير الشيخ زكريا أحمد فى الانضمام للفرقة، ليقدم مجموعة من الألحان لجميع عروض الفرقة، التى شهدت قفزة هائلة فى عالم الفن آنذاك، حيث أصبحت تقدم عروضها ليس على المستوى المحلى فقط بل على مسارح الشام وعدد من الدول العربية.
ولكن لم يدم هذا النجاح طويلاً فينفصل الشريكان ويقرر الكسار تكوين فرقة خاصة، وقدمت عروضًا كثيرة، لكن فى منتصف الأربعينيات يشهد مسرحة تراجعًا بعد عدة أزمات مالية للفرقة التى قدمت أكثر من 160 مسرحية، ليتجه الكسار بعد ذلك إلى السينما وقدم فيها عدداً من الأفلام الناجحة.
وكانت بداية رائد الكوميديا على الكسار فى السينما مع فيلم قصير مدته 32 دقيقة وهو فيلم "الخالة الأمريكانية" عام 1920م، والأغرب أنه لم يعاود التجربة إلا بعد مرور 15 عاما بعدة أفلام منها "بواب العمارة، غفير الدرك، سلفنى 3 جنيه، عثمان وعلى، علي بابا والأربعين حرامي، محطة الأنس" وغيرها وغيرها من الأفلام الناجحة والتى لاقت رواجًا ونجاحًا كبيرًا فى تاريخ السينما المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة، لتصل أفلامه التى قدمها للسينما لـ 38 فيلمًا، وبعد مسيرة عطاء كبيرة رحل عن عالمنا يوم 15 يناير 1957م، ليرحل بجسده وتبقى أعماله خالدة فى تاريخ الفن العربى.