فى 13 رمضان من سنة 15 هجرية الموافق 18 أكتوبر من سنة 636 ميلادية، وصل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى فلسطين، وتسلم مفاتيح مدينة القدس، وقام بتأمين المسيحيين على أرواحهم وشعائرهم الدينية، بعد حصار دام أربعة أشهر، حيث عرض بطريرك القدس صفرونيوس استسلام المدينة التى كانت محاصرة من المسلمين ودفع الجزية، بشرط أن يحضر الخليفة إلى القدس للتوقيع على اتفاق وقبول الاستسلام.
وبوصول الخليفة عمر بن الخطاب إلى القدس، تمت صياغة العهدة العمرية، واستسلمت المدينة التى كانت محاصرة من المسلمين وأعطيت ضمانات الحرية المدنية والدينية للمسيحيين في مقابل الجزية، وقد وقع عليها الخليفة عمر نيابة عن المسلمين، وشهدها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان.
يقول ابن كثير في كتاب البداية والنهاية :"ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ رِوَايَةِ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ وَمُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ دِمَشْقَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ إيليا يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ يَبْذُلُونَ الجزية أو يؤذنوا بِحَرْبٍ. فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوا إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ. فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ فِي جُنُودِهِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى دِمَشْقَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ ثُمَّ حَاصَرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَجَابُوا إِلَى الصُّلْحِ بِشَرْطِ أَنْ يَقْدَمَ إِلَيْهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بِذَلِكَ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِأَنْ لَا يَرْكَبَ إِلَيْهِمْ لِيَكُونَ أَحْقَرَ لَهُمْ وَأَرْغَمَ لِأُنُوفِهِمْ. وَأَشَارَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ لِيَكُونَ أَخَفَّ وَطْأَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي حِصَارِهِمْ بَيْنَهُمْ، فَهَوِيَ مَا قَالَ عَلِيٌّ وَلَمْ يَهْوَ مَا قَالَ عُثْمَانُ. وَسَارَ بِالْجُيُوشِ نَحْوَهُمْ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَسَارَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الشَّامِ تَلَقَّاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَرُءُوسُ الْأُمَرَاءِ، كَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَتَرَجَّلَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَتَرَجَّلَ عُمَرُ فَأَشَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِيُقَبِّلَ يَدَ عُمَرَ فَهَمَّ عُمَرُ بِتَقْبِيلِ رِجْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَكَفَّ أَبُو عُبَيْدَةَ فَكَفَّ عُمَرُ. ثُمَّ سَارَ حَتَّى صَالَحَ نَصَارَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ إِجْلَاءَ الرُّومِ إِلَى ثَلَاثٍ ثُمَّ دَخَلَهَا إِذْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. وَيُقَالُ إِنَّهُ لَبَّى حِينَ دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى فِيهِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بِمِحْرَابِ دَاوُدَ، وَصَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ فِيهِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مِنَ الْغَدِ فَقَرَأَ فِي الْأَوْلَى بِسُورَةِ ص وَسَجَدَ فِيهَا وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الصَّخْرَةِ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة