انطلاقاً من دور الجهاز القومى للتنسيق الحضارى فى العمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المصري، انطلقت فكرة مشروع "حكاية شارع"، الذى يهدف إلى التعريف بالشخصيات الهامة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع، وذلك من خلال وضع لافتات باسم وتاريخ الأعلام الذين أطلقت أسمائهم على الشوارع، والذين يشكلون قيمة تاريخية وقومية ومجتمعية لمختلف فئات الشعب المصري، ولهذا نستعرض يوميًا شخصية من الشخصيات التى لهم شوارع تجمل أسمائهم، كما استعرضهم التنسيق الحضارى، واليوم نستعرض حكاية "السلطان الغورى" وجاء اسم شارعه "الغورية".
السلطان الغورى هو غلام مملوكى شركسي، ولد فى عام 1446م، وكان من مماليك الأشرف قايتباي، وقد أصبح رئيسًا لعشرة، وعمره أربعين عامًا، ثم رقى إلى قيادة طرسوس وحلب وملطية، ثم أميرًا لألف، ثم رقى إلى قيادة طرسوس وحلب وملطية، ثم أميرًا لألف، ثم كبير الأمناء، وكان عمره ستين عامًا عندما اختير سلطانًا.
توليته سلطنة مصر
أجمع أمراء المماليك على تولية قانصوه الغورى سلطنة مصر فى أول شوال 906ه/ 1501م، وأحضر القضاة والخليفة العباسى "المستمسك بالله يعقوب" وبايعوه بالسلطنة، وهو رافضًا للسلطنة خوفًا من بطش الأمراء به، فهو ليس بأفضلهم، ولكن الأمراء الكبار تجنبوا الإقدام على السلطنة خشية من بعضهم البعض، فأرادوا تولية من هو أضعف منهم حتى إذا أرادوا إقالته كان ذلك عليهم يسيرًا.
فقبل السلطنة بعد أن اشترط على الأمراء أن لا يقتلوه إذا أرادوا خلعه فقبلوا منه ذلك، واستمر فى السلطنة خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة وعشرين يوماً.
أعماله أثناء السلطنة
بدأ الغورى حكمه بطرد أتباع السلطان السابق، ثم قبض عليهم وسجن قسمًا، ونفى آخر، وصودرت أملاكهم، وعين بعض الفئات المعادية له فى وظائف مهمة. وتمكن من القبض على السلطان السابق الذى كان يحيك له المؤامرات وقتله، فنجا الغورى من الخطر.
التفت السلطان الغورى إلى تدبير أمور الدولة، وقد أظهر حنكة فى إدارة شئون الدولة التى انخفضت إيراداتها بشدة بعد اكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح، ففرض ضرائب إجبارية على مختلف الممتلكات بما فيها الوقف والخيرات، وعلى اليهود والنصارى وكافة الطبقات الشعبية.
إلا أن الإجراءات التى قام بها جلبت غضب الناس والمماليك عليه حيث فرض ضرائب باهظة وخفض الأجور مما أدى لحالة تذمر بين المماليك ولم يمنعهم من عزله إلا خوفهم من انعدام أجورهم بعد ذلك إذا عين أى سلطان اخر.
وقد أنفق هذه الأموال التى جمعها من الناس على المماليك الذين ساعدوه، ثم على شراء مماليك آخرين كان يثق بهم، وكذلك أنفق كثيرًا على الجيش، والإصلاحات والمبانى العامة التى غمر بها القاهرة.
أعماله المعمارية بشارع الغورية
يقابلنا فى طليعة ما بناه الغورى مجموعة معمارية على رأس تقاطع شارع الغورية بشارع الأزهر المدفن الذى لم يدفن فيه والخانقاه والمكتب والمقعد، ولها واجهتان رائعتان احداهما غربية مشرفة على شارع الغورية، والثانية بحرية مطلة على شارع الأزهر، وقد شيد السلطان هذه المجموعة فيما بين عامى 1503 و 1504م، ويقابل هذه المجموعة مسجد الغورى الذى شيده فى عام 1504م على الطراز المتعامد.
نهاية السلطان الغوري
بدأ السلطان العثمانى سليم الأول بالتفكير فى الاستيلاء على مصر، وإلحاقها بالدولة العثمانية، وأن يبدأ ببلاد الشام، وبالفعل جهز جيشًا كبيرًا فى ربيع عام 1516م، ولم يتهيأ الغورى للخطر العثمانى مبكرًا، إلا أنه فوجئ بالخطر العثمانى يدق الأبواب.
وقد خرج الغورى من القاهرة بجيش كبير، وترك "طومان باى الثاني" حاكمًا على مصر، والتقى جيش الغورى مع الجيش العثمانى فى معركة "مرج دابق" شمال حلب فى عام 1016م، وقاتل المماليك ببسالة، وتقهقر جيش سليم الأول، لكن تفوق العثمانيين عددًا ومدفعية، ووقوع الخيانة فى معسكر الغوري، أدى فى نهاية المطاف إلى انتصار العثمانيين، وقتل قانصوه الغورى فى المعركة.
شارع الغورية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة