الحقيقة المجردة هى السلاح الحاسم والرادع ضد الشائعات والأوهام، فإذا أردت أن تفند أكذوبة اقذفها بحقيقة، ولو رغبت في محوها من الأذهان، أجعل الحقيقة مجسدة صوت وصورة، وهكذا فعل القائمون على مسلسل الاختيار3 للرد بما لا يدع مجالا للشك على كافة الافتراءات والأكاذيب التي اعتادت جماعة الإخوان الإرهابية وأذنابها ترديدها بشكل فج وبوجه مكشوف، تلك الدراما الشيقة والحبكة الفنية الرائعة في المسلسل، لم تكن كذلك حينها، بل كانت أحداثا فاصلة في تاريخ بلد وشعب.
الاختيار .. حبكة درامية مغزولة بحرفية ومهنية شديدة، تأتى بالحقائق بالمجردة و"تلضمها" ضمن الأحداث الدرامية في سياق تشويقى كبير، يأخذ بالعيون والألباب، ويجعل المشاهد يلهث وراء كل لقطة، ورغم أن الجميع كانوا شهودا على تلك الأحداث، وشاهدوها رؤى العين، يأتي الاختيار ليأخذ بأيدينا ويدخل بنا إلى دهاليز الغرف المغلقة، للكشف عن تفاصيل التفاصيل،
أدركنا بعدها أن ما كنا نشاهده هو نقطة في بحر من الأحداث المتلاطمة، الصورة الحقيقية كانت متشابكة، وأشد قتامة، كانت هناك جماعة تفعل ما بوسعها للسيطرة على الوطن، والتحكم بفواصل الدولة وبسط يدها على كافة أرجاءها، جماعة لم تر سوى أعضائها وأعوانها ليحتلوا مراكزها القيادية، لتصير مصر خاضعة لحكمهم، ويتبدل شعبها من أسياد لعبيد ينفذون أوامر المرشد بالسمع والطاعة. ولكن لأن مصر في حماية الله وأمنه وكنفه، حباها الله بجيش فيه رجالا لاخوف عليهم، على رأسهم الفريق عبد الفتاح السيسى، تصدوا لتلك المؤامرات، ووقفوا بصلابتهم أمام الدسائس والخطط الرامية إلى تقسيم البلاد، وإذلال العباد، خاضوا أحداثا كانت تتطلب قرارات شجاعة، وسريعة وحاسمة، قرارات يتوقف عليه مستقبل بلد وشعب، وتؤثر في الأجيال القادمة، والمدهش أن أبطال تلك اللحظات لم يمتلكوا رفاهية التفكير المتأني ، بل كان عليهم الاختيار والقرار في سرعة وقوة تتوائم مع الأحداث المتلاحقة حولهم، كان مطلوبا منهم قرارا ينقذ البلد من وحل الفوضى ونيران التطرف وجحيم التقسيم. فكان قرار إنقاذ الوطن، والانحياز لإرادة الشعب، والنزول على رغبة أبناء الوطن، هو الاختيار العبقرى.
رأينا في الاختيار أسرار اختيار الفريق السيسى لتولى منصب وزير الدفاع، وتعامله الذكى والشجاع في ملفات وخطط شائكة ومتشابكة، وفى ظروف غاية في الدقة، حيث استطاع بقوة عزيمته، وحبه لبلده وتجرده من أي غرض سوى مصلحة مصر، أن يقود سفينة الوطن ويخرج بها من بحر ظلمات الفتن، إلى بر الأمان، شاهدنا كيف كانت نصائح الفريق اول عبد الفتاح السيسي للرئيس مرسى، نابعة من خوفه علي البلاد وتماسكها، وتمثل رؤية مستقبلية اكتسبها من عمله في المخابرات، كانت تنبئ بأن البلاد مقبلة على انقسام واقتتال قد يحدث نتيجة لما يقترفه مرسى من قرارات تصب كلها في صالح خطط جماعة الإخوان للتمكين وأخونة مؤسسات الدولة ومحاولات السيطرة علي مفاصل البلاد، ولكن هيهات لم يسمع مرسي ومن وراءه لأي نصيحة من الفريق السيسي واخذت قيادات الجماعة العزة بالإثم ولم يروا سوي مصلحة الجماعة، وتعاملوا مع الشعب المصري كأنه رعية ليس له رأي أو متطلبات، ولكنه يقاد علي هوي وروية الإخوان، وذهبت النصائح المخلصة للفريق عبد الفتاح السيسى لوأد أحداث الفتنة في مصر، أدراج الرياح، لأن مرسى لم يكن يسمع سوى لخيرت الشاطر ومكتب الإرشاد.
فكرة أن يتم تجسيد شخصية رئيس خلال وجوده في الحكم، خطوة جريئة جدا، تتطلب شجاعة من صناع المسلسل، واعتقد أن ما ساعدهم في ذلك هو منهج الرئيس السيسى في المكاشفة والمصارحة منذ أن تحمل مسئولية البلاد، واصبحا هما لغة الخطاب بينه وبين الشعب، لدرجة اندهاش البعض من الشفافية الواضحة فى أحاديث الرئيس مع المواطنين، وهو الأمر الذى رد عليه الرئيس كثيرا برغبته في مشاركة المواطنين كافة المعلومات والقرارت، حتى تكون الحقائق جلية وضوح الشمس وحتى لا يتم العبث بعقول المصريين من قبل الكارهين لمصر.
أتوقع أن يحتل مسلسل الاختيار قمة الدراما الرمضانية هذا العام، فإجماع الأراء للمشاهدين على مواقع التواصل تؤكد ذلك، واختيارهم لـ الاختيار، ليس من فراغ بل لأنه يجسد ببراعة وقائع وأحداث عاشوها وشاهدوها، ولكن من الخارج، وجاء المسلسل ليأخذ بأيديهم إلى الغرف المغلقة والسرية، ليروا بأعينهم كافة الوقائع بالصوت والصورة، فالرؤية المجردة ، خير برهان عن كنه الحقيقة.