حافظ أهالى محافظة شمال سيناء من أبناء القرى والتجمعات السكانية البعيدة عن المدن على عادات وتقاليد متوارثة، لإحياء شهر رمضان فى الدواوين والمجالس لكل عائلة وعشيرة وقبيلة.
هذا العام وكل رمضان تواصل إحياء عادات وتقاليد شهر رمضان، وبينها الإفطار الجماعى فى الديوان وفى بعض الدواوين تناوب توفير وجبة الإفطار للجميع، إضافة للحرص على تناول أطعمة ومشروبات طبيعية من البيئة المحلية.
فى ديوان ومجلس عائلته بمنطقة المساعيد غرب مدينة العريش، احتفى "طه فريج"، مع أقاربه ورواد الديوان بحلول شهر رمضان المبارك بعادات يقول انها متوارثة لديهم منذ أن عرف الحياة، ولا يزالون كما كان آباؤهم يحافظون عليها هم يقومون بها الآن ويورثونها لأبنائهم لتبقى بلا ضياع ولا اندثار.
أضاف "فريج"، أن من بين هذه التقاليد وكما يحدث فى كل ديوان ومجلس، أن يتناول الجميع من الرجال الإفطار على مائدة واحدة فى الديوان، لافتا إلى أن هذا الطعام كلا يحضره من منزله مما تيسر من إفطاره، ويجمع فى مكان واحد وعلى مائدة واحدة، وفور انطلاق الأذان وموعد الإفطار الكل يجلس وتناول مما يليه فى تألف ومحبة تجمع الجميع.
وتابع الحديث مصطفى حسن، أحد الشباب بقوله، أن جيلهم بدوره يحافظ على هذه التقاليد دون تفريط، لافتا إلى أن دور الشباب والأطفال هو نقل طعام الإفطار من المنازل المجاورة لكل ديوان أو مجلس عائلة أو عشيرة، وما يكون مرافقا له من عصائر وغيرها، بينما يساعد آخرين من الشباب كبار السن فى إعداد القهوة والشاى فى الديوان مبكرا قبل موعد الإفطار بنحو ساعة، وترتيب المكان يوميا وتجهيزه.
وأشار إلى أنه منذ ساعات العصر يبدأ وصول من يفطرون فى المكان من أهل الديوان ويسمون "المحلية"، وهم مجموعة من يجمعهم الديوان والمجلس، ويتفقون فيما بينهم على نسق تعاون فى توفير مستلزمات المشروبات من الشاى والقهوة، وتوفير الحطب وكل ما يلزم من أدوات المعيشة.
وقال مسلم حسان، أحد الأهالى، إن ديوانهم يقع بنطاق مركز بئر العبد غرب المحافظة وفى يجتمعون يوميا للإفطار، واستكمال السهرة الرمضانية بصلاة التراويح فى جماعة فى المسجد المجاور للديوان، ثم السهر حتى منتصف الليل والعودة للبيوت، لافتا إلى أن هذا النسق الاجتماعى يجمع الجميع من كل الأعمار، بينهم كبار السن وبينهم الموظفين والطلبة الجامعيين وكل الفئات.
وتابع أن من أجمل ما فى هذه الأمسيات أنها ترسخ لتقاليد الترابط الاجتماعى بين الأجيال، وتحافظ على التقاليد، مشيرا إلى انه يشارك الصغار والكبار فى إعداد القهوة على الطريقة التقليدية القديمة، وتقديمها للضيوف وفق قواعد الكرم والضيافة.
وأشار إلى أن المرأة السيناوية رغم انها قد تكون غائبة عن المجلس إلا أنها صاحبة دور رئيسى فى هذه التقاليد، فهى من بعد ظهر كل يوم تعد الطعام وتجهز "الخبز" على الصاج بالطريقة التقليدية ليقدم طازجا، كما انها من بيتها تخرج الأطباق لتصل لجارتها ومنها تستقبل أطباق طعام أخرى وفى بعض البيوت تجتمع السيدات فى أحد البيوت حول مائدة إفطار واحدة، لتناول الطعام كما هى طريقة الرجال فى كل ديوان.
وقال الباحث فى التراث السيناوى حسن سلامة، إن تقاليد شهر رمضان عند بدو سيناء لاتزال قائمة فى كثير من الدواوين والمجالس، ومن أهم هذه التقاليد هى مائدة الإفطار، لافتا إلى أنه يسبق تجهيزها طقوس إعداد القهوة التى يقوم بها كبار السن بمعاونة الصغار فى مشهد فريد من نوعه عندما يحرص صانع القهوة أن يعد نار الحطب ويشعلها، ويبدأ فى صناعة "بكرج" القهوة العربية بمقادير ثابتة، ويبقى فى إعدادها حتى قبيل ساعة الغروب لتكون جاهزة لتناولها بعد الانتهاء من طعام الإفطار.
أضاف أن كافة مجالس ودواوين سيناء يغلب عليها طابع شهر رمضان بكل روحانياته، لافتا إلى أن هناك مجالس للعائلات وأخرى مجالس زوايا الطرق الصوفية وفى جميعها فور الانتهاء من شرب الماء والإفطار على حبات التمر مع كوب عصير طبيعى، يتجه الجميع لأداء صلاة المغرب وبعدها يتم تناول الإفطار، وشرب الشاى أولا ثم القهوة، ثم تلاوة الأذكار وبعدها التوجه لصلاة العشاء والتراويح، واستكمال السهرة بتناول الشاى والقهوة والحلويات المتوفرة التى يحضرها البعض كهدايا من الأسواق وأخرى تصنع فى البيوت، ثم استكمال السهرة بقراءة جزء من القرآن الكريم جماعيا، أو الاستماع لكلمات من الدعاة وهكذا يمضى رمضان فى كل مجلس وديوان بسيناء.
وقال الباحث، إن هناك تأثير لتطورات الحياة على مجتمعات سيناء، ولكن أصول هذه العادات والتقاليد باقية فهناك مجالس ودواوين أصبحت مجهزة من الأسمنت والبناء الحديث، لكن يحرص من فيها على الجلوس بجوارها على الرمال وفى المنتصف "راكية" النار التى فيها تجهز القهوة والشاى، كما أن الحرص دائما أن يكون الإفطار متساوى ومتشابه وهو من خير طعام البيت، وقد يعلن أحدهم انه متكفل بالإفطار فى اليوم التالى بذبح وتجهيز شاة أو ما تيسر بغرض أن ينال أجر إفطار الصائمين، بينما فى النصف الثانى من شهر رمضان يحرص كل من فى الديوان أن يخصص يوم له لإفطار كل من فى الديوان، وفى الغالب يحرص كل من فى المجلس على جمع زكاة رمضان وتوزيعها فى سرية على من فى المنطقة من المستحقين لها.
احضار الطعام
اعداد الطعام ببساطة
بساطة الافطار
جانب من الجلسات
رمضان فى سيناء
فى انتظار الافطار
من مجالس اهل سيناء
وصول طعام الافطار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة