حالة من الاستنفار تعكسها أذرع الفلول الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان عبر السوشيال ميديا على مدار الأيام القليلة الماضية، ازدادت حدتها مع انتهاء الموسم الدرامى الرمضانى، الذى اعتمد بشكل أساسى على تقديم الكثير من الرسائل والمضامين التى تعتمد على الوعى بشكل رئيسى، سواء على المستوى الاجتماعى أو الوطنى والسياسى.
ولعل الجزء الثالث من مسلسل الاختيار إلى جانب مسلسل العائدون، هما الأكثر ألما لجماعة الإخوان، فقد جاءا ليكشفا سياسات الجماعات الإرهابية وتحركاتها، وأتت التسجيلات فى «الاختيار» بالصوت والصورة لتغلق فى وجه الإخوان جميع المنافذ التى تدفع لتصديق أكاذيبهم وادعاءاتهم بالمظلومية فى محاولة للحفاظ على ما تبقى لهم من مؤيدين أو متعاطفين.
القيادة السياسية اختارت أن تخوض هذا التحدى، وعلى الرغم من الدراية الكاملة لما سيترتب على عرض تلك التسجيلات للقيادات الإخوانية مسبقا، بهدف توثيق التاريخ وتقديم الحقائق دون أى زيف، وهو ما لفت إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال كلمته باحتفالية عيد الفطر لأبناء الشهداء والمصابين، مؤكدا أن رد الفعل على «الاختيار» يأتى كحالة استنفار شديدة من جانب الإخوان مع محاولات لتزييف الحقائق والوقائع، مشددا على أن دور الدراما لم ينته بعد فى بناء وعى حقيقى، موضحا أن هذه الأعمال تأتى كاشفة لذوق وعقل المصريين فلم يختلف اثنان عليها، أيضا قال الرئيس: «أنا قعدت 7 سنين لم أذكرهم باسمهم كنت بذكرهم باسم أهل الشر عشان يتراجعوا عن شرهم»، داعيا الله بالهداية للجميع «ربنا يهدينا كلنا»، وهو النهج ذاته الذى اتضح عبر أحداث «الاختيار 3»، فقد كان الرئيس السيسى يحاول كثيرا نصيحة الرئيس المعزول محمد مرسى باختيار مصلحة الشعب والوطن بعيدا عن أهداف الجماعة، لكنه لم يستجب، مستمرا فى تنفيذ أوامر الإخوان ومخططات خيرت الشاطر.
حرب السوشيال ميديا
لقد ظل الإعلام على مدار سنوات طويلة السلاح الأبرز للجماعة الإخوانية، ومع ظهور وسائل الإعلام الحديثة انتعش عملهم الإعلامى بصورة أكبر، لسهولة نشر أفكارهم وتوجهاتهم من خلال اللجان والمنصات الإلكترونية، والتى لاقت دعما وتمويلا ماليا ساهم إلى حد كبير فى تجنيد المزيد من الأصوات المرتزقة من مختلف دول العالم، ولكن بالطبع يقل تأثير تلك الأذرع رويدا رويدا منذ أحداث ثورة 30 يونيو، التى أطاح فيها الشعب المصرى بمساندة المؤسسات الأمنية، بالإخوان من سدة الحكم، وبدأت الجهات الممولة فى الابتعاد عن دعم الجماعة إلى حد كبير، وهو ما انعكس من تضييق عمل قنوات الشرق ومكملين واضطرارهما إلى نقل مكان عملهما ومحاولة لملمة صفوفهم مرة أخرى، فيما تحاول هذه الأذرع سواء كمنصة أو أفراد ولجان إلكترونية من حين إلى آخر إثبات وجودها وأن لها تأثيرا، وهو ما نراه الآن بشكل واضح بعد أن أوجعتهم الحقيقة من خلال الدراما الرمضانية الناجحة وخاصة الوطنية منها، والتى قدمتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وهنا أرصد 6 معالم واضحة تعكس حالة الاستنفار لدى الجماعة الإرهابية، فى محاولة واضحة للتضليل والتأثير على الرأى العام.
خطوات معتادة اتخذتها الأذرع الإعلامية للإخوان عبر السوشيال ميديا وربما ما تبقى منهم - فلول - بعد أن تخلى الكثير من الداعمين والممولين لهم إلى حد كبير، حيث اعتمدت على محاولات التشويه والتشكيك فى الحقائق أو فى شخصيات وطنية، من خلال إطلاق الهاشتاجات المسيئة، ودعمها عبر اللجان الإلكترونية والحسابات الوهمية من خلال استغلال منصات السوشيال ميديا وبالأخص «تويتر»، فى محاولة يائسة إلى جذب الرأى العام ولفت الأنظار إلى وجهة نظرهم التى لا تعتمد سوى على الفبركة والتضليل، بهدف محاولة النيل من المؤسسات الأمنية والوطنية والقيادة السياسية، فيما تنتهى هذه الزوبعات سريعا بهاشتاجات أخرى يطلقها عدد من الوطنيين دفاعا عن وطنهم واستقراره، فهى تحمل تعليقات وتغريدات فى حب مصر والقيادة السياسية، مؤكدة على دعم المؤسسات الأمنية الوطنية والاصطفاف خلفها لحمايتها من مثل تلك المحاولات التى لا تسعى إلا لتحقيق أهداف خاصة بها دون الوعى بمعنى الوطن.
فيديو ضابط الشرطة المفبرك
بدوره يكمل الإخوانى عبدالله الشريف مسلسل الفبركة الذى اشتهر به، من خلال نشر فيديوهات غير صحيحة تحاول إثارة الرأى العام عبر الإساءة إلى المؤسسات الأمنية، وتداول اللجان الإلكترونية الإخوانية لها لنشر الشائعات على نطاق واسع، ولعل آخرها فيديو زعم أنه منسوب إلى ضابط شرطة ليبى يعمل فى جهاز الشرطة المصرية!! ويسىء إلى أحد المواطنين ويهينه بشكل فج، بينما حققت وزارة الداخلية فى الأمر فى أقل من 48 ساعة، ونفت صحة هذا الفيديو المتداول الذى ظهر خلاله أحد الأشخاص يدعى أنه ملازم شرطة يعتدى بالضرب على أحد المواطنين بوحشية ويقيده ويضعه داخل صندوق سيارة، وجاء فى بيان الداخلية: «لا صحة لما تم تداوله من جانب أحد العناصر الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية الهاربة بالخارج على مواقع التواصل الاجتماعى بشأن مقطع فيديو ادعى خلاله أحد الأشخاص أنه ملازم شرطة - سميح أشرف ويقوم بالاعتداء بالضرب على أحد المواطنين وتقييده ووضعه داخل صندوق سيارة»، وأضاف البيان: «ما تم تناوله فى هذا الشأن عار تماما من الصحة جملة وتفصيلا، ويأتى ضمن محاولات الجماعة الإرهابية لنشر الشائعات والأكاذيب فى أوساط الرأى العام، حيث تبين أن مقطع الفيديو مفبرك، ولا يوجد ضابط شرطة يحمل الاسم المشار إليه بمقطع الفيديو، وجار استكمال فحص السيارة المشار إليها»، وقد سادت حالة من الجدل بين رواد السوشيال ميديا مستنكرين قيام الإخوان بمحاولات لتشويه صورة الأجهزة الأمنية المصرية، مطالبين الجهات المختصة بضرورة إيقاف مثل هذه الفبركات.
تشويه أبطال
بدأ استهداف عدد من الفنانين من أبطال الجزء الثالث من الاختيار، ومحاولة التشكيك فيهم، وهو ما ظهر من خلال الحملة التى تعرض لها الفنان خالد الصاوى والذى قام بأداء دور خيرت الشاطر، محققا نجاحا كبيرا فى تجسيد شخصية الشاطر، الشهير بمهندس جماعة الإخوان والعقل المدبر لكل مخططاتهم فى ذاك الوقت العصيب الذى مرت به مصر، بينما رد خالد الصاوى نفسه من خلال نشر تعليق عبر حسابه الرسمى على «فيس بوك»، مفسرا فيه كل ما حاول الإخوان ترويجه استهدافا لنجاح رسالة الاختيار 3 وكشفه للحقائق بالصوت والصورة، وحاملا فى طياته حال الكثير من أبناء الوطن ممن انخدعوا فى أهداف جماعة الإخوان الحقيقية عند وصولهم إلى سدة الحكم فى مصر، وقال «الصاوى» فى بيانه: «ردا على الزوبعة اللى قايمة ضدى وبتنبش فى اللى انكتب من 10 سنين، وبغض النظر عن محاولات الهاكنج على حساباتى.. لما تجيب كلام لى من سنين وأنا مخدوع فيك ومش بعاديك ولا بنكر حق الناس تختارك فدى حركة ضدك أنت، ثم حصل إنك انكشفت بإرهابك وخيانتك فطبيعى أنقلب عليك، زى أغلب الناس.. ولما أكون بعارض نظام من 10 سنين دفاعا عن الناس ثم تهجم أنت علينا بالسلاح فيقف النظام ده ليحمى الناس ويقدم ضحايا ثم الناس تختاره مرة واثنين وهو يثبت أن هناك دولة جديدة بتنمو وتتقدم رغم تآمرك أنت واللى وراك، فمش غريب تحولى من معارض لمناصر.. الغريب بجد إنك لسه عايش بيننا على سمومك وكأنك ما اعتبرتش!.. خدعت فيك وفى آخرين عجزوا عن تقديم حل بل وكدنا ننهار، والشعب اختار قيادته ودولته الجديدة، وأنا بعد تفكير لقيت أنها أفضل حل الآن، وبقيت حابب أساهم معها بأى جهد لبلدى.. نقطة».
أيضا تعرض الفنان أحمد عز إلى الإساءة من قبل أحد المقيمين خارج مصر، متباهيا عبر حساباته على السوشيال ميديا بهذا الفعل أثناء رؤيته له صدفة فى مطار هيثرو بلندن، معترفا بما يكمن بداخله من طاقة غضب، على حد قوله، وهو ما تناقلته عدد من الصفحات الأخرى فى محاولة لنشر محتوى تعليقه الذى حاول فيه الإساءة للاختيار 3 ومضمونه من خلال الإساءة لأحمد عز، ولا يختلف ما جاء بتعليق هذا الطبيب الهارب عما ذكره خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان فى التسريب الذى عرضه المسلسل فى الحلقة الخامسة، عندما أعرب عن كُره دفين للمؤسسات الأمنية التى وقفت لهم ومخططاتهم بالمرصاد، معترفا برغبة الجماعة الدائمة فى الثأر، قائلا: «إن قيادات الجماعة عند مناقشة أى أمر يتعلق بالقوات المسلحة يشعرون بثأر شخصى تجاه الجيش، نظرا لأن الغالبية منهم تعرض للمحاكمات العسكرية، وتابع: «الحاجة اللى كتير من الناس ميعرفوهاش إن مكتب الإرشاد الحالى أكتر من نصه حوكم عسكريا والمكتب التنفيذى التابع للحزب أكتر من نصه حوكم عسكريا، وبالتالى لما بناقش أى حاجة خاصة بالجيش والتعامل معه بيبقى كل واحد على المستوى الشخصى حاسس بثأر وفى مسائل كتيرة بتتعبنا».
دعم وجوه جديدة لكسب التعاطف
مسلسل الإساءة للمؤسسات الأمنية لم يتوقف عند ما سبق ذكره، بل لوحظ ظهور وجوه جديدة أغلبها من النساء ظهرن عبر السوشيال ميديا؛ ودعمهن بشكل كبير من قبل فلول الأذرع الإعلامية الإخوانية، فى محاولة واضحة لكسب تعاطف الرأى العام من خلال الحديث عن المظلومية والإساءة لرموز وطنية، ومع متابعة مدى انتشار الفيديوهات والتعليقات المنتسبة لهن، فهى بالفعل ليست مدعومة سوى من نماذج هاربة خارج الوطن ولا تظهر سوى من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، فهم من يعملون على نشرها وفرد مساحات من حلقاتهم للحديث عنهن وما يذكرنه، على الرغم من عدم وجود أى أدلة مادية عما يحاولون الترويج له من شائعات.
اللعب على وتر الدين
ظلت السوشيال ميديا تضج بالشائعات خلال شهر رمضان الماضى، ونشر شائعات تدور حول ما أسماه البعض بمحاربة الدين والإسلام فى مصر، من خلال تأويل بعض قرارات وزارة الأوقاف حول آليات الصلاة سواء فى التراويح أو التهجد أو صلاة عيد الفطر المبارك، على الرغم أن أى قرار جاء بناء على توصيات ومراجعة لجنة الأوبئة والتى كانت قد أوصت بالانتقال الجزئى لعودة الأنشطة الدينية فى مصر، بينما لم تمنع أى صلاة أو يغلق أى مسجد كما حاول البعض أن يروج، وقال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى: «إن أخطر جريمة فى تاريخ الجماعات الإرهابية هى لعبهم بالدين على عواطف العامة وتلبيسهم على الناس أكثر من تلبيس إبليس عليهم»، والجمعة الماضية أعلن وزير الأوقاف عن عودة فتح المساجد إلى حالتها الطبيعية قبل جائحة كورونا وعمارتها بالدروس والمقارئ القرآنية والسماح بزيارة المقامات والأضرحة فى غير أوقات الصلاة وفتح ساحة مسجد الإمام الحسين على مدار اليوم، وفق التعليمات المنظمة التى عممتها الوزارة فى هذا الشأن.
حادث غرب القناة الإرهابى
هو الحادث الذى أكد عدد من الخبراء السياسيين والأمنيين أنه جاء لعدة أسباب أبرزها أنه رد على مسلسل «الاختيار 3»، إلى جانب تقارير الأمم المتحدة الأخيرة حول نجاح مصر فى القضاء على الإرهاب فى ظل ما تشهده سيناء من مجهودات ضخمة للتنمية، وأيضا عدم استجابة مصر إلى محاولات الإخوان للتصالح، ومحاولة الجماعات الإرهابية إثبات وجودها على الرغم من ضعفها وحصارها إلى حد كبير، وهو ما انعكس على استهدافهم لنقطة تعد ضعيفة وبعيدة.
وذكرت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكرى للقوات المسلحة، مساء السبت الماضى، أن «مجموعة من العناصر التكفيرية قامت بالهجوم على نقطة رفع مياه غرب سيناء وتم الاشتباك والتصدى لها من العناصر المكلفة بالعمل فى النقطة، ما أسفر عن استشهاد ضابط و10 جنود، وإصابة 5 أفراد، وجار مطاردة العناصر الإرهابية ومحاصرتهم فى إحدى المناطق المنعزلة فى سيناء.. وتؤكد القوات المسلحة على استمرار جهودها فى القضاء على الإرهاب واقتلاع جذوره».
فيما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مثل تلك العمليات الإرهابية الغادرة لن تنال من عزيمة وإصرار أبناء الوطن وقواته المسلحة فى استكمال اقتلاع جذور الإرهاب، وقال عبر حساباته الرسمية على السوشيال ميديا: «ما زال أبناء الوطن من المخلصين يلبون نداء وطنهم بكل الشجاعة والتضحية، مستمرين فى إنكار فريد للذات وإيمان لن يتزعزع بعقيدة صون الوطن»، وكان الرئيس السيسى أشار خلال حفل إفطار الأسرة المصرية بمناسبة شهر رمضان إلى استمرار مجهودات القوات المسلحة فى محاربة الإرهاب بسيناء، مؤكدا على الإعلان عن تطهير وانتهاء الإرهاب فى سيناء عند الانتهاء من إزالة العبوات الناسفة والمتفجرات التى كانت موجودة والتى وضعها الإرهابيون فى أماكن كثيرة من رفح إلى الشيخ زويد والعريش، مشددا على أن الإرهاب الغاشم كان يسعى للنيل من عزيمتنا وإرادتنا، فكانت دماء المصريين وتضحياتهم هى الثمن المدفوع لتبقى مصرنا عزيزة وقادرة، مشيرا إلى أن عدد شهداء الإرهاب من عام 2013 وحتى الآن بلغ 3277 شهيدا وأكثر من 12 ألف مصاب، بالإضافة إلى التخريب الذى حدث، وهو الثمن الذى دفعناه جميعا لنصل إلى ما وصلنا إليه من استقرار وتقدم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة