"الطمع" كلمة السر فى استيلاء المستريحين على أموال المواطنين.. أمين الفتوى: الظاهرة تكشف عن الجهل بالشريعة والرغبة فى الكسب دون جهد.. "الأزهر للفتوى" يضع روشتة العلاج ويؤكد: الرغبة فى الغنى الفاحش سبب الوقائع

الجمعة، 20 مايو 2022 08:00 ص
"الطمع" كلمة السر فى استيلاء المستريحين على أموال المواطنين.. أمين الفتوى: الظاهرة تكشف عن الجهل بالشريعة والرغبة فى الكسب دون جهد.. "الأزهر للفتوى" يضع روشتة العلاج ويؤكد: الرغبة فى الغنى الفاحش سبب الوقائع "الطمع" كلمة السر فى وجود المستريحين
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ظهر في الآونة الأخيرة حرص الناس على إعطاء أموالهم لمن يدّعي قيامه باستثمارها والتجارة فيها وهو ما يعرف بـ(المستريح)، والانسياق ورائهم لزعمهم الحصول على أرباح كبيرة، وينتهي الأمر إلى خسارتهم جميع الأموال، وهنا يتبين أن الدافع لدى هؤلاء طمعهم في الدنيا ومحاولة الوصول إلى الغنى الفاحش، وعدم الرضا بما قسمه الله، والنظر لما عند الغير، فما موقف الإسلام من الطمع؟ وما كيفية معالجته؟
 
من جانبه قال الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، لقد وقع سؤال عن موقف الشرع الشريف من الذين وقعوا تحت ضغط طمعهم في الكسب وخالت عليهم حيل المستريح للوصول للكسب الكثير والسريع؛ هل هم مذنبون، خصوصا والنصابون يدخلون لهم بالإشاعات والخرافات والأوهام المنسوبة للدين بما يزيد استجابتهم لخدعهم واحتيالاتهم.
 
وأضاف في تصريحات لليوم السابع: هذا اللون من الغفلة والجهل بأحكام الشريعة وأخلاقها والاستجابة لشهوة الكسب السريع والطمع في الاكتساب من غير جهد حقيقي ولا سبب شرعي للحصول على المال والثروة: كل هذا ليس عذرا كافيا ليبرر للإنسان استجابته لهذه الشهوة بهذه الطريقة؛ فهذا طمع قطعا مذموم.
وتابع: علاج هذه الآفة ينبع أولا من داخل الإنسان ومجاهدته نفسه لترويض شهواته، وإلى هذا أرشد الله تعالى بنحو قوله: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }.
 
وقد نصح العقلاء قارون فيما ورد في القرآن الكريم: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، وعلى الإنسان أن يهذب شهواته وأطماعه بميزان العلم والعمل حتى لا يقع في شرك الإثم أو ضحية النصب.
واستطرد؛ نحن نحذر الناس من هذه الحيل التي يلجأ إليها النصاب من تروج حيله وأوهامه من مدخل أهل البيت مثلا؛ فلأهل البيت الكرام تاريخ من التربية وتزكية النفس بتهذيب الأطماع والشهوات ما يدفع هذه الخرافات؛ والاحتيال بحجة الابتعاد عن التعامل مع البنوك فإيداع الأموال في البنوك من الاستثمار الممدوح شرعا.
بل إنه في سياقنا يجب أن تتنبه أنه مما يعين الإنسان على تهذيب هذا السلوك أن تستثمر الأموال في قنواتها المعروفة التي تتوافر فيها من الخبرة الدراسة ما يكفل الحماية للأموال، ولها عرفها التي يعرفها أهلها، ومنها القنوات التى نظمتها الدول بإيداع الأموال في البنوك.
 
 
وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، رداً على سؤال اليوم السابع، عن موقف الإسلام من الطمع؟ وما كيفية معالجته؟.. الطمع صفة مذمومة بغيضة تأباه الفطرة الإنسانية السويّة، وتتعارض مع القيم الأخلاقيّة النبيلة، وتؤدى هذه الصفة بصاحبها إلى الإصابة بأمراض متعددة منها الحسدُ وتمنّي ما عند النّاس والأنانية وحبُّ الذات.
 
لذا فقد حذرنا منها ربُّنا سبحانه فقال جلّ شأنه : ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [النساء32]، والتمني تصور ما لَا حقيقة له وطلب ما لم تتخذ الأسباب لتحصيله، ويتضمن معنى الطمع فيما فى يد الغير، والحسد له، وإن ذلك يؤدي إلى شقاء النفس وفساد الخلق والدين، ومعنى الآية القرآنية لا تتمنوا ولا تطمعوا وتتطلعوا إلى ما زاد الله به بعضكم على بعض في المال وغيره، فهذا يؤدي بالإنسان إلى الاضطراب والقلق المستمر لطمعه وعدم رضاه بما قسمه الله له.
 
وحرصُ الإنسان على تربيةُ النفس والنشء على عدم الطمع عامّةً وإلزامها الرّضا بما قسمه الله، مع اتخاذ الأسباب لزيادة الرزق وسعة الخير، أمرٌ محمود بل واجب حيث يقول ربنا سبحانه " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"، لأن الطمع يدفع الإنسان إلى حب المال وعدم الرضا بما قسمه الله، ويكون دائم السخط، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ ، ووجه الدلالة من هذه الآية أن الطامع لم يصل إلى ما وصل إليه إلا لأن المال تمكّن من قلبه وأصبح خاويًا من التوكل على الله ولم يتحقق له معنى الإيمان الصحيح، وهنا وعيدٌ شديدٌ وتهديدٌ له بحلول العقوبة عليه لخروجه عن طاعة الله، يقول الرزاي: "إن كانت رعاية هذه المصالح الدنيوية أولى من طاعة الله وطاعة رسوله ومن المجاهدة في سبيل الله - ومن المعاني التي تُحمل عليها المجاهدة هنا مجاهدة النفس وعدم تلبية كلّ ما تطلّع إليه وترغب فيه - فتربصوا بما تحبون حتى يأتي الله بأمره، أي بعقوبة عاجلة أو آجلة، والمقصود منه الوعيد.
 
وكما ورد في سنّة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يُبيّنُ حسنَ عاقبة المتعفف حين قال: وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ.
 
وَرد في سنّة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصوصٌ كثيرةٌ تحذرنا من الطمع ومن الوقوع فيه، لأنّ الطمع يؤدّي بصاحبه إلى عاقبة نعوذ بالله منها، فقد جاء في الحديث: (وأهل النار خمسة.. وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ، وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ) [رواه مسلم 2865].
 
بل كان من هديه صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بالله منه، وكان من دعاءه: (اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا) [رواه مسلم 2722].
وقال صلى الله عليه وسلم: (لو أنَّ ابن آدم سأل واديًا من مال فأعطيه، لسأل ثانيًا، ولو سأل ثانيًا فأعطيه، لسأل ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب) [رواه الترمذي 3898].
كيفية علاج الطمع: هناك العديد من الجوانب التي تعين على التخلص من هذا الداء نذكر منها ما يلي:
أولًا: التوكل على الله مع ضرورة السعي لتحصيل الخير وكسب الرزق :
فالتوكل على الله من علامات إيمان المرء، وهو آكد في الرزق وتحصيله، والاعتقاد بأن الله تعالى قد قسم الأرزاق بين خلقه، وقدر ذلك لهم، وأن يقطع العلائق في تحصيل رزقه بينه وبين غير الله تعالى، والاعتماد على الله تعالى، مع الأخذ بالأسباب وتحصيلها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا) [رواه الترمذي]
 
ثانيًا: الرضا والقناعة:
الرضا والقبول بما قسمه الله وقدّره، ليكون الإنسان في سعادة وراحة بال واطمئنان، وعيش مستقر دون التفات إلى غيره وولا يسير تبعًا لهواه، قال صلى الله عليه وسلم مبينًا ثمرة الرضا: (وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ) [رواه الترمذي] ، أمّا عدم الرضا فيجعل الإنسان يعيش دائم التعب والسخط والضيق والضجر، وذلك بسبب طمعه ونظره إلى ما عند غيره.
 
ثالثًا: الانشغال بالعبادة وذكر الله:
لا شك أن ذكر الله سبحانه وتعالى يدفع الإنسان إلى الرضا والتوكل على الله لما يحدثه في النفس من الطمأنينة، فعندما يكون الإنسان دائم الذكر لربه فهذا يعني أنه في معية الله، فلا يشغله ما عند غيره ولا يلتفت إليه، ويزيل ما عنده من هم وغم، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، فذكر الله تعالى فيه تفريج للكربات، وتيسير للأمور، وتحقيق للسعادة في الدنيا والآخرة.
رابعًا : كثرة الاستغفار:
 لما له من عظيم الأثر في سعة رزق العباد، قال تعالى: " فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارا (١٠)  يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيۡكُم مِّدۡرَارا (١١) وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰل وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰت وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرا (١٢) ".
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة