كم من جرائم، بكل أنواعها، ترتكب باسم الدين، والدين منها براء! وكم من فتاوى تفصيل على مقاس "المصلحة" و"الغرض" تُدشن يوميا، فى تجرؤ عجيب على رب العباد! وكم من عباءة "دينية" تُفصل وتباع ليتدثر بها كل من يحاول أن يخدع وينصب على العباد! أما الطامة الكبرى، فهى إقحام الدين فى السياسة، بغية الوصول للسلطة، وإقحام الدين فى الاقتصاد لدغدغة مشاعر الناس، والنصب عليهم سياسيا واقتصاديا.
توظيف العاطفة الدينية الجياشة، للمواطنين، فى مآرب وأهداف سياسية أو اقتصادية، يُعد ابتزازا وقحا وكارثيا، إذ يزعم القائمون عليها أنهم يطبقون شرع الله، وأن كل ما يمارسونه مستمد من الدين، وبمرور الوقت، يتمادى هؤلاء "النصابين" فيضفون على أنفسهم هالة القداسة الدينية، ويصبح هو والدين شيئا واحدا، فمن يحاول توجيه النقد لهم، فإنه ينتقد الدين، وصولاً إلى النفاق ثم الكفر فالخروج عن "المِلة" ومن ثم استباحة دمه وماله.
توظيف الدين فى السياسة، عايشناه وتحديدا فى الفترة ما بعد 25 يناير 2011 كانت نتائجه خطيرة، أبرزها تشويه الدين بعنف، ليس فى الداخل المصرى فحسب، ولكن تجاوز الإقليم، ليصل قمة التشويه عالميا بربط الدين بالإرهاب، وهو ما يدفع ثمنه الإسلام حتى كتابة هذه السطور.. لكن الأخطر توظيف الدين فى الاقتصاد، والذى بدأ مع شركات توظيف الأموال فى تسعينيات القرن الماضى، عندما اقتحم الساحة الاقتصادية، أحمد الريان ورفاقه، مرتدين الجلباب الأبيض القصير، وإطلاق اللحى الطويلة، واستعانوا بقامات دينية لها مصداقية كبيرة فى الشارع، أبرزهم الشيخ محمد متولى الشعراوى.
وأحدثت هذه الشركات زخما وضجيجا أصمت الآذان حينها، واستطاعوا تنفيض جيوب الملايين من المصريين، وحصلوا على المليارات وهى أرقام خزعبلية حينها، وكانت النتيجة، طامة كبرى تمثلت فى تعثر الريان ورفاقه عن الإيفاء بالتزاماتهم، وأصيب المئات من المودعين بصدمات عنيفة وصلت للانتحار والموت كمدا، بعد ضياع شقى عمرهم.
نفس السيناريو يكرره "المستريحون الجدد" وكان آخرهم مستريح أسوان، عندما دشن رواية لا يمكن تصديقها وتتعارض وتتقاطع مع أبسط قواعد العقل والمنطق، وتحديدا رواية أنه مبعوث من أبرز نسل آل بيت رسول الله الذين قدموا إلى مصر، "السيدة زينب" ليجمع أموال الناس وتوظيفها بفائدة تجاوزت 50% وللأسف معظم أهالى أسوان الطيبين، صدقوه، والقلة رأت فى المستريح "سواق التوك توك" تاجرا للآثار والمخدرات، يجب التقرب منه والحصول على أمواله، فى عملية طمع فجة، دون التفكير بأن ما يجمع الطماع والنصاب، من ود هو شبيه بغرام الأفاعى، كُل يقتل الآخر بنفس السم!.
توظيف الدين فى أهداف اقتصادية، أو للتربح وجمع المال من جيوب الناس، يتطابق مع توظيف الدين فى المآرب السياسية أياً كانت، واعتباره مطية للوصول الى السلطة أو الحكم، أو تحويله أيديولوجياً من أجل التأثير فى الرأى العام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة