حازم صلاح الدين

أحلام محمد صلاح قبل نهائى ليفربول ضد الريال: "لا تستسلم أبدًا"

السبت، 28 مايو 2022 01:37 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

محمد صلاح نجم منتخبنا الوطني ينتظر مواجهة مرتقبة مع فريقه ليفربول ضد ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا 2022، خلال ساعات قليلة، وسط ترقب من العالم أجمع بوجه عام، والشعب المصرى بوجه خاص، والذي يشعر بالفخر دائما لوجود ابن بلدنا فى مثل هذه المناسبات الكبيرة، لأنه يعد خير سفير لمصر فى أوروبا، لما حققه من إنجازات عبر حصد العديد من الجوائز الفردية والبطولات في بلاد الخواجات.

محمد صلاح أحد أهم النماذج المصرية الناجحة فى تاريخنا، فمشواره مع عالم الاحتراف شهد رحلة طويلة ومحطات حافلة صال وجال فيها "فخر العرب"، كما يطلق عليه، عبر خطوات متوهجة بالتألق والاحترافية من مجتمع صغير بقريته الصغيرة في نجريج بمحافظة الغربية إلى "بلاد الغرب" المليئة بالظروف المختلفة، وصار نجمًا كبيرًا فى سماء الكرة العالمية، بعد تحقيقه العديد من الأرقام القياسية داخل الملاعب الأوروبية، وتحديدًا مع ليفربول الذي حصد معه العديد من البطولات، وآخرها كأس الاتحاد الإنجليزي على حساب تشيلسي.

مباراة ليفربول ضد الريال تعد بمثابة تحدٍ من نوع خاص بالنسبة لمحمد صلاح، مثلما قال بنفسه في أكثر من تصريح خلال الأيام الماضية، وذلك لتعويض نهائي نسخة 2018 الذي جمع بين الفريقين وتعرض وقتها النجم المصري للإصابة في الكتف اثناء الواقعة الشهيرة مع سيرجو راموس مدافع النادي الملكي السابق وباريس سان جيرمان الحالي.

البعض هاجم محمد صلاح بسبب نظرية الانتقام التي تحدث عنها في رغبته بتحقيق غرض شخصي في مباراة ليفربول وريال مدريد، بينما أكد البعض الآخر أنه حديثه منطقي بعد أت تبخر حلمه في بطولة 2018، وهو ما جعله يبتعد عن المشاركة مع منتخب بلاده في ضربة بداية كأس العالم بروسيا خلال تلك الفترة.

هنا نعيد الحديث عن أبرز الحكاوي الشهيرة في قصة صعود محمد صلاح حينما كان طفلاً صغيراً فى قريته الصغيرة نجريج التابعة لمدينة بسيون فى محافظة الغربية، من أجل معرفته رغبته الكبيرة في مواصلة الإنجازات الأوروبية، فحينما كان يتدرب فى مركز الشباب وعمره 8 سنوات، وكان يأتى بطقم برتقالى والذي يرتديه المنتخب الهولندى لأنه يعشقه بشدة، وعقب نهاية أحد التدريبات ذهب مع أصدقاء الطفولة لمشاهدة إحدى المباريات فى بطولة أوروبا، وتحدث مع أصدقائه عن أحلامه، حيث قال لهم: "ممكن فى يوم ألعب مع هؤلاء اللاعبين بدوري الأبطال".

مرت السنين وبدأ محمد صلاح يصول ويجول في بطولة دوري أبطال أوروبا، حتى جاء موعد الحلم بعد أن ضرب الريدز موعداً مع ريال مدريد على لقب نسخة 2018 فى أول مواسمه مع ليفربول، وهنا شعر ابن نجريج بأن حلمه بات حقيقة وأصبح يلامس الواقع، وكان الكل ينتظر تألق الفرعون وقيادته لناديه الإنجليزى لكسر الملكى والقضاء على هيمنة كريستانو رونالدو، وخطف اللقب، لكن مع دقات الدقيقة 25 سقط محمد صلاح على الأرض بعد تدخل عنيف من راموس مدافع الريال معه.

"انهض يا صلاح .. حقق حلمك"، بالتأكيد كان ذلك ما يدور فى عقل ابن مصر وقت سقوطه على الأرض وتدخل الجهاز الطبى لعلاجه، فقد حاول العودة للقاء مجدداً ، إلا أن إصابته فى الكتف منعته من استكمال اللقاء ، فكان المشهد دراماتيكى بشكل كبير خصوصاً مع بكاء صلاح لضياع حلمه وتهديد مشاركته مع المنتخب الوطنى وقتها فى كأس العالم بروسيا، إذ تألم المصريين فى هذه اللحظة، واحتلوا كل مواقع التواصل الاجتماعى لصب جم غضبهم ضد راموس وشنوا هجوم كاسح عليه، وضاع الحلم بعدما انتهت المباراة لمصلحة أبناء مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدف.

هل يلحق محمد صلاح المشاركة مع المنتخب المصرى فى مونديال روسيا 2018؟.. كان هذا السؤال هو الشغل الشاغل لكل المصريين وعشاق الفرعون فى كل أنحاء العالم، وذلك بعد التأكد من إصابته بخلع الكتف.

وقتها، انتهى الموسم الأول لمحمد صلاح مع الريدز، عقب نهاية مباراة ريال مدريد، وانضم بعدها إلى قائمة المنتخب الوطنى استعداداً لمباريات كأس العالم، وذلك بفرمان من هيكتور كوبر المدير الفني للفريق وقتها، وشارك نجم ليفربول في التدريبات تدريجياً لكن الجهاز الفني رفض المجازفة به في ضربة البداية أمام أوروجواى، قبل أن يلعب مباراتى روسيا والسعودية، إلا أنه يبدو أن الإصابة كانت مازال مسيطرة عليه، وخرج منتخب مصر بخفى حنين من المونديال بعد خسارة المباريات الثلاث.

أحلام صلاح لم تتوقف عند هذه المحطة، فقد أثير بعدها الكثير من الجدل حول بقائه فى الدورى الإنجليزى، أو الانتقال للعب فى الدورى الإسبانى عبر بوابة برشلونة أو ريال مدريد، بعدما تردد عن دخوله دائرة اهتمامتهم بقوة خلال الميركاتو الصيفى عقب أول مواسمه مع الريدز، لكن نجم منتخبنا الوطنى حسم موقفه وجدد تعاقده مع ليفربول، وأكد وقتها أنه يرغب فى حصد لقب " البرليميرليج"، والمنافسة مجددًا على لقب دورى أبطال أوروبا، بحثا عن تحقيق أحلامه التى تطارده منذ كان فى قريته الصغيرة بالغربية.

محمد صلاح بدأ موسمه الثانى مع ليفربول وكله قوة وحماس لتحقيق انجازات أكبر مما حققه فى الموسم الأول والوصول إلى محطة الحصول على لقب أفضل لاعب فى العالم وعدم الاكتفاء بالمنافسة فقط أو حصد جائزة الأفضل داخل قارة أفريقيا،  إلا أن بدايته كانت يشوبها الحرص والقلق بسبب الإصابة التى تعرض فى نهائى دورى أبطال أوروبا وظلت تطارده، لكنه انتفض سريعًا واشتغلت ماكينة الأهداف من جديد.

فعليا، فإن حلم صلاح الأول بحصد لقب الدورى الإنجليزى كان مستحيلا نظراً لأن مانشستر سيتى وفقا لحسابات الورقة والقلم وقتها هو الأقرب قبل 3 محطات على النهاية، كما أنه حلمه الثانى وقف أمام قطار اسمه برشلونة الذى ضرب موعداً مع الريدز فى نصف نهائى أبطال أوروبا 2018-2019.

وقبل الحديث عما حدث فى مباراتى برشلونة، فقد نجح ابن نجريج فى الحصول على لقب هداف "البرليميرليج" للموسم الثانى على التوالى، لكن هذه المرة مناصفة مع زميله بالفريق ساديو مانى وبيير أوباميانج مهاجم أرسنال، وعلى الرغم من خسارة اللقب لمصلحة السيتي، فكان المشهد الختامى  له فى آخر مباراة بالدورى الإنجليزى رائعاً بعد أن خطفت ابنته مكة الأنظار كالعادة على هامش احتفال والدها بلقب جائزة "الحذاء الذهبى" ، حيث تجولت داخل أرض الملعب، وقامت بلعب الكرة بقدمها اليسرى وسجلت هدفا فى الشباك وسط صياح وهتافات من الجمهور لها.

خسر صلاح حلمه الأول، لكن تبقى الحلم الثانى المتمثل فى حصد لقب دورى أبطال أوروبا مستمرا رغم الصعوبة الكبيرة لأنه يصطدم بمواجهة ميسى أسطورة برشلونة فى نصف النهائي، ثم جاء موعد مباراة الذهاب أمام برشلونة على ملعب "كامب نو"، وابن نجريج يحمل على عاتقه كل أحلام المصريين قبل جماهير الريدز أنفسهم، الذين ينتظرون مبارياته بفارغ صبر لتشجيعه.. هنا وقف نجم المنتخب الوطنى قبل انطلاق اللقاء صامتاً وكأنه يتذكر مشهدين:

المشهد الأول: حينما كشف لأصدقاء الطفولة عن حلمه فى اللعب مع كبار أوروبا.

المشهد الثانى: حينما سقط فريسة للإصابة فى كتفه على يد راموس مدافع ريال مدريد في نهائي النسخة الماضية بأبطال أوروبا.

ما بين المشهدان الأول والثانى، كان المصريون يتذكرون ما حدث أمام ريال مدريد ويتمنون رؤية ابن بلدهم يتفوق على ميسى، لكن فاز برشلونة على ليفربول بثلاثة أهداف دون رد، وذلك على الرغم من تألق كتيبة محمد صلاح الذى كست وجهه علامات الحزن والحسرة بعد قرب ضياع حلمه الثانى خلال هذا الموسم، وفقاً للغة المنطق والقراءة التحليلية لكل النقاد الرياضيين حول العالم الذين أكدوا على صعوبة التعويض في مواجهة الإياب.

أحزان محمد صلاح لم تتوقف فى هذا المشهد عند نقطة الخسارة الكبيرة التى تلقاها فريقه على يد برشلونة، بل امتدت بعدما تأكيد غيابه عن مباراة الإياب في أنفيلد معقل ليفربول بسبب الإصابة التى تعرض لها فى مباراة نيوكاسل بالدورى الإنجليزى بعد اصطدامه بالحارس مارتن دوبرافكا، إذ أكد الجهاز الطبى لناديه وقتها أن الارتجاج الذى حدث له فى "المخ" يستلزم إراحته لمدة لا تقل 10 أيام.

الأمور أصبحت أكثر تعقيدًا على أحلام محمد صلاح وليفربول سويًا، حتى جاء موعد الحسم وتحديد هوية صاحب بطاقة العبور لنهائى أبطال أوروبا بشكل رسمي، وظهر الفرعون فى المدرجات لتشجيع ناديه مرتديًا تيشيرت مكتوب عليه باللغة الإنجليزية"NEVER GIVE UP"، والترجمة بالعربية "لا تستسلم أبداً"، فى رسالة منه زملائه باللعب لآخر نفس من أجل التعويض، وكانت المفأجاة الكبرى التي تحدث عنها العالم كله بعد أن حقق ليفربول ريمونتادا تاريخيه بتأهله إلى النهائى عقب فوزه الكبير على برشلونة بأربعة أهداف نظيفة.

حينها عاد حلم طفولة محمد صلاح إلى صدارة المشهد من جديد، بل تعزز الحلم أكثر وأكثر بعد أن صعد توتنهام إلى النهائى على حساب أياكس الهولندى، إذ تقول نتائج الناديين الإنجليزيين هذا الموسم أن الريدز هو المرشح الأقرب للقب، وعلى أرضية ملعب "واندا ميتروبوليتانو" فى مدريد، كان ابن نجريج على موعد مع التاريخ، عند دقات الدقيقة الثانية من عمر المباراة النهائية، إذ أحرز الهدف الأول لناديه من ضربة جزاء، هنا بات حلمه قريباً جداً حتى جاءت اللقطة الحاسمة، حينما أحرز زميله أوريجي هدف تأكيد الحلم بالدقائق الأخيرة، ليتوج بعد الريدز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة فى تاريخه، والفوز بالبطولة للمرة الأولى بعد 14 عاماً وتحديداً نهائي أسطنبول الشهير في 2005.

"حققت حلمى الذى كنت أشتاق إليه منذ أن كان عمرى ثمان سنوات، وهو التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا"، هكذا علق محمد صلاح عقب نهاية المباراة مباشرة.

يبدو هنا أن بطولة دوري أبطال أوروبا، كانت "وش السعد" على صلاح في مشوار الإنجازات والبطولات مع ليفربول، حيث إنه توج مع الفريق في نفس العام بكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، كما ابتسم الحظ له مجددا في موسم 2019-2020، وحقق حلمه الأكبر الثانى عبر الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الذي عاد إلى أحضان الريدز عقب 30 عامًا عجاف بلا لقب بريميرليج.

محمد صلاح لم يتوقف عن أحلامه بعد، حيث إنه منذ بداية الموسم قدم مستوى أكثر من رائع مع ليفربول سواء في الدورى الإنجليزى أو دوري أبطال أوروبا، كما واصل ضرب العديد من الأرقام القياسية، مما دفع الكثير من الخبراء والنقاد في كرة القدم العالمية يؤكدون أنه أفضل لاعب في العالم حاليا ويستحق الفوز بجائزة الكرة الذهبية.

بين الاختلاف أو الاتفاق مع رأى محمد صلاح، هناك حيرة تسيطر على المشهد بشأن مباراة ليفربول وريال مدريد، وذلك من خلال تشجيع فريق على حساب آخر، خصوصًا أن المرينجى يمتلك شعبية جارفة داخل مصر، ومن المتوقع أن نرى انقساما على المقاهى بين دعم ابن مصر لتحقيق حلمه ودعم الملكي لمواصلة الإنجازات والبطولات القارية.

ختامًا، لا أخفى أننى من عشاق ريال مدريد، لكننى اليوم سأقف إلى جوار ابن بلدي وأشجعه لتحقيق حلمه نحو الحصول على لقب دوري الأبطال مرة ثانية، حتى يكون ذلك بمثابة دفعة قوية لدخوله المنافسة مجددا على لقب الكرة الذهبية، حيث أن دعم صلاح في رحلته لأنه رفع سقف الطموحات لدى الكثير من أبنائنا بعدما أكدت تجربته أن الأحلام ليست مستحيلة، مادام هناك اجتهاد وإخلاص فى العمل اللذان يعدان هما عنوان تحقيق الأحلام والنجاح على أرض الواقع، ونحن لمنتظرون تحقيق الكثير من الأحلام مع صلاح.

 

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة