حالة طلاق كل دقيقتين عنوان صادم لكنه يكشف واقعا صعبا، فوفقا لبيانات لجهاز التعبئة والإحصاء 2020 أن هناك حوالى 25 حالة فى الساعة، وأكثر من 18 ألف حالة بالشهر فى دلالة مفجعة على تفشى التفكك الأسرى وانهيار وخراب البيوت.
والحديث عن أسباب تزايد حالات الطلاق، يأتى على رأسها، سيطرة الحياة المادية على عقول الأجيال الحالية، سواء الأزواج، أو الآباء بتطبيق عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان كالمغالاة في المهور ونفقات الزواج، مما عزز المفهوم المادى لدرجة وصلت أن هناك من يتعامل مع الزواج وكأنه مشروع تجارى، أو سلعة تباع أو تشترى، خلاف وجود السوشيال ميديا لدرجة وصلت للإدمان وأصبحت الحياة دونها شبه مستحيلة، بالإضافة إلى غياب القيم والثوابت الأخلاقية والدينية والرقابة المجتمعية لتكون النتيجة غياب الحوار والتفاهم، وتزايد العنف بين الأزواج وتدخل الأقارب.
وأعتقد أن من أخطر ما يكون وساعد بشكل كبير في اتساع ظاهرة انتشار الطلاق، هو الندية والعناد بين الزوجين، حيث غاب الاحترام بين الأزواج، وكذلك الفهم الخاطئ لمعانى المساواة والحرية والاستقلالية، إنما للأسف يتم تشكلت المفاهيم وفقا لما يُشاهد في الدراما أو السينما أو على منصات السوشيال ميديا دون فحص أو تمحيص.
والسبب الأخطر، تدخل الأمهات في حياة الأزواج، سواء كانت أم الزوجة أو أم الزوج، حيث كثرت نماذج الأم دائمة الانتقاد لزوجة ابنها أمام الناس، وإظهارها فى صورة الفاشلة، وكثرت أيضا نماذج الأم التي لم تُعلم ابنتها فن التعامل مع زوجها، بل تحث ابنتها على التربص به تحت مُسميات كاذبة خادعة مثل الكرامة والمساواة، وأيضا نماذج الأم التي تتدخل في حياة ابنتها أو ابنها الخاصة.
وأعود مرة أخرى لخطر السوشيال ميديا والانفتاح في التواصل دون مبادئ حاكمة، فكم من نماذج للخيانة الزوجية يقف وراؤها التعامل السيئ مع السوشيال ميديا، وكم نماذج للزوجة الأخرى والزواج العرفى كانت أيضا السوشيال ميديا سبب رئيسى لكثرتها، مما يتطلب الانتباه لهذا الخطر.
أما الأمر الذى أراه في غاية الخطورة أيضا، هو مفهوم الزوجين عن السعادة والبغددة بأنها تتمثل في انتفاخ الكروش والجيوب، فيكون السبب الرئيسي لمعظم الخلافات هو المشكلات المادية؛ لأنها تندرج تحت كثير من المتطلبات في الحياة، منها ما هو ضروري، ومنها ما هو مالي، فيختلط الحال بين الأمرين، وتكون النتيجة خلافاً بلا رجعة في ظل افتقار الزوجين للثقافة والوعي مما يؤدي إلى اللجوء لحل الطلاق عند أبسط مشكلة مادية.
وأخيرا.. اعتقادى أنه لا يمكن الحد من ظاهرة الطلاق دون أن نؤسس لوعي مجتمعي قائم على أساس احترام المرأة وعدم تزويج القاصرين، والعمل على تحسين في المستوى الاقتصادى في المجتمع، لذلك فإن أول الحلول يتمثل في ضرورة تكثيف حملات توعية للمقبلين على الزواج لتعزيز تماسك الأسرة، وتثقيفهم حول كيفية حل الخلافات الزوجية، وكل هذا يكون بتكثيف استخدام كافة الوسائل الإعلامية وتوظيف البرامج الدينية والمسلسلات الاجتماعية للحث على تماسك الأسرة، مع مراعاة الجانب التكوينى والمعرفى والتعليمى لغرس قدسية الترابط الأسري، والتفاهم والمصارحة والاستماع للآخر، والتوقف عن المكابرة والعناد، وكذلك التوقف عن المجاملات والممارسات الخاطئة أثناء الخطوبة وعادات وتقاليد الزواج الغير منطقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة