غادرت أحد المقاهى فى وكالة البلح، وفى طريقى لمحطة مترو جمال عبد الناصر وأمام أحد محلات بيع الملابس رأيت رجلاً ممن نراهم فى الشارع بملابس مهلهلة، يسير على غير هدى، وقد أصابه ما أصابه، رأيته يتأمل نفسه فى مرآة كبيرة أمام المحل.
وقفت غير بعيد منه، وانتابنى تعاطف شديد معه، ظل وقتاً غير قليل يحرك رأسه حركات بسيطة، قبل أن يتحرك من مكانه مخلفاً المرآة وراء ظهره، وبعد خطوات أدار رأسه مرة أخرى ناحية المرآة ونظر إليها بطريقة عشوائية، ثم واصل سيره ولم يلتفت مرة أخرى حتى غاب وسط الناس.
لحظة شجنية جداً جعلتنى أفكر ما الذى قالته المرآة للرجل؟ هل أخبرته بما حدث له من تغيير، هل ذكرته بما مضى وأثارت شجونه، هل رأى فى المرآة نفسه قبل أن تأخذه الحياة أخذاً عنيفاً، هل أحزنه ما هو فيه الآن، أم سرَّه ما لحق به من صمت، هل أيقن مؤخراً أن لا شيء يستحق؟
مضى الرجل لحال سبيله، ومضيت أنا أقلب حالى فى نفسى، أنا أيضاً عندما أنظر فى المرآة، ما الذى أقوله لها، وما الذى تقوله لى، هل تذكرنى بما مضى، هل تشعرنى بالخطر، بالخوف، بالرغبة فى البكاء، أم تجعلنى أيقن بأن الرضا هو الحل.
لست بعيداً عن الرجل، كل منا يسعى فى حياته بطريقته، وبإرادة الله، والنظر فى المرآة فرصة جيدة كى نتحدث إلى أنفسنا، فنحمد الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة