بلاستيكية وشفافة.. هكذا كانت اللقطة الأولى التى جعلت الـ 10 جنيهات الجديدة تظهر على الساحة، و"تركب التريند" لاختلافها الكبير وغير المتوقع للبعض، فظهرت في الأيام القليلة السابقة أول عملة بلاستيكية مصرية من فئة الـ 10 جنيهات، بالتزامن مع حلول عيد الأضحى المبارك، الأمر الذي أعطاها اهتماما وتتصدر "التريند" على وسائل الاتصال الاجتماعي بشكل كبير، من حيث التفاعل مع التصميم، ومحاولة تجربة التغيرات على العملة الجديدة، من حيث قدرتها على تحمل المياه، ومحاولة القطع وغيرها، وبالرغم من كل هذه المميزات فإن لها قوة فعلية لتغير شكل المستقبل أيضاً، وليس عن طريق إنفاقها والاستفادة منها في الاقتصاد فحسب، ولكن في تكون تاريخ جديد للأجيال في المستقبل.
وبعيداً عن تصدرها لمواقع البحث في الأيام الماضية الأمر الذي طغى عليه الجانب الفكاهي والكوميدي أكثر من الجانب الاقتصادي والنفعي بشكل كبير، إلا أن تلك النقود البلاستيكية هي ربح لمصر أكثر منها مادة للسخرية والتهكم، فالكثير تحدث عن فائدة هذه الأموال البلاستيكية، ولا ضرر في إعادة ذكر نفعها من جديد، قدرة النقود البلاستيكية على إحداث تغيير في الاقتصاد كبيرة، أهمها قدرتها على الحفاظ على طبيعتها وحمايتها من التهالك بمرور الوقت والاستخدام، مما يجعلها صاحبة فترة عمرية أكبر من مثيلتها السابقة، وأيضاً قدرتها على مقاومة العوامل المختلفة الطارئة، فضلاً عن مقاومتها للقطع والتمزق، وهذا اقتصادياً يوفر قيمة ما يتم طبعه سنوياً من اموال بعد تهالك الموجود بالسوق، مما يوفر بالضرورة من تكاليف طباعة اموال جديدة دائماً. وكونها مصنوعة من البلاستيك فهي أكثر ملائمة للبيئة والمحافظة عليها ايضاً، فهي تعمر مرتين ونصف كثر من العملات القديمة.
وأيضاً صعوبة تزويرها مما يمنح مصر القدرة على السيطرة على سوق العملات، وتجنب أى ضرر اقتصادي قد يحدث مستقبلاً، فضلاً عن ان التجديد في شكل العملات يحدد من استراتيجية التجديد في الدولة المصرية، كما في العملات المعدنية، والتي تعبر أيضاً عن حالة أو نشاط مصري داخلي أو خارجي يبرز مكانة هذه المشاريع أو الأحداث في تغيير الثقافة المصرية، لأن العملات هي الأكثر انتشاراً بين فئات المجتمع المصري، فما بالك بعملة جديدة تحتوى تفاصيلها على تاريخ حديث يحفر في مصرنا الجديدة ليشاهده الجيل القادم من أولادنا وأحفادنا.
وأعتقد أن الهجوم قد جاء على العشرة جنيهات من حيث التصميم الذي تم بأيدي أكبر الشركات العالمية بهذا الصدد، فضلاً عن أنها النموذج الأولى لعملة واحدة فقط، وسيكون هناك العملات الاخرى بتصميمات مختلفة، مما يجعل القائمين على السخرية من التصميم في طور الانتظار للعملات الجديدة، والتي ستخلف توقعاتهم بشكل كبير في المرحلة القادمة في العملات التي سيتم طرحها تباعاً.
تجديد العملة ليس الهدف منه توفير النفقات فقط، بل هو محاولة لإضافة شكل جديد واستراتيجية جديدة للتعامل مع الاموال من قبل المجتمع المصري، وايضاً الحفاظ على الجانب القيمي للعملة المصرية وطرح ابعاد أخرى لن يلمسها الاقتصاد المصري الا بعد فترة وجيزة من الزمان، فهي فترة تغيرات تحدث على الجانب الاقتصادي والسياحي والتنظيمي للدولة المصرية، الهدف منها مواكبة المستقبل والتعامل مع الواقع من خلال قوانينه.
فالعملة الجديدة ليست إلا تحديا حقيقيا لمصر وقدرتها على إحداث تغيرات في شتى المجالات، الأمر الذي يقابل بقليل من التشكيك، ولكن هذا التشكيك لن يمنع مصر من تحقيق ما هو مطلوب منها من أجل مستقبل أبنائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة