من أخطر التهديدات التي تواجه البشرية الآن ظاهرة التغيرات المناخية، وللأسف، لم ينتبه العالم إليها بشكل جدى، إلا منذ عدة سنوات قليلة، حتى أتت قمة باريس 2015 ، وتم توصيف القضية بأنها الخطر الأكبر الذى يهدد البشرية جمعاء، لينتفض العالم وتوقع 194 دولة على اتفاقية باريس للمناخ 2015، والخروج بعدة توصيات، أبرزها تعهد دول "العالم الغنى"، بدفع 100 مليار دولار سنويا للدول النامية "العالم الفقير" لتفادى تأثيرات التغيرات المناخية.
والمؤسف أيضا، أن العالم الغنى لم يلتزم بتعهداته وأتت الأزمة الأوكرانية الروسية لتزيد الطين بلة، وبدأ البعض يتنصل من هذه المسؤوليات فى ظل أزمة الطاقة والنفط التى يعانى منها الغرب، محاولة منه التخلص وإيجاد البديل لمصادر الطاقة الروسية، فرأينا دولا صناعية تعود من جديد لاستخدام طاقة الفحم، والوقود الاحفورى.
وهنا يكمن الخطر، لأنه ببساطة، رغم تداعيات الأزمة الأوكرانية وتأثيرها البالغ على الاقتصاديات، وتهديدها للأمن الغذائي، والتخوف من تعرض الملايين للجوع، ستظل التغيرات المناخية أشد تأثيرا على صحة البشر وبيئتها لأنها تعد بمثابة تهديد طويل الأمد للأجيال الحاضرة والقادمة، حيث إن هناك توقعات بأنه إن لم يتم تدارك أزمة المناخ فإنه سيعانى مستقبلا ما يقرب من 325 مليون شخص من الفقر المدقع، كما سيضطر ما يقرب من 216 مليون شخص للهجرة الداخلية نتيجة للتغيرات المناخية، خلاف أن هذه التوقعات تشير إلى أن معدل الكوارث البيئية والمناخية سيبدأ في التضاعف بنحو 3 أضعاف خلال المرحلة القادمة، وسيتمثل ذلك في العديد من الظواهر مثل الموجات الحارة، والجفاف، وتلف المحاصيل الزراعية، والفيضانات، وحرائق الغابات، وكلها ظواهر شهدها العالم كله العام خلال العامين الماضيين، ما يعنى أن أطفال اليوم سيواجهون كوارث مناخية بنحو 3 أضعاف ما واجهها أجدادهم، إضافة إلى انتشار الأمراض التنفسية والقلب بشكل مرعب.
لذا، فإن العالم بحاجة إلى التدخل العاجل والناجز لحل قضية المناخ، وهذا لا يتأتى إلا من خلال التوافق على استراتيجية عالمية لحماية المناخ قائمة على مبدأ الضمير والعدالة لا التسويف والأنانية حتى يتم الحفاظ على الثروات والمقدرات للأجيال القادمة، وحتى لا تتفاقم الكارثة أكثر من ذلك وتتحول إلى صراعات وهلاك للكون جراء الكوارث البيئية من انتشار الأوبئة والجفاف والحرائق والفيضانات والأعاصير..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة