قلق عالمي متزايد وحالة من الطوارئ أعلنتها العديد من دول ثلاث قارات بسبب موجة شديدة الحرارة، وسط انتشار واسع لحرائق الغابات وتحذيرات أممية من مخاطر التغييرات المناخية وغياب الحلول الفعالة لمواجهة تلك الظاهرة، وآمال لوضع خارطة طريق واضحة وملزمة في قمة المناخ المقرر انعقادها في نوفمبر بمدينة شرم الشيخ.
واصلت موجة الحر الشديد اجتياح مناطق عديدة من العالم مع تسجيل درجات حرارة قياسية في أوروبا والولايات المتحدة واندلاع حرائق ضخمة امتدت إلى شمال أفريقيا، في حين حذرت الأمم المتحدة من تواتر الظاهرة حتى 2060 بسبب تغير المناخ.
أوروبا تحت حصار النيران.. والبرتغال تسجل ألف وفاة
البرتغال، سجلت أكثر من ألف حالة وفاة بسبب موجة الحر الحالية، وشددت السلطات على ضرورة أن تتجه البلاد إلى مواجهة آثار تغير المناخ في الوقت الذي يستمر فيه ارتفاع درجات الحرارة.
وقالت كبيرة مسئولي الصحة في البرتغال جراسا فريتاس "البرتغال من بين إحدى مناطق العالم التي يمكن أن تكون (أكثر) تأثرا بالحرارة الشديدة". وأضافت لرويترز أنه "يتعين علينا أن نكون مستعدين أكثر وأكثر لفترات من درجات الحرارة المرتفعة".
وتجاوزت درجات الحرارة في المناطق التي يضربها الجفاف في البرتغال 40 درجة مئوية الأسبوع الماضي، ورغم أن درجات الحرارة انخفضت خلال الأيام القليلة الماضية، قالت فريتاس إنها ما زالت فوق المعدلات العادية في مثل هذا الوقت من السنة.
وكانت السلطات الصحية في البرتغال سجلت 238 وفاة إضافية خلال موجة الحر في الفترة من السابع إلى 13 يوليو، لكن فريتاس قالت إن عدد الوفيات ارتفع إلى 1063 حتى 18 يوليو .
من جهة آخري، ذكر مكتب الأرصاد الجوية البريطاني الثلاثاء أنه تم تسجيل درجة حرارة قياسية مؤقتة جديدة في بريطانيا بلغت 40.3 درجة مئوية في كونينغسبي في لينكونشاير (وسط شرق)، حسبما أفادت وكالة الأنباء البريطانية "بي إيه ميديا".
وأعلنت دائرة إطفاء لندن عن حادثة كبرى بسبب "ارتفاع ضخم" في الحرائق في أنحاء العاصمة وسط وصول درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية.
جاء ذلك بعد مكافحة نحو 100 رجل إطفاء لحريق في قرية وينينجتون شرق لندن، في حين أظهرت لقطات تلفزيونية دخانا أسود ينبعث في الهواء، حيث نشبت النيران في مبان وحقول.
وذكرت دائرة الإطفاء في بيان أنها تكافح "عدة (حوادث) كبرى" في العاصمة، كما تم حث السكان على عدم إقامة حفلات شواء أو إضرام النار في أماكن مفتوحة بسبب التحديات "غير المسبوقة" التي تواجهها فرق الإطفاء.
وسجلت يوم الاثنين حوالي 60 بلدة فرنسية تقع معظمها في غرب البلاد درجات حرارة قياسية، في منطقة شهدت حرائق هائلة.
واجتاحت الموجة أنحاء الولايات المتحدة امتدادا من ولاية كاليفورنيا على الساحل الغربي وحتى ماساتشوستس شمال شرقي البلاد، وسط تحذيرات من استمرار الارتفاع في درجات الحرارة بشكل كبير أصدرتها هيئة الأرصاد الجوية الأمريكية.
ومع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يعادل أكثر من 44 درجة مئوية، تعرض سد "هوفر" الذي يزود كلا من ولايات كاليفورنيا ونيفادا وأريزونا بالكهرباء، لانفجار أحد المحولات.
وقالت السلطات إنه تم احتواء الحريق بنسبة 10% تقريبا مع احتراق 4 آلاف فدان حتى مساء الثلاثاء، فيما كشف المركز الوطني لمكافحة الحرائق إن نحو 85 حريقا كبيرا تسبب في أضرار بالغة لنحو 3 ملايين فدان في 13 ولاية.
طوارئ في المغرب العربي
وفي تونس، أعلنت الرئاسة الجزائرية عن إرسال مروحتي إطفاء وشاحنات إلى تونس لمساعدتها في إخماد حرائق ضخمة اندلعت في غابات بالضواحي الجنوبية للعاصمة.
وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بإرسال مروحيتين كبيرتين تابعتين للقوات الجوية، و20 شاحنة للدفاع المدني من النوع الكبير، بعد طلب من الرئاسة التونسية، على أن تصل هذه الإمدادات خلال ساعات.
وتكافح فرق الإطفاء مدعومة بمروحيات عسكرية للسيطرة على حريق ضخم شب بجبل برج السدرية وبات يهدد المناطق السكنية المجاورة.
وغطت ألسنة اللهب وسحب ضخمة من الدخان مساحات من الجبل ويمكن ملاحظتها على مسافة كيلومترات من مكان الحريق.
وشهدت العاصمة وضواحيها درجات حرارة مرتفعة الثلاثاء ناهزت في أقصاها 40 درجة مئوية وتسببت في حريق عند ساعات الظهر في أرض زراعية بجهة منوبة.
وقبل أيام، قالت السلطات المغربية إنها تمكنت من إخماد حرائق بالغابات شمال البلاد اندلعت في مناطق تازة والعرائش ووزان، كما واصلت جهودها لإخماد حرائق أخرى قرب العرائش وتطوان وشفشاون.
الأمم المتحدة تحذر
في غضون ذلك، دعت الأمم المتحدة قادة العالم إلى أن "يعوا" المشكلة خلف موجات الحر مثل تلك التي تجتاح أوروبا حاليا، والتي قد تصبح أكثر تواترا بسبب تغير المناخ حتى العام 2060 على الأقل.
وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس في مؤتمر صحفي في جنيف إن "موجات الحرّ هذه تصبح أكثر تواترا بسبب تغير المناخ" وستزداد في العقود المقبلة.
وأضاف تالاس عن موجة الحر الحالية "آمل في أن يؤدي هذا النوع من الظروف المناخية إلى زيادة الوعي لدى الكثير من الحكومات".
من جانبه، قال رئيس الخدمات المناخية التطبيقية في المنظمة روبرت ستيفانسكي "ما يقلقنا هو أن الفاصل الزمني بين هذه الأرقام القياسية يتقلّص"، مشيرا إلى أن البرتغال اقتربت هذا الأسبوع من الرقم القياسي الأوروبي البالغ 48,8 درجة مئوية والذي سجل العام الماضي في صقلية (إيطاليا).
وأضاف تالاس أنه نظرا إلى التركيزات الحالية لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، من المتوقع أن تستمر الزيادة في وتيرة موجات الحرّ "حتى العام 2060 على الأقل، بغض النظر عن نجاح التدابير المناخية".
كما حذر من آثارها على الصحة، مذكرا بالخسائر الفادحة التي تسببت بها موجة الحر عام 2003 التي راح ضحيتها أكثر من 70 ألف شخص.
وقال "نتوقع زيادة في عدد الوفيات بين المسنين والمرضى" في حين أودت موجة الحر الراهنة بحياة العديد من الأشخاص في إسبانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.