إن جمهورية مصر العربية تشكل محورًا حساسًا مهمًا لجميع دول العالم، بما تمثله من موقع وحضارة وثقافة تزخر بمختلف الحضارات، اعتبرها المواطن العربى قلب الأمة العربية النابض بالحرية والكرامة.
تمتلك الإيمان والقدرة على الدفاع عن قضايا العروبة وتحقيق تطلعات الشعوب العربية فى تحقيق أحلامهم عندما تتجسد على الواقع.
تعاون اقتصادى مشترك ومشاركة فى نشر العلم والتقنيات المتطورة وبناء جسور التلاقى فى تسخير اقتصاديات وثروات العالم العربى لأبناء أمتنا العربية لتحقيق الرفاهية والتنمية المستدامة، وصنفتها الدول الغربية بميزان الاعتدال فى الشرق الأوسط، واعتبرتها إسرائيل عدوًا محتملًا يهدد أمنها فى المستقبل ويعيق حركتها فى التوسع.
لذا فإن أعداء الأمة العربية لن يهنأ لهم بال ولن يغمض لهم جفن حتى يتحقق لهم كسر شوكتها والنَّيل منها بكل الوسائل، ولكن أخطرها ما سوف تقدمونه لهم على طبق من ذهب لينالوا من مصر وعزتها وكرامتها، بالفُرقة والتشتت وخلق مناخ كريه تتقاتل فيه مختلف الطوائف والفِرق، وتنهار الجبهة الداخلية وتتبدد الوحدة الوطنية ويضيع الوطن فماذا يتحقق من مكاسب الصراع الحزبى أو الطائفي!
الكثير يبحث عن موطن فى جسم الشعب المصرى ليغرز فيه خناجره المسمومة ويشجع الكراهية بين أبناء شعبه، فترى عددًا من الفضائيات الحديثة تسارع فى التقاط كل من نسيه التاريخ وأهمله لينفث سمومه ويسعى للانتقام بكل وسيلة من خصومه.
لقد ساعدت تلك الفضائيات فى أن تقدم أناسًا جاءوا من عصور سحيقة موغلة فى القدم يرفعون رايات الحقد والكراهية يحرفون كتاب الله وما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – من رحمة ومحبة وسلام للناس كافة.
إطلاق بعض المصطلحات على نوعية الدولة، إن كانت علمانية أو مدنية أو دينية، ليس له مكان من التعريف فى القانون الدولى للدولة أو له مدلول معين فى أسلوب حياة المجتمعات.
إن تعريف الدين يتعلق بعقائد البشر بما يؤمنون به وما استقر فى قناعاتهم ويقينهم، فمنهم من آمن برسالة الإسلام أو برسالة عيسى أو موسى، ومنهم من اعتقد بعقائد أخرى، وتم تعريفهم بأنهم ليسوا من أهل الكتاب وأنهم أحرار فى خياراتهم العقائدية، وتظل المواطنة هى المعيار الوحيد فى التعامل مع جميع أفراد المجتمع بالعدل والمساواة فى جميع الحقوق والواجبات.
لذا فإنه من المنطق وما تعارف عليه الناس بأن الهوية تعنى الوطن بما يحويه من تاريخ وآثار وطبيعة وانتصارات وقدرات مختلفة يتميز بها فى مجالات السياحة والصناعة والتعليم والرياضة والثقافة.
ولذا فالهوية من البديهيات، حيث إن هوية الشعب المصرى هى المصرية بانتمائه إلى الوطن وهى «مصر» فلا محل للخلاف والمزايدة على هوية الدولة، وستظل مصر التاريخ والثقافة والفن والسياحة مستمرة فى حيويتها وتطورها لتضيف على ما أسسه الأجداد من آلاف السنين حتى تقوم الساعة وما تسعى إليه من تطور وتقدم ورفعه فى مختلف المجالات.
لذا فإن ما نعنيه أن الهوية وطن، أما الدين فهو عقيدة يختار كل إنسان عقيدته بكل الحرية والاستقلال ويمارسها فى حماية الدولة وقد تكفل الدين الإسلامى بحماية كل الناس فى أموالهم وأعراضهم وعقائدهم، لأن الله سبحانه وتعالى اختص وحده بحسابهم تأكيدًا لقوله تعالي: «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْــكُمْ شِــرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِـنْ لِيَبْلـُوَكُمْ فِى مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» (المائدة: 48).
لقد أحدث نظام الحكم الإخوانى خلال سيطرته على الحكم فى جمهورية مصر العربية مناخًا مظلمًا أنبت فيه طفيلات توحَّشت، استباحت الأمن القومى المصرى وعطلت دورها التاريخي.
نظام جعل التقاعس فى الارتقاء بتطوير الوطن سياسةً وهدفًا والتهاون فى المصلحة العليا للشعب نوعًا من الالتزام والسلوك القويم حينما رمى بثقله السلبى على الاقتصاد الوطني، تعطلت فيه المصانع وتشرَّد العاملون وتوقفت السياحة وخرجت أفواج الإرهاب تحمل رايات القتل والتدمير تستهدف تطويع الوطن وأبناءه وتمزيق وحدة شعبه.
لذا يجب عدم السماح تحت أى ظرف بالإخلال فى الجبهة الداخلية ويجب تحقيق مزيد من التلاحم فى الوحدة الوطنية لمواجهة أعداء لا يريدون الخير لشعب مصر، وأن يتم اتخاذ كافة الخطوات لاستيعاب الصالحين من أبناء الشعب المصري.
فلتكن العدالة والرحمة والتسامح قواعد للتعامل مع الجميع، وليكن العقاب الرادع لكل من ساهم ماديًا ومعنويًا فى الإضرار بمصلحة الشعب المصرى وتلاعب بأمنه وأضرَّ بثروته، ليقول القضاء كلمته فيهم، ولتتجه العقول والقلوب والأيادى لوضع خارطة بناء المستقبل المشرق وتأمين الوحدة الوطنية بكل السبل بعقولٍ مفتوحةٍ وإدراكٍ واعٍ ومسؤوليةٍ تضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار وفق ما تتطلبه المرحلة القادمة من آليات تنفيذيه كما يلي:
تشكل لجنة اقتصادية منبثقة من مجلس التخطيط الاستراتيجى تتولى دعوة مجموعة من الخبراء الاقتصاديين لتقوم بإعداد خطة اقتصادية لمدة خمس سنوات تنهض بالاقتصاد الوطنى وتوظف كافة الطاقات الاقتصادية فى الدولة وتطويرها لإعطاء مردود أفضل، وعلى سبيل المثال:
أ. قطاع البترول البتروكيماويات.
ب. قطاع التصنيع وتطوير الإنتاج وزيادة معدلاته الإنتاجية.
ج. القطاع الزراعى وزيادة الرقعة الزراعية على الأخص فى ما يمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتى فى إنتاج القمح.
د. قطاع البنوك وتطويرها بحيث تكون عاملاً أساسيًا فى التنمية الاقتصادية لتمويل المشروعات العملاقة التى تعود بالنفع على الشعب المصري.
إن ارتقاء الأمم وتقدمها يعتمد أساسًا على مناهج التعليم ومدى توافقها مع أهداف تنمية المجتمع وتحديد أولويات خطة التنمية لتتوافق مع احتياجات المجتمع، للوصول به إلى تحقيق ما تصبو إليه الأمم من مجتمع تتحقق فيه الرفاهية والكفاية والعدل، ويتم فيه تأمين السكن الصحى الملائم، والدخل المادى المناسب، ليستطيع الإنسان إعالة أسرته ويعيش حياة كريمة تساعده على المساهمة فى تطوير المجتمع وتقدُّمه لتستطيع جمهورية مصر العربية أن تأخذ مكانتها بين الأمم المتقدمة.
الارتقاء بمستوى العمالة من حيث التدريب فى قطاعات الصناعة والزراعة، واستغلال الفائض منها فى تصديرها للدول العربية وغيرها، ويتطلب ذلك تكثيف المعاهد الصناعية والزراعية لمواجهة متطلبات السوق.
وضعُ قوانين ونظم لتأسيس شركات استثمار عملاقة تشارك فيها الشركات الحكومية والبنوك ومستثمرون من دول عربية وأوروبية فى مشروعات استراتيجية ذات مردود مناسب، يحقق للشعب المصرى أفضل استغلال لثرواته الطبيعية.
وكذلك إيجاد أكبر عدد من الوظائف بحيث تستطيع أن تستوعب تلك المشروعات عشرات الآلاف من العمال، مع وضع قواعد صارمة بعدم استخدام عمالة خارجية تحت أى ظرف. فالكفاءات فى مختلف التخصصات متوفرة فى مصر.
لقد أثبتت القوات المسلحة على مدى العصور إخلاصًا وتفانيا فى سبيل الذود عن الوطن حمايةً لأمنه وتحقيق الاستقرار فى الوطن ليحقق انطلاقة المستقبل نحو التنمية الاستراتيجية واستثمار ثرواته للارتقاء بمستوى الحياة فى الحرية والكرامة والعيش والعدالة الاجتماعية.
وسوف يتوقف التاريخ لكتابة عهد جديد التحمت فيه القوات المسلحة مع أفراد الشعب فى يوم 30 يونيو 2013 تؤكد حق الشعب فى الحفاظ على وطنه وخياراته فى مستقبل واعد يتحقق فيه أحلامه وما يتطلع إليه من حياة كريمة.
ومن هنا يتطلب الأمر دعم القوات المسلحة فى التطوير والتسليح وتحديث القدرات الدفاعية وحمايتها من التشكيك أو الإسراف فى النقد، فتلك خطوط حمراء فلا يجب أن ينساق المواطنون وراء مقولات مشبوهة ومحاولات يائسة لخلق وقيعة بين الشعب وقواته المسلحة فهى الحصن لأمنه، وهى الدرع لحمايته، على الجميع أن لا يبخلوا بالدعم المعنوى والافتخار بأدوارها التاريخية والاعتزاز بما تقوم به من تضحيات وما تقوم به من عمل جبار فى محاربة الإرهاب والتكفيريين المارقين الذين يسعون فى الأرض فسادًا وتخريبًا.
إن الدور الذى تقوم به وزارة الداخلية والقوات الشرطية فى تحقيق أمن المواطن والتصدى لكل أنواع الخارجين عن القانون ومحاربة الإرهابيين على مستوى كافة المحافظات المصرية وما تقوم به من تضحيات جسيمة حيث تتقدم القيادات العليا فيها مواكب الشهداء لتأمين المواطن فى مسكنه وماله وأرضه.
لقد أدرك الشعب المصرى، أن المثلث المقدس الذى يحتوى على الشعب والقوات المسلحة والشرطة، هو الكفيل بحماية الوطن وتحقيق الاستقرار والازدهار، وأن الدولة عليها التزام فى توفير كافة مستلزمات وزارة الداخلية وتحديث قدراتها الفنية والعلمية لتستمر فى حماية الجبهة الداخلية.
فيا شباب مصر ويا شعب مصر العظيم، أمامكم المستقبل المشرق الذى يحثكم على سلوك الطريق إليه، ويدعوكم لبناء مصر المحبة، مصر السلام، مصر الحضارة. حفظ الله القوات المسلحة ووفقها فى خدمة الوطن وحماية حدوده والمحافظة على أمنه الوطنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة