محمد أحمد طنطاوى

مشروع صكوك الأضاحى فى مواجهة أصحاب المصالح

الثلاثاء، 05 يوليو 2022 11:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مجتمع الـ 100 مليون مواطن يحتاج إلى تكافل وتضامن الناس، وتأسيس حقيقي لقيمة الصدقات وعمل الخير ورعاية الفقير والمريض وأصحاب الحاجة، دون أن يكون الموضوع مجرد شعارات أو كلمات نستخدمها دون إدراك أبعادها، وقد فطن الصالحون الأوائل إلى هذه الفكرة، وذهبوا إلى "الوقف" باعتباره أحد أهم وسائل الحماية الاجتماعية، وأفضل السبل لخدمة المجتمع، وقد كان الوقف متنوعاً وشاملاً لدرجة أنهم جعلوا وقفاً لـ "الزبادي"، التي كانت توضع قديماً فى أوان فخارية، ويحملها الخادم، الذى كان معرضاً للعقوبة حال انكسارها، ورأفة بهذا الخادم وتجنباً لعقوبته صار وقفاً للزبادي، ليصرف منه الخادم بديلاً، وهذا دليل كبير على عظمة وإنسانية فكرة الوقف.

الوقف أحد المظاهر الحضارية في كل الأديان، ووسيلة للتكافل وخدمة المجتمع قبل ظهور الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخيرية بمئات السنين، لذلك لا أتصور أبداً الهجوم الذي يقوده البعض على وزارة الأوقاف في التوجه المحمود الذي تنفذه منذ عدة سنوات بمشروع "صكوك الأضاحي"، التي يتم جمعها من مختلف محافظات الجمهورية، لتوفير لحوم طازجة للفقراء والمساكين، عن طريق البيانات الموجودة لدى وزارة التضامن الاجتماعي.

البعض يبرر الهجوم على مشروع صكوك الأضاحي بأنه منافسة للجمعيات الأهلية، التي ترى في عيد الأضحى موسم مثالي لجمع التبرعات وتلقى العطايا، لكني أتوقف عند هذه الفكرة لأقول:" ماذا يمنع من المنافسة في الخير؟ مادامت النتيجة في النهاية لصالح الفقراء والمساكين وذوي الحاجة، ولماذا نشكك في كل ما هو حكومي أو تحت إشراف مباشر من أجهزة الدولة، مع العلم أن الرقابة المالية في الحكومة أكثر شفافية ونزاهة وحوكمة من أي مؤسسة خارجها، وتخضع لإجراءات دقيقة في الصرف والمراجعة.

الهجوم على مشروع صكوك الأضاحي في وزارة الأوقاف سببه الأساسي الجهل بطبيعة عملها، فيعتبر باب البر وخدمة المجتمع أحد أهم المصارف في وزارة الأوقاف، التي يتم من خلالها تنمية المجتمع ورعاية الفقراء، وقد أنفقت وزارة الأوقاف من خلال باب البر في العام المالي 2021 – 2022 حوالي 312 مليون جنيه في مجالات مختلفة، منها 50 مليون جنيه لدعم صندوق عطاء المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة بالتعاون مع وزارة التضامن، و40 مليون جنيه لمبادرة نور حياة، من خلال صندوق تحيا مصر، و10 ملايين جنيه لمتضرري السيول في أسوان، و41 مليون جنيه قروض حسنة بدون فوائد للعاملين بمؤسسات الدولة، واستخراج 30 ألف بطاقة رقم قومي للمرأة المعيلة والأولى بالرعاية بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، بتكلفة 1.9 مليون جنيه، و 142 مليون جنيه صكوك أضاحي الأوقاف، تمت ترجمتها إلى (1453) طنًّا من اللحوم، وصلت إلى 1.45 مليون أسرة فقيرة، و22.9 مليون جنيه صكوك إطعام، تمت ترجمتها إلى 719 طنًّا من لحوم الإطعام، ليبلغ عدد المستفيدين من المشروع  719 ألف أسرة.

الأرقام في الفقرة السابقة هدفها التأكيد على فكرة الشفافية، والدور الأصيل للأوقاف في خدمة الناس والمجتمع، وسد حاجات المحتاجين، وأتصور أن الـ 54 ألف جمعية أهلية الموجودة في مصر على اختلاف أهدافها ودورها ، لو كانت تمارس دوراً فاعلاً في التكافل الاجتماعي ورعاية الفقراء والمساكين في القرى والنجوع والمناطق الفقيرة، ما كانت المؤسسات الحكومية سعت إلى هذا الدور، لكن أغلب هذه الجمعيات هيكلية ولا تمارس دوراً فاعلاً، والمعروف منها، ويجمع تبرعات وأموال ضخمة لا يزيد بأى حال عن 10 جمعيات كبرى، وهذا يفسر الهجوم الواضح على سعى وزارة الأوقاف نحو جمع صكوك الأضاحي، فالبعض يرغب في حيازة أكبر قدر من التبرعات سواء كان لها مردود في الواقع أم لا، ولا يرى الموضوع سباق في عمل الخير أو وسيلة لخدمة المجتمع وكفاية المحتاج.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة