يمثل إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تمكن أجهزة الاستخبارات المركزية الأمريكية من اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى بواسطة طائرة بدون طيار في العاصمة كابول تدشين لمرحلة جديدة في المنطقة، تأتي عملية الاستهداف بعد رصد الجانب الأمريكي لمكان اختباء الظواهرى وتكثيف التحركات للتأكد من هويته خلال الأشهر الماضية، وتمت مناقشة كافة المعطيات التي حصلت عليها واشنطن خلال اجتماع بايدن مع مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مطلع يوليو الماضي، حتى تم اتخاذ القرار خلال الأيام الماضية باستهداف الظواهري للقضاء عليه.
على الرغم من التحركات السرية التي كان يقوم بها أيمن الظواهري لتأمين أماكن اختبائه، إلا أن هذه المرة تمكنت الاستخبارات الأمريكية من رصده والتأكد من هويته، وهو ما يشير إلى عدة احتمالات أبرزها تورط عناصر أفغانية في الإفصاح عن مكان الظواهري والذي كان يختبئ في منزل تابع لأحد أبرز قيادات تنظيم طالبان أفغانستان والتابع لجماعة سراج الدين حقانى، حيث تحالفات الأخيرة مع تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية.
حتى الآن لا تتوافر المعطيات الكافية أو التوضيحات الرسمية من الجانب الأمريكي حول تفاصيل عملية اغتيال أيمن الظواهري، إلا أن الأمر يشير إلى أن العالم سيشهد تحولات جديدة بعد اغتيال زعيم تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك زعيم تنظيم القاعدة، فضلا عن إمكانية ظهور هذه الجماعات المتطرفة في ثوب جديد بمعنى أن يجرى لها عملية إعادة تدوير مثلما حدث مع تنظيم داعش الذي تم تشكيله عقب حل الجيش العراقي وتسريح عناصره في 2003، ما دفع قيادات عسكرية عراقية تمتلك خبرات وازنة للمشاركة في تأسيس داعش الذي ضم عدد من المنتين إلى تنظيم القاعدة أيضا.
إعلان الرئيس الأمريكي عن مقتل أيمن الظواهري يأتي في توقيت هام ودقيق، حيث تستعد الولايات المتحدة لانتخابات التجديد النصفي بالكونجرس في نوفمبر المقبل، وهو ما يؤكد حاجة الرئيس بايدن لنقل رسائل إلى الأمريكيين بقدرته على إنجاز بعض النجاحات خلال الفترة الماضية، لا سيما في مكافحة الإرهاب سواء باغتيال زعيم تنظيم داعش في سوريا ماهر العقال، يوليو الماضي، أو القضاء على زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى خلال الأسبوع الماضي.
الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي يحاولون دوما التأكيد على حرصهم الشديد على مكافحة الإرهاب والتطرف في العالم، إلا أن حالة الاستقطاب الدولي مع الجانب الروسي، يعطي مساحات أوسع لتنظيم داعش الإرهابي للتمديد في سوريا والعراق ومنطقة الساحل التي باتت أبرز المناطق التي يتحرك فيها التنظيم المتطرف ويتخذها نقطة انطلاق للتوسع في القارة الافريقية خلال الفترة المقبلة، فضلا عن تحركات عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي لإعادة ترتيب صفوفهم، ويتوقع أن يقدم التنظيم على القيام بعمليات إرهابية ردا على اغتيال أيمن الظواهري.
عملية اغتيال أيمن الظواهري في كابول تحمل عدة دلالات حول مدى التزام طالبان بإبعاد عناصر تنظيم القاعدة عن أفغانستان خلال الفترة المقبلة، فضلا عن الملاحقات المستمرة التي تقوم بها باكستان للعناصر المتطرفة ومنعهم من التسلل إلى أراضيها، وهو ما يدفع عناصر تنظيم القاعدة للبحث عن بدائل لمقر قيادة التنظيم سواء في إحدى دول الجوار الأفغاني أو الانتقال للعمل من مناطق رخوة أمنية خاصة منطقة الساحل بالقارة الافريقية، وهو ما يستلزم تكثيف التعاون والتنسيق المشترك بين الدول الافريقية وتبادل المعلومات الاستخبارية لوأد أي تحرك لتنظيم القاعدة لإحياء نشاطه في المنطقة.
44 عاما هي عمر تنظيم القاعدة الذي تم الكشف عنه عقب اجتماع بيشاور حيث نفذ خلال السنوات الماضية عمليات إرهابية بشعة ودموية ولعل أبرزها أحداث 11 سبتمبر عام 2001 والتي أدوت بحياة عشرات الأمريكيين، استهداف مقر السفارة المصرية في إسلام أباد، فضلا عن استهداف مصالح دول عربية وغربية في دول العالم خلال تسعينيات القرن الماضي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة