تسعى الحكومة خلال موازنتها لعام 22/23 لتنويع مصادر التمويل وإدارة أكثر كفاءة للدين العام من خلال ثلاثة محاور وهى خفض أعباء الدين وإطالة عمر الدين وتطوير سوق الأوراق المالية.
وأكدت وزارة المالية خلال تقرير للجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب على اتباع سـياسـة تنويع مصـادر التمويل بين الأدوات والأســواق المحلية والخارجية، ومع انخفاض أسعار الفائدة خلال الفترات السابقة أصبح هناك إمكانية للتوسـع واستبدال الاقتراض قصير الأجل بأدوات تمويلية طويلة الأجل سواء من السوق الخارجى أو المحلى.
وأوضحت المالية أنه ومع بدء ارتفاع أسعار الفائدة محلياً وعالمياً مرة أخرى فسوف نستهدف إحداث توازن بين الاقتراض قصـير وطويل الأجل بهدف تخفيض تكلفة خدمة الدين خلال موازنة العام المالی ۲۰۲۳/۲۰۲۲.
وتتبع وزارة المالية أسعار الفائدة السائدة المقررة من لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، والتى يتم إقرارها لوضع الاقتصاد إما فى مسار توسعى أو مسار انكماشى، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة خلال فترة المشاهدة كان بالأساس بسبب تحرير سعر صرف الجنيه فى نوفمبر ٢٠١٦ ، وهو ما وضع ضغوطاً على السياسة النقدية التى اتجهت حينها للسياسة النقدية التقييدية لكبح جماح الضغوط التضخمية المرتبطة بالارتفاع المفاجئ فى أسعار الصرف وللمحافظة على رءوس أموال البنوك، وبالتالى تأثر متوسط سعر الفائدة على الدين المحلى سلباً وأسهم انخفاض أسعار الفائدة فى السوق المحلى فى قيام وزارة المالية بالتوسع فى إصدار السندات متوسطة وطويلة الأجل بدلاً من الأذون بهدف زيادة عمر الدين والحد من مخاطر إعادة تمويل المديونية القائمة.
وانخفض متوسـط أسعار الفائدة على الدين المحلى من حوالی 8و17% فى يونيو ٢٠١٧ إلى حوالی 7و13% فى يونيو ۲۰۲۱ وصـولاً إلى 2و13% فى مارس ۲۰۲۲ وبدأ بعد ذلك فى الارتفاع اعتباراً من منتصف شهر مارس أما بالنسبة لسعر الفائدة على الدين الخارجى فهناك ثبات نسـبى خلال فترة المشـاهدة حيث كان قد وصـل لحوالى 1و7% فی یونیو ۲۰۱۷ ثم انخفض لحوالى 6% فى يونيو ٢٠١٨ وعاود الارتفاع مجدداً إلى نحو 6و6% فى يونيو ۲۰۱۹.
وواصـل ارتفاعه لنحو 7٪ فى يونيو ۲۰۲۰ وانخفض فى يونيو ٢٠٢١ ليصـل إلى 9و6% ويستقر على ذلك حتى مارس ٢٠٢٢ ثم بدأ بعد ذلك فى الارتفاع الشـديد نتيجة لارتفاع معدلات التضخم الشديد واندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وما تزال معدلات الفائدة مرتفعة رغم تيسيرات السياسة النقدية، ويعزى ذلك إلى شمول سعر الفائدة على ضرائب الأرباح الرأسمالية، ويتم استقطاعها من الفوائد المدفوعة لحاملى الأوراق المالية الحكومية وبالنسبة لارتفاع معدلات الفائدة على الدين الخارجى فان السبب يعود إلى التقلبات الخارجية وخاصة تلك المتعلقة بأزمات الأسواق الناشئة؛ حيث عانت الأسواق الناشئة منذ عام ٢٠١٨ من أزمات طاحنة نتيجة لزيادة عجز الموازين الجارية لديها، وزادت جائحة كورونا من حدة الأزمات حيث وضعت ضغوطات على صانعى السـياسـات لإيجاد وسائل وسبل لتحفيز الاقتصادات، ولكن بشكل متوازن حتى لا تأتى بنتائج عكسية وهو ما ترتب عليه رفع سعر الفائدة على الدين الخارجى للحفاظ على استثمارات الأجانب فى الأوراق المالية الحكومية والحد من مخاطر إعادة التمويل وللمحافظة على تنافسية أدوات الدين الحكومية ويتوقع أن تستمر تلك الضغوضات داخلياً وخارجياً نظراً لما يمر به العالم خلال تلك الفترة من ارتفاعات تضخمية حادة تبعها ارتفاعات فى أسعار الفائدة ثم جاءت أزمة الصراع الروسى الأوكرانى والآثار السلبية لها على العالم وأضافت بشدة إلى حالة اضطراب سلاسل إمداد المواد الغذائية والبترولية والغاز وارتفاعات شديدة فى الأسعار بما فيها مصر والعالم كله.
من آثار الصراع وحالة عدم اليقين بنتائج هذا الصراع ويلاحظ تراجع استثمارات الأجانب فى الأوراق المالية الحكومية مؤخراً بسبب زيادة عنصـر الخطر المتعلق بعدم اليقين بشـأن تبعات جائحة كورونا ومدى مرونة الاقتصادات على التعافى وتخطى الأزمة ونتيجة للحالة الاقتصادية العالمية وتصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا مما أثر سلباً على الاقتصاد المصرى وأدى إلى زيادة عدم اليقين.
وأكد التقرير أن وزارة المالية تعمل بجهد متواصل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل من خلال عدة قنوات رئيسية تتمثل فى خفض اعباء الدين واطالة عمر الدين وتطوير سوق الأوراق المالية.
وأشار التقرير إلى أنه بالنسبة للهدف الخاص بخفض أعباء الدين، تعمل وزارة المالية بالتنسيق مع الأجهزة المعنية على شقين، الأول متعلق بالتحكم فى معدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية حيث تعمل المالية بالتنسيق مع كامل المجموعة الاقتصـادية لتحسين كفاءة توجيه الموارد.
وبحث بدائل تمويلية تتناسـب مع احتياجات كل مرحلة ونجحت المالية خلال شـهر أكتوبر ٢٠٢٠ فى إصدار أول سندات خضراء فى تاريخ مصر والمنطقة ككل، ويتم توجيه التمويل الذى تم توفيره من هذه السندات للاستثمار فى مشـروعات ذات بعد بيئى وتراعى الاستدامة البيئية مما يحفظ حقوق الأجيال القادمة، كما نجحت وزارة المالية فى إصدار سندات الساموراى بالين اليابانى فى اليابان بمتوسط تكلفة سنوية ٢.٣٪ لمدة خمس سنوات وتستهدف أيضا إصدار سندات الباندا الصينية فى الصين باليوان الصينى كما يجرى العمل حالياً على إصدار أول صكوك سيادية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
واوضح التقرير بالنسبة للشق الآخر وهو متعلق بخفض الاحتياجات التمويلية التى تتكون من العجز وسداد أقساط الديون السابقة والتى يتم خفضها عن طريق مد أجال أدوات الدين موضحا أنه فى وقت ارتفاع أسعار الفائدة فى أعقاب تحرير سعر صرف الجنيه، تم اختيار أدوات الدين قصيرة الأجل عن عمد لتفادى تحمل القيمة العالية لمدفوعات الفوائد.
لفترات طويلة ولكن مع انخفاض أسعار الفائدة أصبح هناك إمكانية للتوسـع واستبدال الاقتراض قصير الأجل بأدوات تمويلية متوسطة وطويلة الأجل سواء من السوق الخارجى أوالمحلى، وهو ما يصب مباشرة فى الهدفين الثانى والثالث المتعلقين بإطالة عمر الدين وتطوير السـوق ولذلك تتميز سياسـة أدارة الدين بالمرونة فى التعامل مع التغيرات فى أسعار الفائدة لضمان توفير التمويل اللازم لاحتياجات الموازنة العامة للدولة واحتياجات التنمية وذلك بأقل تكلفة ممكنة.
وبين التقرير تطور رصيد السندات بمعدلات أعلى من معدلات تطور رصيد الأذون حيث وصل رصيد السندات فى يونيو ٢٠٢١ إلى 55% من إجمالى الرصيد القائم للأوراق المالية مقارنة بـ ٣٧٪ فى يونيو ۲۰۱۹، و ۳۲٪ فى يونيو ۲۰۱۸اما السبب فى ذلك فارجعه التقرير إلى تطور معدلات صافى إصدارات الأذون والسندات حيث وصل صافى إصدارات الأذون إلى ٢٪ من إجمالى صافى الإصدارات مقابل 98% للسندات فى يونيو ۲۰۲۱، مقارنة بـــ ٩٧٪ للأذون و3% للسندات فى يونيو 2018.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة