بأنامل رقيقة التقطت "ماريانا" منشارًا أطبقت بقبضتها عليه، على مقربة منها كان يقف أحد زبائن ورشة النجارة الخاصة بأبيها يتابعها بأطراف عينيه، بينما ترتسم على وجهه مظاهر الاستخفاف وعدم الثقة فيما يمكن أن تصنعه هذه الفتاة، لحظات قليلة كانت كافية لتتحول ملامحه رويدًا رويدًا إلى الانبهار والإعجاب بعدما أدهشته الصغيرة بأداء احترافي لا يقل مهارة عن أكثر النجارين تمرسًا وخبرة.
الأسطى "ماريانا" كما يحب والدها أن يلقبها فتاة لم تتجاوز بأعوامها العشرين عاما بمرحلة المراهقة، قصة نجاح عملية لتثبت أن الفتاة المصرية قادرة على صنع المعجزات إن أرادت ذلك حتى في أصعب المهن وأشقاها والتي دائمًا ما ظلت حكرًا على الرجال.
تروي الأسطى "ماريانا" خلال لقاءها بكاميرا التليفزيون اليوم السابع، كنت أعيش طفولتى كسائر الأطفال، وكنت دائمًا أشعر بالمسؤولية تجاه أسرتى رغم أنى العضو الأصغر بها، منذ ولذلك تحملت عبء خدمة الأسرة وشراء متطلباتها من الأسواق.
وتقول الأسطى "ماريانا"، بنت محافظة البحيرة ومقيمة بمركز أبو المطامير التي تبلغ من العمر 19 عاما ، وفي أحد الأيام أصرت على الذهاب مع والدى إلى الورشة وأخبرته برغبتي في مساعدته وتعلم النجارة ، قائلا " ابويا ظني تمزح في البداية"، وعلى الرغم من ذلك فوجئ انى جادة بالفعل وبدأت في التعلم بإصرار وحب. وبابا كمان عشان بيشتغل لوحده بدون أحد فقررت أنزل أشتغل معاه وشجعني، وفي بداية عملي بالنجارة بدأت بتصليح أشياء قديمة وبعدها اشتغلت في الشغل الجديد، وفي الأجازة بشتغل مع بابا وأيام الدراسة بساعده برده في أوقات الفراغ.
وتحدثت "ماريانا" وهي ترفع عن جبينها خصلة شعر طمس لونها الأصلي من أثر تخللها بنشارة الخشب: "بابا لاحظ إني بحب مجال النجارة منذ الصغر، شجعني على العمل معاه، وعلمني لغاية ما عرفت كل أسرار المهنة، بكون سعيدة جدًا لما بشوف نظرة الفخر بيا في عينيه".
وأشارت الاسطى ماريانا، ان نظرات الناس ليا في الورشة نظرات استغراب ،قائلين لولدي "إزاي تشغل بنتك في ورشة وإزاي تتحمل الشغل"، وتحديت النظرات والتنمرات وماكنتش تلتفت ولا بتأثر لنظرات الاستغراب، بالعكس كانت تزيدني أصرار وإرادة على التعلم والنجاح في التحدي اللي خاضته وكل يوم كان حبى وعطائي للمهنة أكثر لغاية ما أتقنتها زيها زي أي واحد بقاله فيها سنين".
وتوضح ماريانا: "الفضل في شهرتي يرجع إلى عمتي شادية كانت مهتمة جدًا بتجربتي ومتحمسة بيها فصورتني أثناء العمل أكثر من مرة، ونشرت صوري ومقاطع الفيديو على مواقع التواصل، فبدأ الناس يعرفوني كويس وبدأ الزبائن يجولنا الورشة مخصوص ويطلبوني بالاسم علشان أنفذلهم قطع الأثاث اللي عايزنها."
وتتحدث ماريانا عن بداية حبها مهنة النجارة ،قائلة" وانا في الصف الابتدائي كونت بحب اروح مع ابويا الورشة لمساعدته وأناوله المسامير والمعدات ونشأت علاقة خاصة بينها وبين مهنة النجارة"، وذلك قررت أحب المهنة واكون نموذج مشجع للشباب، فقام والدى بتصويرى اثناء شغلي داخل الورشة ونشر مقاطع الفيديو على صفحتي لقيتها انتشرت والناس كلها بتكلمني وبتسألني عنها".
وأضافت ماريانا الطالبة بكلية الهندسة: "العمل لا يعطلني عن الدراسة وأتمنى أن أطور ورشة أبي من خلال العلم والدراسة" ومن هنا خرجت عن المألوف وكسرت مقولة أن مهنة النجارة مهنة ذكورية، وعلى الشباب أن يلجئون لافتتاح مشاريع خاصة بهم حتى ولو كانت بإمكانيات بسيطة يستطيعوا من خلالها توفير دخل لهم.
وتتمنى ماريانا بمساعدتها في توفير مكان ثابت بإيجار شهري يصلح لأن يكون ورشة ثابتة لها ولودتها، نظرًا لمعاناتهما من ارتفاع الإيجار وتنقلهما الدائم من مكان لآخر، بما يؤثر على استقرارهما وتركيزهما في العمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة