يمكن القول عن موهبة بورخيس أنها موهبة اعتمدت على الحس فى عالم من العمى فقد عاني الأديب الأرجنتينى ذائع الصيت خورخى لويس بورخيس من العمى وكان يعيش حياته مستعينا بأمه، التى ساعدته على الكتابة حتى صار إلى ما صار إليه علما فى عالم الأدب ليس فى أمريكا الجنوبية وحدها بل فى العالم كله، وفى ذكرى ميلاده التى تحل اليوم نتذكر ما شكل ذائقة وثقافة هذا الأديب العملاق الذى ولد فى آخر أعوام القرن التاسع عشر عام 1899.
البداية مع المصادر فقد استلهمت موضوعات قصص "بورخيس" مصادر عربية وإسلامية، مثل "ألف ليلة وليلة"، وكتب الأخبار العربية وتاريخ الإسلام على نحو ما يظهر فى بعض القصص المنشورة للكاتب الكبير الراحل كما مثلت أيضا القصص الأساسية فى العالم محور مهما لذائقته مثل دون كيشوت وكان يعارضها بمعنى أنه كان يحاول أن يخلق منها خلقا جديدا.
وقال ويليس براندستون فى ذكريات عن بورخيس فى ما بين 1965-1967 إن بورخيس عقب قراءته بعض أعماله فى مركز الشعر فى نيويورك، تحدث بطريقة موسعة عن اليونان، وعن الإسلام فى آسيا الصغرى، الذى أثر فى كتاباته.
ويبرز الأثر العربى الإسلامى فى كتاب بورخيس الشهير "كتاب الكائنات الخيالية" الصادر عام 1957، وهو عبارة عن مجموعة من الصور والوقائع المأخوذة من التراث العربى والإسلامى والأوروبى فى العصور الوسطى والأزمنة الحديثة وقد مزج ذلك كله مع التقاليد الصوفية، التى بدت واضحة جداً، فى تناوله لطائر أسطوري، هو العنقاء، الذى قرأ عنه فى كتاب "منطق الطير" لفريد الدين العطار.
على أن ما شكل ذائقة وثقافة خورخى لويس بورخيس إضافة إلى ذلك اشتغاله بالترجمة والنقد فقد عمل مترجما وناقدا فى الصحف الأرجنتينية كما بدأ مسيرته فى الترجمة مبكرا جدا وهو ما أتاح له فرصة الاطلاع على روائع الأدب الإنجليزى بل ونقلها إلى الإسبانية كما فعل مع رائعة أوسكار وايلد الأمير السعيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة