تحل غدا ذكرى رحيل السيناريست الكبير نجيب محفوظ، نعم هو هو الروائي الكبير الذي تعرفه والذي أعرفه والذي يعرفه جميعنا: نجيب محفوظ.
ربما الشيء الوحيد الذي لا يعرفه سوى المختصين والمهتمين بالشأن السينمائي أن الروائي العظيم نجيب محفوظ صاحب نوبل كان سيناريستا عظيما، كتب للشاشة الكبيرة والصغيرة العديد من سيناريوهات الأفلام والأعمال الدرامية العظيمة، ومعظمها بالمناسبة غير مأخوذ عن أعماله، فنجيب محفوظ حين تصدى لكتابة السيناريو والحوار للسينما لم يعكف على تحويل أعماله الأدبية الرائعة لأفلام سينمائية وإنما ترك تلك المهمة لكتاب آخرين غيره، وترك لهم ولمخرجي تلك الأعمال عن رواياته الحرية في التأويل والحذف والإضافة والتشويه أحيانا.
نجيب محفوظ السيناريست ظاهرة غريبة تستحق الدراسة ففي قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية حصدت الافلام التي كتب لها نجيب محفوظ السيناريو والحوار 12 بالمئة من القائمة يعني 12 فيلما، منها أنا حرة واحنا التلامذة والناصر صلاح الدين والاختيار وبين السما والأرض وريا وسكينة وجعلوني مجرما بينما حصدت الأفلام التي أُخذت عن أعماله الروائية والقصصية 12 بالمئة أيضا، منها؛ اللص والكلاب وميرامار وبداية ونهاية والكرنك وبين القصرين والحب فوق هضبة الهرم والمذنبون والقاهرة 30 والسمان والخريف أي أن نصيب نجيب محفوظ من قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية التي اختارها مجموعة كبيرة من النقاد عام 1996 هو 24 فيلما بما يوازي ربع القائمة، نصيب نجيب محفوظ السيناريست فقط منها 12 فيلما.
تنوع إنتاج السيناريست نجيب محفوظ ما بين كتابة السيناريو والحوار والاقتباس عن أفلام أجنبية وكتابة القصة والمعالجة السينمائية وتحميل أعمال روائية لكتاب آخرين إلى أفلام فيكفي أن تعرف أن نجيب محفوظ كتب السيناريو لروايتي إحسان عبد القدوس أنا حرة والطريق المسدود ليصبح الأول منها من أعظم أفلام السينما المصرية، كذلك كتب سيناريو امبراطورية ميم عن قصة قصيرة لإحسان عبد القدوس، وشارك المخرج الكبير يوسف شاهين في كتابة أفلام الناصر صلاح الدين والاختيار وجميلة بوحريد، بينما شكل ثنائيا رائعا مع المخرج العظيم صلاح أبو سيف الذي شجعه وعلمه كتابة السيناريو فقدم معه كسيناريست أفلام مغامرات عنتر وعبلة والفتوة وريا وسكينة وجعلوني مجرما ولك يوم يا ظالم وبين السما والأرض والوحش.
الملفت للنظر أن نجيب محفوظ في فترة توليه للرقابة أتخذ قرارا بعدم انتاج أي عمل عن أعماله الأدبية وألا يشارك بأي سيناريو حنى لا تكون هناك ما يثير الريبة في جمعه بين عملين وشبهة الاستفادة من عمله كموظف عمومي، وكما قلت من قبل عدم تدخله في أي رؤية فنية لمخرج أو سيناريست أو منتج تصدوا لأعماله الأدبية، كان يعتبر أن سيطرته على الرواية انتهت بمجرد صدورها في كتاب مطبوع.
سجل نجيب محفوظ اسمه كسيناريست محترف في نقابة المهن التمثيلية، وكان أوج عطائه كسيناريست خلال السنوات الخمس من 1952 لعام 1957، كما سجل اسمه في تاريخ السينما المصرية كواحد من أعظم كتبها كما سطر اسمه واحدا من أعظم من كتب الروابة في العالم.
تحية لذكرى السيناريست والروائي العظيم نجيب محفوظ الذي سيظل يدهشنا فيما كتبه للشاشة والمشاهد وفيما سطره من مجد للرواية والقارئ.