منذ عدة أشهر وتحديدا فى فبراير الماضى كتبت مقالا بعنوان: "تربية أولياء الأمور أولا" وذلك بعد ما تعرضت له المربية الفاضلة الأستاذة وداد حمدى التى خرجت من لجنة الامتحانات التى تترأسها فى مدينة السنبلاوين بالدقهلية تحت حماية قوات الأمن، بعد أن منعها بعض أولياء الأمور من الخروج واعتدوا عليها بالسب لأنها ألزمت المراقبين بسحب هواتف الطلاب وتطبيق قواعد النزاهة ومنع الغش، وهو ما تحايل عليه الأهالى بالقيام بتلقين أبنائهم الإجابات عبر رفع أصواتهم من وراء أسوار المدرسة، ثم قاموا بالاعتداء على السيدة.
منذ عدة أيام تقدمت طالبة بشكوى إلى أمن جامعة المنصورة ضد موظفة بكلية الفنون الجميلة، اتهمتها فيها بالاعتداء عليها هى وزميلاتها أثناء اختبارات القدرات للقبول بالكلية، وعليه قرر السيد رئيس الجامعة إحالة الأمر إلى التحقيق. أما السيد نائب رئيس الجامعة فقد برر ما حدث انه بسبب عدم التزام الطلبة بالحضور فى الوقت المحدد، لهذا كانت الكثافة العددية كبيرة فى هذا اليوم، وبسبب مصاحبة أولياء الأمور لأبنائهم، وإصرار أولياء الأمور على التواجد داخل الكلية مما تسبب فى حالة الزحام الشديد، فكان يوما استثنائيا فى الخروج عن التعليمات، وأضاف أن تلفيات وقعت فى الكلية نتيجة هذا التدافع !
لا أعتقد أن أى مكان على وجه الأرض يمكن أن تقع فيه مثل هذه الكارثة، فتلك فضيحة مجتمعية وعلمية وأكاديمية بكل المعايير، وأنا هنا لن أتعرض لواقعة الفتاة والموظفة لأن الأمر قيد التحقيق، لكن الذى يجب أن نقف عنده بكثير من الحزن والأسى كل هذا الجهل والتخلف الذى أصابنا !
ماذا حدث لنا وإلى أين نحن ذاهبون ؟ منذ متى والأهالى يدخلون الجامعات ويزاحمون الطلبة، ويتسببون فى كل هذه الفوضى التى أحدثت تلفيات فى مؤسسة علمية وفى مرفق عام ؟ وكيف سمحت لهم الكلية والجامعة بهذه المهزلة كيف تجاوزوا أبواب الكلية وما تلك الفوضى ؟ بل لماذا اصطحبوا أبنائهم من الأساس كما لو كانوا يصطحبونهم إلى الحضانة ؟ وكيف سيكون هؤلاء الأبناء الذين يذهبون إلى الجامعة بصحبة ولى الأمر ؟
إذا كانت جامعة المنصورة وإدارتها وهى مؤسسة علمية من المفترض أنها على دراية بقواعد المؤسسات العلمية فى مصر والعالم سمحت بهذه التجاوزات فمن سيتحمل تبعاتها وخسائرها إذا كان التقصير من إدارة الجامعة ؟
ثم لماذا تقع كل هذه التجاوزات وغيرها فى محافظة الدقهلية تحديدا، وكيف يتجرأ أولياء الأمور إلى تلك الدرجة ولم نسمع عن ردع أو جزاء خضعوا له، بل هم يرتكبون جرائم لا يمكن السكوت عليها، لأنها لو أصابت بقية المجتمع بالعدوى فتلك ستكون الطامة الكبرى !
نحن إلى الآن لا نعرف ماذا جرى مع أولياء الأمور فى مدرسة الشهيد محمد الشقرى بالسنبلاوين الذين اعتدوا على الأستاذة وداد حمدى، وهل نالوا جزاء رادعا أم فلتوا بفعلتهم، ولا أعتقد أنهم تلقوا جزاء مناسبا لما اقترفوه فى السنبلاوين وإلا ما كانت حدثت كل تلك الفوضى فى جامعة المنصورة!