فى السفر فوائد كثيرة، أهمها التعرف على كيفية إدارة المجتمعات لتساؤلاتها، وكيف تحاول الإجابة عن التساؤلات المطروحة، فى الحاضر ومن أجل المستقبل، ونحن فى مصر خلال السنوات الأخيرة، نطرح الكثير من الأسئلة، حول التعليم الجامعى وكيفية ربطه بأسواق العمل، وكيف يمكن أن يكون هناك جسر بين الجامعات والصناعة والمجتمع، حيث يمكن للعلم أن يحل المشكلات ويقدم الحلول لما يواجهه المجتمع، خاصة إذا كانت هناك رغبات فى بناء التقدم والتنمية، والواقع أن المجتمعات المتقدمة لديها نفس التساؤلات، وتسعى لتقديم إجابات عملية عن الأسئلة النظرية.
وفى مصر خلال السنوات الأخيرة تتوجه الدولة نحو تحديث التعليم الجامعى العام والخاص، بل إن الرئيس عبدالفتاح السيسى يوجه دائما بأن يكون التعليم العالى والجامعى انعكاسا لحاجات المجتمع، من خلال تحديث المناهج فى الجامعات العامة والخاصة والأهلية، بل واتجهت الدولة لفتح باب لوجود أفرع جامعات أجنبية كبرى فى مصر توازيا مع العاصمة الإدارية، وبالفعل بدأت بعض الجامعات تعلن عن فتح أفرع لها فى مصر، وميزة هذه التجربة أنها تمثل تجارب عملية وعلمية لكيفية حل الأسئلة المطروحة، وتقديم مناهج وطرق تدريس تتماشى مع الواقع العملى الذى يتغير بسرعة، بل إن الجامعات تمثل نقاطا ومراكز استشارات لتوجيه المجتمع والبحث عن حلول عملية لمشكلاته وأيضا للشركات والأفراد.
وتحدثنا عن صناعة الإعلام «صحافة وتليفزيون» وتغير مفاهيم الصحفى وأدواته، وتداخل العمل الصحفى مع أدوات الاتصال والتواصل، وكيف نجحت جامعة ريرسون فى كندا، فى تقديم نموذج جديد لكليات الإعلام يجمع بين كل أدوات النشر ويستوعب أسس المونتاج والفيديو والديكور والتصميم، وتم نقل التجربة فى فرع جامعة ريرسون الذى افتتح فى العاصمة الإدارية.
جامعة ريرسون تأسست قبل 70 سنة وتضم 50 ألف طالب و6 كليات، مثل الطب والهندسة والآداب، وتتم فيها الدراسة بطرق ومناهج تحاول التقاط واستيعاب التغيير فى المجتمع والتخصصات، جامعة ريرسون التى زرناها وعدد من الزملاء فى مدينة تورنتو الكندية، بدعوة من الدكتور مجدى القاضى رئيس مؤسسة الجامعات الكندية فى مصر، تقدم نموذجا للتكامل بين الصناعة والتعليم الجامعى.
فى كلية الهندسة رأينا مناهج فى البحث عن حلول لما يواجه المجتمع، فعلى سبيل المثال قسم المواد والإنشاء يجرى تجارب على المواد المستخدمة فى الطرق، حيث يتم تعريض المواد لدرجات برودة تصل إلى - 50 درجة، وحرارة تصل إلى مئات الدرجات، وذلك لاختبار المواد التى تستخدم فى الرصف، للتعرف على مدى قدرتها على تحمل الظروف الجوية الصعبة، والضغط والأحمال، ونفس الشىء فيما يتعلق بأقسام تجرى تجارب على إنتاج ونقل الطاقة المتجددة، والخضراء، بجانب التخصصات التقليدية، حيث العالم يتوسع فى إنتاج الطاقة الشمسية وأنواع الطاقة المتجددة والخضراء، وبالتالى تجد الجامعات ضرورة للتوسع فى التخصصات الجديدة حتى تلبى حاجات المجتمع، فى كندا وخارجها، حيث أصبحت الوظائف من هذا النوع عالمية.
من هنا يمكننا اكتشاف السر وراء توجه الدولة فى مصر للدفع نحو التخصصات الجديدة والمطلوبة ضمن عمليات التنمية الواسعة، حيث يفترض أن نتوسع فى التخصصات العملية المطلوبة، فيما يتعلق بالطرق والطاقة، من خلال التفاعل مع تجارب جامعات مثل ريرسون فى كندا، التى تم افتتاح فرع لها فى مصر، يقدم نفس طريقة التدريس، والربط بين الدراسة النظرية، وحاجات المجتمع، يضاف لذلك أن الجامعة وبشكل عام جامعات الدول المتقدمة، تجد الدعم من الشركات ومجتمع المال والأعمال، لتمويل الأبحاث والمراكز المتخصصة للتدريب، بل إن هناك طرقا لتمويل التعليم والبحث العلمى، على اعتبار أن الأبحاث والتطوير كلها تصب لصالح الدولة والمجتمع.
ومن خلال التعرف على تجارب هذه الجامعات يمكن التعرف على الحكمة فى وجود أفرع لهذه الجامعات بمصر، تنقل التجارب، بجانب حرص الرئيس على توجيه الجامعات لفتح مجالات للتخصصات والمناهج الجديدة، التى تخرج طلابا يجدون فرص عمل جيدة، وفى نفس الوقت يخدمون أنفسهم وخطط التنمية والتحديث الجارية، لأن التفاعل مع تجارب العالم يضاعف من إمكانية نقل الخبرة والتطوير والنظر للمستقبل.
اليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة