ملف قانون الأحوال الشخصية، وحقوق كل من الزوجة والزوج والأبناء والمجتمع من كل المتغيرات التى تطرأ عليه، أصبح هما يشغل جميع المصريين ويثير الجدل خوفا من هدم بناء الأسرة، وذلك بعد اشتعال المعارك مؤخرا بين الأزواج والزوجات تحت عنوان – ملزم وغير ملزمة- أو العكس، ورغبات كلا الطرفين "الرجال – النساء" فى الحصول على مكتسبات، حتى وأن كانت لا تخدم صالح الأسرة والمجتمع وتتسبب فى زيادة الصراعات الخاصة بـ الرؤية والنفقة والطلاق والطاعة والمصروفات والأجور الخاصة بالزوجات، بعد أن أصبحت الأولوية لبعض الأشخاص الإنسياق وراء الترندات.
ومن هنا يأتى دور القانون فى حماية المجتمع وأفراده، وفى السطور التالية نلقى الضوء على بعض النقاط الهامة أبرزها كيف حمى قانون الأحوال الشخصية الأسرة حصول كلا من أطراف الخلاف على حقوقه، ووضعه فرص عديدة بمراحل التسوية لحل الخلافات حفاظا على استقرار الأسرة، والمبادى التى أرستها محاكم الأسرة فى العديد من الدعاوى لردع الخلافات، وحماية الأزواج والزوجات من التعسف والتهويل أثناء الخصومة، ومطالب الأزواج والزوجات بتعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، الذى يسعى إلى استقرار الأسرة والحد من حالات الطلاق التى تتضاعف فى السنوات الأخيرة.
أبرز المبادئ القانونية التي أقرتها محكمة الأسرة خلال قضايا نظرتها؟
وأقرت محكمة الأسرة مجموعة من المبادئ من خلال أحكامها فى دعاوى مثلت أمامها من قبل الزوجات والأزواج فى نزاعات متعلقة بحقوق الصغار والأزواج والزوجات، حيث كانت الأولوية الحفاظ على الأسرة، لتصدر محكمة الأسرة بمصر الجديدة حكمها بمنع طفل من السفر بعد محاولة الأم تهريبه للخارج لحرمان الأب من حقه في الرؤية بعد تركها المنزل دون دون مبرر أو وجه حق من الشرع والقانون - وفقا لما جاء في تحقيقات الدعاوي أثناء نظرها .
سفر المحضون
وجاءت المحكمة فى حكمها أن قانون الأحوال الشخصية يصنف السفر بالطفل دون إذن من له الحق فى رؤيته، سبباً موجباً لإسقاط الحق فى الحضانة، سواء أكانت الأم هى الحاضنة أم غيرها.
وأشارت في حكمها بمنع الطفل من السفر أن الفقرة الخامسة من المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 من قانون الأحوال الشخصية، شدد على أن من يتولى أمر الطفل إن كان أباً أو أما أو غيره من العصبات عليه أيضاً أن يمكن الطرف الآخر من رؤية الصغار، ولا يمكنه السفر إلى بلد بحيث يستحيل بذلك رؤيتهم، وحيث إن من شأن سفر الطفل دون وليه الحاضن يلحق بالطفل أضرارا بالغة ويحرم الطفل من كافة حقوقه الشرعية والقانونية التى كفلتها له القوانين المصرية .
القانون حريص على سمعة أولادك
حيث صدرت العديد من الأحكام القضائية الخاصة بـ جريمة تبديد المنقولات الزوجية، حيث يرى فقهاء ودستوريين أن جريمة تبديد الزوج لمنقولات زوجته هي فى الأساس قائمة على مشاكل مسبقة بين الزوج والزوجة قائمة على العناد بين الزوجين فهي ليست متعلقة بالذمة المالية بل هى جريمة متعلقة بالمنازعات الأسرية، وبذلك تصبح جريمة غير مخلة بالشرف، وأن الزوج ليس مجرم جريمة مخلة بالشرف وسمعة الأولاد بما لا مساس بحق الزوجة، وفقا للمحكمة الإدارية.
عرض الزوج المنقولات على المدعية يسقط حقها في ملاحقته قضائيا بالتبديد
وجاءت حيثات حكم محكمة جنح أكتوبر، برفض دعوى حبس زوج، لاحقته زوجته بتهم تبديد المنقولات، فأكد على أن الزوج عرض المنقولات على المدعية عدة مرات، بالحالة التي كان عليها وقت انعقاد الزوجية، إلا أنها رفضت، وأنه أقدم على استعمالها على الوجه المعين في عقد الزوجية، بما يتناسب مع طبيعة العرف، ولا يكون مسئولاً عما ما لحق من تغيير أو تلف بسبب الاستعمال، وفقا للمادة 639 من القانون المدني، ليس للمستعير أن يستعمل الشيء المعار إلا على الوجه المعين وبالقدر المحدد، وذلك طبقاً لما يبنيه العقد أو تقبله طبيعة الشيء أو يعينه العرف، وانتفاء القصد الجنائي".
مكان الحضانة هو محل الزوجة
أما النزاعات المتعلقة بحقوق الصغار، فأكدت محكمة الأسرة بزنانيرى في الحكم بالقضية لطلب أب لإسقاط الحضانة عن زوجته بعد رفضها تغير محل الرؤية، أن المقرر شرعا أن مكان الحضانة هو محل الزوجة وعلى الأب والأجداد- أن ينتقلوا إلى حيث تقيم الحاضنة والصغيرة، ولاتجبر الحاضنة على إحضارها إليهم، ولايجوز للأب أو لغيره ممن يكون له الحق فى الرؤية أن يباعد بين الأم وولدها فى سن الحضانة أو يسلخه عنها، فلا يجوز له اصطحاب الصغير إلى منزله للمبيت معه لأن ذلك يفوت عليها حق الحضانة، ويعد إخلالا بحكم الحضانة لو أجيب طلبه وفيه إيذاء للصغير وظلم.
الاتفاق الكتابى لا يكسب الأب حق الحضانة
وشددت محكمة الأسرة بمصر الجديدة وفق نصوص قانون الأحوال الشخصية، في أحدي الدعاوي بدعوى ضم الصغار لإحدى الزوجات، بعدما تنازل الزوج عن أطفاله، ورفض إرجاعهم للزوجة، أن الزوج إذا حرر اتفاقا تضمن بقاء الصغار فى يده ووالدتها حال تزوجها بسبب ظروفه التى تمنعه من رعاية صغاره وارتضائه بذلك، الأمر الذى يعد تنازل عن حقه فى ضمه له مرة أخرى وفقا لنص المادة 20/1 من المرسوم بقانون 25 لسنة 29 والمعدل بالقانون 100 لسنة 1980، وأن الحضانة شرعا هى التزام الطفل لتربيته والقيام بحفظه، وإصلاحه فى سن معينة، حيث أن غايتها الاهتمام بالصغير، وضمان رعايته والقيام على شئونه، والأصل فيها مصلحة الصغير، فإذا تم اكتشاف تخلفه عن تلك الوظيفة يتم إسقاط الحضانة عنه."
إثبات النسب بإقرار المعاشرة
ومن أبرز المبادئ القانونية التى أقرتها محاكم الأسرة، لصالح أحدي الزوجات، فقضت محكمة الأسرة بالقاهرة الجديدة، أنه فى حالات قضايا إثبات النسب يتم الحكم لصالح الزوجة، إذا تبين فى حضور الشهود، أن المدعى عليه قد عاشرها معاشرة الأزواج، ولم يقدم هو الدليل على عكس ذلك، وعاشوا بمنزل الزوجية طوال سنوات الزواج، وكان بينهما انبساط الأزواج، وأن تلك الزيجة ما زالت قائمة، وحملت منه ووضعت حملها ورزقت منه بصغيرها."
ووجوب نفقة الألعاب على الأب
"نفقات الصغار تحدد على حسب سعة المنفق، وحال المنفق عليه، والوضع الاقتصادى، على ألا تقل عن حد الكفاية وفق لمفردات مرتب الزوج وإثبات دخوله، وحال فرض نفقات مصاريف علاج الزوجة والأولاد علي الأب، ومساعدتهم على تحمل أعباء المعيشة، تكون تلك النفقات لعلاج الأمراض الطارئة والخطيرة فقط وحاجاتهم الملحة وليست على الكماليات الغير ضرورية"..أبرز ما أوضحته محكمة الأسرة بمدينة نصر فى حكمها، لصالح زوجة عاملة بمجمع التحرير.
وتابعت المحكمة:" وعليه فالأب ملزم بنفقة الألعاب فالقانون نص على أن مقتضيات إعداد الطفل للحياة فى باكورة حياته أن يلعب بحسب ما استقر عليه العرف والعادات والتقاليد، وأن يمد الطفل من قبل والده بنفقة ألعاب بحسب وسطه الاجتماعى، ودون الإفراط الذى يصل إلى درجة المفاسد."
التعليم الأساسى إجبارى ويلتزم الأب به أيا كانت حالته المالية
"وفق قانون التعليم رقم 139 المعدل ، متي ثبت الاحتياج لنفقات التعليم المختلفة، حال إذا كان لا يتسنى لطالب العلم الوصول إلى مدرسته أو جامعته،إلزم بها الأب ومنها وسائل المواصلات الخاصة، الملابس المدرسية".. هذا ما جاء على لسان محكمة الأسرة بعابدين لصالح زوجة ضد زوجها ومطالبتها بمصروفات نجلها الدراسية.
وتابعت المحكمة في حيثيات حكمها:" حبس الزوج إذا تخلف عن أداء نفقة صغاره، وأن حكم أجرة الحضانة ونفقة الصغار، هو حكم واجب النفاذ، وإذا تخلف عنه الزوج دون سبب مدة 3 شهور يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفقا لنص المادة 293 عقوبات".
معاقبة من يرفض تسليم الصغير لمن بيديه الحضانة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة
وشملت المبادئ القانونية الهامة التى تعكف علي حماية الصغار الحكم الخاص بإلزام أب برد صغيره لطليقته التي بيدها الحضانة، حيث أن المادة 292 من قانون العقوبات، حمت من بيده الحضانه وقررت معاقبة من يرفض تسليم الصغير لمن بيديه الحضانة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه مصرى.
للأب الحق فى رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد أيضا
والمادة 20 من القانون 44 لسنة 99 لتنظم الرؤية، أكدت أن لكل من الأبوين الحق فى رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقاً نظمها القاضى، على أن تكون فى مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسيا.
وتابعت المحكمة، أن الرؤية لا تنفذ جبرا، وذلك حفاظا على الحالة النفسية للصغير، بحيث إذا امتنعت الحاضنة تؤل مؤقتا الحضانة لشخص غيرها لمن يليها فى الترتيب القانونى، بشرط أن يثبت ذلك بواسطة الأخصائى الاجتماعى فى النادى، ويحرر شهادة بهذه الواقعة.. وفقا لما جاءت به محكمة الأسرة بعين شمس بتحديد مكان الرؤية لزوج،بعد تخلف زوجته عن منحه حق الاشراف على رعاية أطفاله.
مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد
وقال المحامي مصطفي محمود المختص بالشأن الأسري، أنه من المرتقب تعديل بعض بنود قانون الأحوال الشخصية، للعمل على إنصاف السيدات وضمان حصولها على حقوقها، وكذلك توفير الحماية للأزواج من أن تسول أنفس زوجاتهم هضم حقوقهم، وتعيد إليه أبوته المسلوبة بعد انفصاله عن زوجته، بعد وضع بعض الزوجات العراقيل للانتقام من الزواج والتعسف.
وتابع محمود:" أهم ما يشغل الزوجات أو الامهات المطلقات هو قانون الاستضافة، وتطبيقه دون النظر إلى ما تخشاه الامهات من تبعات قيام بعض الآباء غير الحاضنين باستغلاله لخطف الابناء الصغار، وحرمان الام من رؤيتهم، بالإضافة إلى رغبتهم بعدم المساس بسن الحضانة، والابتعاد عن التوجه بمطالبة تقليل سن الحضانة من 15 سة الى سن 9 سنوات".
" بيضيع عمرنا في المحاكم".. شكوى المطلقات
وأضاف المختص بالشأن الأسري:" وأهم ما يورق الزوجة أو المرأة المطلقة أيضا هي النفقات بكل أنواعها، وصعوبات من أجل إثبات دخل الزوج خاصة اذا كان يعمل بشكل حر أو بسبب سفره خارج البلاد، واستغلال ثغرات القانون لحرمانها وابنائها من حقوقهم فى النفقة، ومطالبتهم التيسير عليهن لاثبات دخل الزوج، بالإضافة إلى التمكين من مسكن الزوجية والمنقولات، بعد لجوء العديد من الأزواج بطردهن منه دون وجه حق، بخلاف العنف الزوجى من ضرب وإهانة ضد الكثير من الزوجات، وضرورة أن يتضمن القانون على مواد تغلظ جرائم الأزواج ضد الزوجات.
طلبات الأزواج
وتابع محمود:" أما عن مشكلة الأزواج مع تنفيذ الرؤية وزيادة نفقات الزوجات وطلباتهم التي لا تنتهي حيث أن الرجل بمجرد انفصاله عن زوجته يكون قد دخل حرب مع زوجته وعائلتها، ويحرم من الرعاية المشتركة للأطفال، ويتم التنكيل به بعشرات القضايا، وفى المقابل ليس من حقه سوى رفع قضيتى الرؤية والطاعة - وفقا للكثير من الشكاوي المقدمة بدعاوي الأزواج- ليجمعوا على أن يجب حماية حقوق الأزواج كما يتم مع الزوجات، وايجاد حلول سريعة لسد ثغرات القانون ومواجهة القصور في تنفيذه، حيث يعاني الكثثير منهم من صدور أحكام قضائية دون وجود أمل في تنفذه، والمطالبة بحيث لا يتم استغلال الأطفال في الكيد والانتقام من الطرف الثاني، وربط حق الرعاية المشتركة والاستضافة بالإنفاق".
عمل مكثف لحل الخلافات بين الأزواج
وأضاف المختص بالشأن الأسري:" مكاتب تسوية الأسرة، وفقا للقانون رقم 10 لسنة 2004 الذى نص فيه على إنشاء محاكم الأسرة مستحدثأ فيه أيضاَ النص على إنشاء مكاتب تسوية المنازعات الأسرية بكل محكمة أسرة على مستوى الجمهورية، ليصبح الهدف الرئيسي منها بذل مساعي جادة وحثيثة للصلح بين أطراف الخصوم قبل لجوئهم إلى رفع دعوى من دعاوى الأحوال الشخصية التى يمكن الصلح فيها قانونا ".
وتابع محمود:" الاخصائيين الذين يعملون بمكاتب التسوية مؤهلون ومتخصصون فى حل المشكلات الاسرية، للوصول بطرفي الخصومة الاسرية إلى حلول ودية ترضى الطرفين، لحل المشكلة الاسرية محل النزاع بالطرق الودية حرصا على درء أي صدع آسري قد ينشأ بين طرفين".