مع حلول الثلاثاء المقبل، تصبح بريطانيا تحت قيادة رئيس وزراء جديد بعد أشهر من الاضطراب السياسى بسبب أزمات حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون. لكن الساكن الجديد لداوننج ستريت سيرث ما وصفته شبكة "سى إن إن" بالكارثة الاقتصادية.
وأشارت الشبكة إلى أن الشركات والمصانع والمنازل فى مختلف أنحاء بريطانيا تحذر من أنها لا تستطيع أن تجتاز الشتاء دون مساعدة من الحكومة، وهو ما يضع رئيس الوزراء القادم، الذى سيتم الإعلان عن اسمه هذا الأسبوع، أمام تحديات هائلة.
فعلى مدار أشهر، شهدت بريطانيا فراغا فى القيادة فى الوقت الذى انزلقت فيه البلاد من ركود إلى أزمة إنسانية أشعلتها فواتير الطاقة المرتفعة.
ومنذ أن أعلن بوريس جونسون فى يوليو الماضى أنه سيترك منصبه، تراجعت توقعات النمو، وارتفع معدل التضخم السنوى فوق 10%، مع ارتفاع أسعار الوقود والغذاء.
وأدى الإحباط بشأن ارتفاع تكلفة المعيشة إلى إضراب مئات الآلاف من العاملين فى الموانئ والقطارات والبريد. كما شهد الجنيه الاسترلينى أسوأ شهر له منذ الفترة اتلى تلت استفتاء بريكست، وسجل أدنى مستوى له أمام الدولار منذ أكثر من عامين.
ويمكن أن يزداد الأمر سوءا قبل أن يتحسن. فقد توقع بنك إنجلترا أن يقفز التضخم على 13% مع تفاقم أزمة الطاقة. وقدرت "سيتى جروب" أن يصل التضخم فى بريطانيا إلى ذروته 18% فى أوائل العام المقبل، بينما حذرت مجموعة جولدمان ساكس من أنه قد يصل إلى 22% لو ظلت أسعار الغاز الطبيعة مرتفعة بالمستويات السابقة.
ويواجه المرشحان لخلافة جونسون، وزيرة الخارجية ليز تروس (الأوفر حظا) ووزير الخزانة السابق ريشى سوناك، دعون للإعلان عن تدخل كبير بمجرد أن يصبح أحدهما رابع زعيم للمحافظين يتولى قيادة البلاد خلال عقد.
وستكون المشكلة الأكثر إلحاحا خى التعامل مع تكاليف الطاقة التى ترتفع بشكل كبير، والتى يمكن أن تتسبب فى موجة من إغلاق الشركات وإجبار ملايين من الأشخاص على الاختيار بين توفير الطعام او تدفئة منازلهم الشتاء القادم ويحذر الخبراء من أن الناس قد يصبحون فقراء، بينما ستسترفع وفيات الطقس البارد ما لم يتم التحرك بشكل سريع.
وقال جوناثان نيام، الذى يدير أقدم مصنع بيرة فى بريطانيا، أن الجميع يفترض أنه سيكون هناك إعلان سريع وحاسم يحل هذه القضية أو يقدم على الأقل بعض الضمانات للناس، وما لم يحدث ذلك، فإن الناس ستصبح معرضة لضغط كبير للغاية.
وسترتفع فواتير الطاقة للمنازل بنسبة 80% بمتوسط 3549 استرلينى، أى نحو 4106 دولار، سنويا بدءا من أكتوبر المقبل. ويقول المحللون أن سقف الأسعار لمنازل يمكن أن يرتفع بأكثر من 5 آلاف استرلينى فى يناير، ويقفز فوق ستة آلاف استرلينى فى إبريل.
ومع اضطرار البريطانية لإعادة تقييم ميزانيتهم، فإن الطفرة فى الاستهلاك التى أعقبت إغلاقات كورنا تتراجع سريعا. وقد حذر بنك إنجلترا من أن بريطانيا ستسقط فى ركود فى الأشهر المقبلة.
ويقول بين زارانكو، الباحث الاقتصادى فى معهد الدراسات المالية أن التحدى الأساسى الذى يمثله ارتفاع أسعار الطاقة هو أن المنازل تستخدم كثير من الطاقة، وسيعانى الأسر، خاصة الأكثر فقرا فى تلبية متطلباتها.
وتقول "سى أن إن" أن اضطراب العملة البريطانية يمكن أن يفاقم المشكلات، ويزيد من تكلفة استيراد الطاقة والبضائع الآخر، مما يرفع معدل التضخم.
لكن لا يعد هذا اسبب الوحيد لقلق المستثمرين وأصحاب الأعمال. ففى حين تراجع معدل الوظائف الشاغرة بين مايو ويوليو، فإنها لا تزال فوق 60% عن المستوى الذى كانت عليه قبل وباء كورونا. وكان إيجاد العمال لملء تلك الوظائف المفتوحة تحديا خاصة فى بريطانيا منذ أن صوتت البلاد لمغادرة الاتحاد الأوروبى. حيث تراجع عدد الأوروبيين الذين يعيشون فى بريطانيا ب، 317 ألف فى 2021، مقارنة بما كان عليه فى عام 2019، وفقا لمكتب الإحصاءات البريطانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة