أوروبا تواجه موجة من الحر والجفاف، هي الأصعب والأشد على شعوبها منذ 500 عام، ولم يعد يتوقف الأمر عند ارتفاع درجات الحرارة فقط، بل وصل إلى تهديد الشعوب ومستقبل التنمية في دول القارة، فمع هذا الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، بدأت مرحلة تدني منسوب المياه، بشكل يهدد الزراعة والتجارة ومياه الشرب والنظام البيئي في القارة العجوز.
وأصبحت قرابة نصف مساحة قارة أوروبا في دائرة خطر الجفاف (وفق ما أعلن المرصد الأوروبي المعني بمراقبة الجفاف)، ولا يخفى على أحد أن هذه العقوبة الكونية التي تتعرض لها أوروبا هو نتيجة الاستمرار في استخدام الوقود الاحفوري، واستمرار انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ستؤدي إلى مزيد من تفاقم ظاهرة الاحترار أكثر.
والجفاف الذي يحاصر أوروبا الآن له مخاطر كثيرة، أذكر بعضها في سطور قليلة، وهي: إلحاق ضرر بالغ بالأنهار والبحيرات، فضلا عن تأثر الكائنات الحية التي تعتمد على الأنهار، كما سيترتب على ذلك انخفاض مساحات تعايش النباتات والحيوانات وستقل خاصة مع تدهور جودة المياه وتضرر النظم البيئية سواء في الأنهار أو بالقرب منها وعلى ضفافها.
وانخفاض مستويات المياه سيفاقم من مخاطر حدوث تغييرات جذرية في ظروف النظم البيئية للأنهار والبحيرات، ولا يقتصر الضرر على الأنهار فحسب، إذ يمكن أن يمتد الخطر إلى النظم البيئية في المناطق والمجتمعات التي تعيش في مناطق مصب ومنبع الأنهار، وستنتشر الملوثات الأخرى مما يزيد من خطر تلوث مياه الشرب، وفق ما ذكره أحد خبراء معهد ستوكهولم الدولي للمياه.
وتُطبق على أوروبا الان عقوبة كونية شعارها "عقوبة اللعب بالنار في الطبيعة" التي بات تهدد تجارتها، وزراعتها، ورفاهية شعوبها، بسبب استخفافها في التعامل مع نظم البيئة، التي عادت للاهتمام بها في السنوات الأخيرة بعد أن باتت أحد أكبر المتضررين من ظاهرة التغيرات المناخية وجفاف الانهار والبحيرات.
ولم يعد أمام دول القارة العجوز سوى فرصة واحدة وهي التوافق من خلال مؤتمر قمة المناخ COP27 أو ما اسميه مؤتمر "الفرصة الأخيرة" التي تسعى مصر فيها استنهاض ضمائر قادة الدول الكبرى وتوفير التمويلات اللازمة لتنفيذ مشروعات صديقة للبيئة تحل محل المشروعات التي تهدد مستقبل كوكب الأرض، ودعم الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة