يولد كل شخص ولديه رصيدا من الستر، فكن حريص ألا تفقد رصيدك مبكرًا، متلاشيا تلك الأخطاء التي وقعت فيها وسترك الله، ولا تكررها في مستقبل أيامكم، واحرص على ستر الآخرين طالما أتيح لك ذلك.
من عظيم نعم الله علينا أن منحنا "نعمة الستر"، فلا يتوقف الستر على ستر عيوب الناس وذنوبهم وفضائحهم، وإنما يتخطى ذلك وصولا لرزق الله لعباده حتى لا يحوجهم لغيرهم، وأن يعافيهم في بدنهم فلا يصيبهم المرضى فلا يحتاج لمن يساعده على القيام والجلوس وتقديم الأكل والشراب، وأن يسترهم في أهل بيتهم، في زوجاتهم وبناتهم فلا يأتي منهن ما يفتضح به بين الخلق، ويشين ذيله بين العباد، ويكسر نفسه، ويرغم أنفه.
ويعد أعظم أنواع الستر، أن يديم الله على الشخص إيمانه فلا ينقضه عليه، فيفتضح يوم الدين بين يدي ربه ونبيه والخلق أجمعين.
وأنت تتمتع بنعمة الستر، تأكد أن الله يعلم نيتك بالمعصية قبل ارتكابها، وعزمك عليها ومكرك لتحصيلها وتحركك إليها، وتخطيطك لتتوارى بها بعيدا عن أعين الناس، تستخفي بها عنهم، ولا تستخفي عن الله وهو معك إذ تُبيت ما لا يرضى من القول، ومع ذلك يحلم عليك، فلا يرسل عليك صاعقة، وإنما يضع في طريقك مذكرات " موقفا، أو نصيحة عابرة، أو شيء يلفت انتباهك"، لعله ينزع عن مرادك السوء، ولكن عقل شرود، وشيطان عنيد، وشهوة تعمي وتصم، ورب ذو رحمة واسعة، وأستار سابغة.
ومع ذلك، وبعد ارتكابك لكل هذه الأخطاء، اذا رجعت لله وتوبت توبة نصوحة تجد الله توابا غفورا، فكن حريص على ألا تهتك ستر الله.
علموا أولادكم، ألا يفقدوا رصيدهم من الستر، وأن ستر الله موجود ما دام العبد يستر نفسه، وفي قلبه بقية حياء من الله والناس، فإذا لم يبال الشخص بنظر الله ولا نظر الخلق، فربما هتك ستره وفضح أمره، فاحذروا من نفار النعم، وحلول النقم، فلا تأمنوا دوام الستر.
اللهم لا تهتك عنا سترك، وأدم علينا سترك الجميل، واسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض عليك.