تساءل الكثيرون حول أسباب تحرك سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري اليوم في معظم البنوك العاملة في البلاد، حيث تستهدف الإجراءات الجديدة مواجهة السوق السوداء ، خاصة بعد حدوث مضاربات على أسعار الدولار، بما رفع سعره بشكل كبير، ودفع المواطنين إلى الدولرة أو اقتناء الدولار الأمر الذي رفع الطلب بشدة، وبالتالي من جديد ارتفعت المضاربات، ومعها سعر الصرف أمام الجنيه، ولذلك كان لا بد من تحرير سعر صرف الجنيه بالكامل حتى يتم توحيد السعر وتتوقف المضاربات.
الحفاظ على مدخرات المواطنين:
تحت ضغط السوق السوداء والمضاربات على سعر الدولار ارتفعت قيمته، مما شجع بعضا من المواطنين على اقتنائه كأداة استثمار، الأمر الذي أسفر عن نتيجتين، أولهما: انخفاض قيمة مدخرات المصريين الذين أبقوا عليها بالجنيه، وذلك بسبب ارتفاع التضخم من ناحية، وانخفاض سعر الصرف أمام الدولار من ناحية أخرى، وثانيهما: ضياع قيمة مدخرات الذين احتفظوا بالدولار، وذلك في الفرق بين قيمة الشراء في السوق السوداء والتي بلغت نحو 36 جنيه في بعض الأحيان والقيمة الحالية التي تدور حول 30 جنيه.
وترك الدولار للسوق السوداء وارتفاع المضاربات عليه. رفع من التحركات على سعره الذي يستخدم لتثمين البضائع المستوردة، وبالتالي أصبحت السوق غير مستقرة بسبب التغيرات المستمرة في السعر، مما يصعب عمليات التسعير على المستوردين من ناحية، ويُغير السعر بطريقة يومية من ناحية أخرى.
وبلغت معدلات التضخم خلال شهر ديسمبر مستويات أعلى من 24.4%، معظمها مستورد من الخارج نتيجة ارتفاع أسعار السلع العالمية المصحوبة بارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، لذلك وعلى الرغم من أن ارتفاع سعر صرف الدولار في المطلق يؤدي إلى ارتفاع مستويات التضخم إلا أن محاربة السوق السوداء ستؤدي إلى انخفاض التضخم، بعد السيطرة على المضاربات وانخفاض الطلب، بما يُخفض السعر.
تخفيف الضغط على الاحتياط النقدي
ومع ارتفاع المضاربات على الدولار وبدأ استعماله كأداة استثمارية، ارتفع الطلب عليه من المواطنين، وانخفض العرض منه من مصادر التدفقات النقدية، وخصوصا من السياحة والصادرات، حيث امتنع التجار والمواطنين عن تحويل ما لديهم من دولارات انتظاراً لارتفاع السعر، مما أدى بالبنك المركزي لمزيد من عرض الدولار من احتياطيه، وفي ذات الوقت انخفضت وارداته منه وهنا بدأ الاحتياط يتراجع حتى جرت السيطرة عليه في الأشهر الأخيرة، مع ارتفاع حصيلة قناة السويس، والصادرات المصرية.
جذب الاستثمار الأجنبي
لا يمكن أن يدخل الاستثمار الأجنبي للسوق المصري طالما هناك سعر صرف غير رسمي أعلى من سعر الصرف الرسمي، حيث سيضطر إلى دخول السوق بأقل من السعر الذي يخرج به، وفي هذه الحالة، يمتنع الاستثمار الأجنبي عن الدخول حتى استقرار أسعار الصرف وتوحيدها. لأنه قد يفقد قيمة معتبرة من استثماراته في حال عدم القضاء على السوق السوداء. كذلك فإن انخفاض سعر صرف الجنيه إلى مستوياته الحقيقية يجعل الأصول المصرية أكثر جاذبية مما يُشجع المستثمرين على الدخول للسوق لاقتنائها.
انخفاض سعر صرف الجنيه يؤدي إلى ارتفاع تنافسية الصادرات المصرية، حيث سينخفض سعرها في السوق العالمي، وبالتالي يرتفع الطلب عليها، يؤدي ارتفاع الطلب على الصادرات إلى تحويل الجنيه المصري في الداخل إلى دولار عبر عمليات التجارة الدولية، ومعها تُخلق فرص عمل، ويرتفع معدل النمو.
خفض الواردات
في عكس العملية السابقة ارتفاع سعر صرف الجنيه يؤدي إلى انخفاض تنافسية الواردات في السوق المصرية، حيث سيرتفع سعرها في السوق، وبالتالي ينخفض الطلب عليها، ويؤدي انخفاض الطلب على الواردات إلى تحويله إلى المنتج المحلي وبالتالي ارتفاع الطلب وخلق فرص عمل للمواطنين.