من منا لا يتعرض للمخاطر، من منا لا يعاني من وقت الضيق، من منا لا يمر بأزمات ومشاكل حياتية، إذا كنا جميعا ـ أنا وأنت ـ نتعرض لكل ذلك، ونسعى باستمرار لتفادي المخاطر، فعلينا بجبر الخواطر.
"جبر الخواطر"، ربما يكون السلوك الإنساني الأسمى والأرقى في حياة الإنسان، فلعل الخاطر الذي تجبره، يُحبه الله، فيُحبك الله بجبرك لخاطر يُحبه، والشخص الذي تجبر بخاطره اليوم، هو نفس الشخص الذي سيجبر بخاطرك، أو بخاطر من تُحبهم غدًا.
أصعب شعور يمكن أن يمر على الإنسان أن يعود مكسور الخاطر، فلا تقسو على الآخرين، ولا تخيبوا "عشمهم" فيكم أبدا، وأجبروا بخواطرهم، خاصة إذا كنتم تريدوا العيش مجبورين الخواطر، وأعلموا أن من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر.
اجعل جبر الخواطر أسلوب حياة، ولا تستخف بأيّ شيء من جبر الخواطر مهما قلّ، "كلمة أو إشارة"، فالقليل منك كثير، وعظيما في قلوب الناس.
الحياة نعيشها بحلوها ومرها، وهي سنة كونية، وأيام يداولها الله بين الناس، فلا تنزعج عندما تُصاب بمكروه ولا تستسلم، ولا تُطل الوقوف على الأطلال، خاصةً إذا سكنتها الخفافيش، وعرفت طريقها الأشباح، وبادر بالبحث عن صوت العصفور خلف الأفق، مع سقوط أشعة الصباح.
تأكد دوما أن بعد العُسر يسر، وفرج قريب، وأشخاص سيجبرون بخاطرك في القريب العاجل، فإذا أغلق الشتاء أبواب بيتك، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان، فلا تستسلم وتفاءل وانتظر قدوم الربيع، وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي، وانظر بعيدًا فسوف ترى أسراب الطيور، وقد عادت تُغني، وسوف ترى الشمس، وهي تُلقي خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر، لتصنع لك عمرًا جديدًا وحلمًا جديدًا وقلبًا جديدًا وخاطرا مجبورا.
الحياة لا تتوقف مع أول أزمة أو مشكلة تتعرض لها، فستمر وتتفادها، بالسعي وانتظار الفرج من الله، وكُن على يقين أنّه آت مهما طال الانتظار، فسيأتي لك الشخص الذي يُعيد لك الحياة من جديد ويجبر خاطرك.
حياتنا قصيرة، فلا تجعل الحزن يحجز مساحات كبيرة فيها، فتجاهل أوجاعك وتناسى همومك، ابتسم فقط وانسج أمنيات جديدة، تفاءل تعش بفرح، وجالس هؤلاء الذين يجبرون الخواطر.
أخبروا قلوبكم أنّها تستحق الفرح، املؤوها بالابتسامة، واستودعوها الله، وكونوا مطمئنين، فالسعادة ليست حلمًا ولا وهمًا، ولا أمر محال، بل هي تفاؤل وحسن ظن بالله وصبر بغير استعجال، وأشخاصا يجبرون خواطرنا.