يزور الرئيس عبد الفتاح السيسي الهند، لحضور احتفالات يوم الجمهورية الهندية، بدعوة من رئيس الوزراء شري ناريندرا مودي، لتكون مصر ضيفا رئيسيا في العيد 74 للهند.
والدعوة في مضمونها تقدير خاص جدا لمصر، ودورها وتاريخها وخصوصية العلاقات بين البلدين، المؤسسين لحركة عدم الانحياز، وعلاقة الصداقة والود التي كانت تربط بين الزعيمين ناصر ونهرو.
وتتزامن مناسبة الاحتفال بيوم الجمهورية مع مرور 75 على العلاقات الدبلوماسية بين مصر والهند.
وتربط البلدين علاقات سياسية متميزة، إلى جانب العلاقات التجارية والاقتصادية التي شهدت نموا ملحوظا خلال الأعوام الماضية، رغم تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.
والزيارة هي الثانية رسميا للرئيس السيسي الى الهند بعد زيارة عام 2016 ضمن جولة آسيوية، والتقى خلالها الرئيس الهندي برناب موخرجي ورئيس الوزراء ناريندرا مودي وكبار المسؤولين في نيودلهي.
وكعادة الرئيس السيسي في الزيارات الخارجية تأتي المصلحة الوطنية في أجندة أولوياته خاصة أن الهند تعد سادس أكبر اقتصاد في العالم وحققت طفرات اقتصادية خلال السنوات الماضية واستطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتي في سلع ومحاصيل زراعية استراتيجية وصناعات متقدمة.
لذلك يرافق الرئيس وفد رئيس المستوى بمن فيهم كبار المسؤولين وخمسة وزراء، ومن المقرر أن تشهد الزيارة اجتماعات مشتركة وثنائيه ومحادثات على مستوى الوفود مع رئيس الوزراء مودي بشأن القضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك مع وزير الخارجية الهندي الدكتور إس جايشانكار خاصة مع تأكيد الخارجية الهندية على "إن نيودلهي والقاهرة تشتركان في "علاقات دافئة وودية تتميز بروابط حضارية وثقافية واقتصادية وروابط عميقة الجذور بين الشعوب" وأن "العلاقة متعددة الأوجه تقوم على القيم الثقافية المشتركة والالتزام بتعزيز النمو الاقتصادي والتعاون في مجالات الدفاع والأمن والتقارب في القضايا الإقليمية والعالمية"
لكن ما أود الحديث عنه هنا هو التجربة الهندية الكبيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات وهي تجربة مثيرة للإعجاب وحققت إنجازات كبيرة حتى أصبحت صادرات الهند حاليا من تكنولوجيا المعلومات ما يقرب من 150 مليار دولار، وسبق لي زيارة الهند في عام 2002 لولاية اندرابراديش وعاصمتها حيدر اباد وتقع في جنوب شرق الهند وعدد سكانها يوازي عدد سكان مصر تقريبا.
وزرت مدينة الهاي تك سيتي، وهي مدينة صناعة تكنولوجيا المعلومات في العاصمة وهي واحدة من مدن المعلومات المنتشرة في الهند وأهمها بالطبع في بنجالور وفق للخطة الاستراتيجية للدولة للنهوض بقطاع تكنولوجيا المعلومات خلال 20 عاما بدأت في نهاية التسعينات، وبالفعل حققت المعدلات المتفق عليها
والطموح الهندي لا يقف عند هذا الحد – كما قال أومكار راي مدير عام مناطق تكنولوجيا البرمجيات في الهند – فبلاده تستهدف زيادة حصتها السوقية من منتجات البرمجيات في العالم بمقدار 10 أمثال بحلول 2025.
التجربة الهندية في مجال صناعة تكنولوجيا المعلومات تستحق الدراسة والمتابعة والاستفادة منها، فلم تصل الهند الى هذا المستوى الا في وجود نحو 4.47 مليون مهندس هندي يعملون في هذه الصناعة. فقصة الصحوة الاقتصادية ومنها التكنولوجية مثيرة ومدهشة مثل قصة الهند أم العجائب".
الهند تركز حاليا على كل التقنيات الصاعدة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات التسلسلية إلى جانب دعم القطاعات ومراكز التفوق المحددة. والتوقعات بالنسبة للاقتصاد الهندي أن يعود مكانته كخامس أضخم اقتصاد على مستوى العالم في 2025 والصعود إلى المركز الثالث بحلول 2030، متجاوزة المملكة المتحدة وألمانيا واليابان، حسب مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني
خطة الهند بدأت ببساطة عام 98 بقيادة مهندس اسمه باليجا وكان يشغل منصب رئيس مؤسسة تطوير الإلكترونيات الحكومية، ومنحته الحكومة الهندية الثقة وكافة الصلاحيات بعد دراسة خطة للنهوض التكنولوجي على مدار 10 سنوات بدأت بتخصيص منطقة كبيرة فى جنوب مدينة بنجالور الفقيرة لتنفيذ "مجمع المدينة"..لتكنولوجيا المعلومات “.بعد عام واحد أصبح هناك 7 معاهد تكنولوجية متطورة التحق بها ٥٠ الف طالب متفوق تم منح كل واحد حاسوب آلي (لا بتوب) وخط للإنترنت مجانا. وبعث بحوالي 2400 طالب متفوق منهم للدراسة فى أمريكا وانجلترا وألمانيا.
وبدأت خطة جذب الشركات الأجنبية المتخصصة ومنحها المزايا والاعفاءات بشرط تشغيل ألاف هندي لدى كل شركة. ونجح المشروع وانتقلت اكبر 103 شركة تكنولوجية عالمية مثل فيربو، هيوليت باكرد، موتورولا، إنفوسيس، سيمنز، آي تي ، ساتيم
أثمرت التجربة عن انشاء 1500 شركة هندية خالصة لعمل البرامج و الكول سنتر .وقررت الحكومة الهندية انشاء ثلاث مدن اليكترونية فى مدن هندية اخرى .
بنجالور وحدها تصدر برامج وخدمات تكنولوجية بحوالي ٣٣ مليار دولار مع ان عدد السكان فى مدينة بنجالور تضاعف ٤ مرات فى اخر ٢٠ سنة من ٣ مليون الى ١١ مليون نسمة الا ان متوسط دخل الفرد زاد ١٢ مرة واصبحت بنجالور مدينة عصرية حديثة.
لم يقف الطموح عند ذلك حيث تم تدريب نحو 4 ملايين طالب في 1832 مؤسسة تعليمية متخصصة في التكنولوجيا الحديثة من تقنيات البلازما والنانو والخلايا الجذعية وكل المجالات الحديثة فى العالم لتلحق بركب التطور .
التجربة الهندية في النمو بدأت مع التجربة المصرية في الخمسينات. وفي ظني أن ما فات فات وعلينا الاستفادة الآن من التجربة التكنولوجية الهندية والإسراع بها ودراسة عوامل نجاح التجربة الهندية، فالكتلة البشرية الهائلة، للبلاد، -1.4 مليار نسمة- عامل مساعد .انتشار الجامعات والمعاهد التقنية على تخريج أعداد هائلة من إخصائيي تكنولوجيا المعلومات عامل مساعد آخر.